على الرغم من أن عمر القرن الحادي والعشرين لا يتجاوز الاثنين وعشرين عاماً، إلا أن التغيير هو بالفعل السمة المميزة لحال الكنيسة في المملكة المتحدة.
قبل عام 2000 تم تلخيص التقييم العام للكنيسة في كلمة واحدة: "تراجع".
ربما للمرة الأولى منذ ألف عام، انخفضت نسبة الأشخاص الذين يقولون إنهم مسيحيون في إنجلترا وويلز إلى أقل من 50%، وفقاً لبيانات من مكتب الإحصاءات الوطنية في المملكة المتحدة (ONS).
وفي وقت سابق من هذا الشهر، تم تحديث أرقام التعداد السكاني، والصورة التي يرسمها التعداد الأخير قاتمة بالنسبة لمستقبل المسيحيين في بريطانيا.
في عام 2011، تم تحديد ما يقرب من 60% من الأشخاص المقيمين ببريطانيا كمسيحيين. لكن الآن تلك النسبة لا تتجاوز حاجز الـ51%.
علاوة على ذلك، يعتقد على نطاق واسع أن نتائج تعداد عام 2021 تمثل انخفاضاً إضافياً في هذه الأرقام، مما يحول إنجلترا وويلز على الأرجح إلى دولة ذات أغلبية غير مسيحية.
وفي محاولة لوقف الانخفاض في عدد المصلين، أنفقت الكنيسة البريطانية أكثر من 335 مليون دولار على برنامج "التجديد والإصلاح" بين 2017-2020، على ما يبدو دون جدوى.
ووصفت كنيسة إنجلترا، التي تمثل معظم المسيحيين والكنائس في جميع أنحاء البلاد، التحدي الحالي بأنه "جدي وعميق الجذور".
ومن بين التحديات التي تواجه الكنيسة البريطانية جماعة الشيخوخة (متوسط عمر مرتادي الكنيسة هو 61)، وانخفاض في أعضاء رجال الدين الذين يتقاضون الرواتب، والافتقار إلى الرؤية بين بعض رجال الدين لخلق "مستقبل أفضل" للدين المسيحي، وافتقار القيادة الكنسية لطريقة مواجهة تحديات المستقبل والجمود المؤسسي.
تقع كنيسة إنجلترا، التي تأسست منذ أكثر من 500 عام، على قمة بعض أرقى الأراضي العقارية في البلاد.
وقد قدر البعض أن كنيسة إنجلترا لديها أكثر من 10 مليارات دولار أمريكي من الأصول، والتي حققت ما يقرب من مليار دولار أرباحاً سنوياً.
وبالإضافة إلى ذلك، تستفيد كنيسة إنجلترا من المنح الحكومية التي تعني إنفاق ملايين الدولارات على صيانة بعض المباني الأكثر شهرة وثقافة وثراءً من الناحية المعمارية في البلاد.
ووجدت إحدى الدراسات التي تبحث في تأثير الكنائس على المجتمع البريطاني أن "الكنائس القديمة، بأجوائها الروحية ونشاطها الاجتماعي، كانت تساوي 55 مليار جنيه إسترليني من القيمة الاقتصادية والاجتماعية للمملكة المتحدة كل عام".
إذاً، المال ليس في الحقيقة مشكلة لكنيسة انجلترا. فما الذي يدفع هذا الانخفاض بالنسبة لمؤسسة كانت محورية للغاية في نسيج الأمة البريطانية؟
كان متوسط عدد المصلين في الآحاد بالكنيسة الأنجليكانية "27" فقط في عام 2019، وكان ذلك قبل جائحة كوفيد-19 الذي عطل الحياة اليومية في العامين الماضيين. ووفقاً لأرقام الكنيسة الخاصة، أدى جائحة كوفيد-19 إلى تحفيز الانخفاض في الحضور الكنسي.
وفي وقت سابق من هذا العام، توقعت كنيسة إنجلترا أن الوباء يمكن أن يؤدي إلى عدم عودة ما يقرب من 20% من المصلين إلى الكنيسة، والتي ستكون واحدة من أكثر الانخفاضات دراماتيكية في تاريخ الكنيسة. كما أدى الوباء إلى انخفاض بنسبة 20% في التبرعات، مما جعل العديد من الكنائس قابلة للحياة من الناحية المالية، وهو ما سيؤدي بدوره على الأرجح إلى انخفاض في عدد رجال الدين المأجورين.
بينما قد تصبح إنجلترا أقل مسيحية، فإنها لا تصبح بالضرورة أقل تديناً.
فواحدة من الديانات الأسرع نموا في إنجلترا هي الإسلام. وبين عامي 2001 و2009، نما الإسلام أسرع بعشر مرات من معظم الأديان الأخرى.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.