هيمنة إقليمية واستقرار طويل المدى للمحافظين.. بماذا تحلم إيران في 2022؟

عربي بوست
تم النشر: 2022/01/20 الساعة 11:47 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/01/20 الساعة 11:47 بتوقيت غرينتش
المرشد الأعلى في إيران علي خامنئي - رويترز

كان عام 2021 عاماً صعباً للغاية على إيران، كما كان بطبيعة الحال صعباً على بقية دول العالم بسبب فيروس كورونا، الذي أثر على شتى نواحي الحياة. لكن البلد المحاصر اقتصادياً مر بالكثير من المحطات الفارقة في مسيرته السياسية في العام المنصرم، عودة المحافظين للحكم ووصول رئيسي للرئاسة، وسيطرة طالبان على جارتها أفغانستان وغيرها.
في هذا المقال أحاول رصد أبرز الأحداث التي أثرت وتؤثر على إيران، الدولة الطامعة في الهيمنة على محيطها والمحافظة على نطاقات نفوذها القائمة بالفعل.

  1. تنصيب الرئيس جو بايدن في يناير/كانون الثاني عام 2021 رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية، وقد كان بايدن قد صرح أنه ينوي العودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي) مع طهران إذا عادت إيران أيضاً إلى الامتثال الكامل لشروطه. وأنه ينوي كذلك الانخراط دبلوماسياً مع طهران في قضايا أخرى، ولكنه وضع شروطاً للعودة للاتفاق النووي، أولها وضع المشروع البالستي الإيراني تحت المجهر الدولي، ما يعني إضافة بنود جديدة للاتفاق. والاتفاق مع طهران على ضبط "أنشطتها العدوانية" في المنطقة، بمعنى وقف تدخلاتها في سوريا واليمن ولبنان، وهذا أيضاً هو الموقف الأوروبي.
  2. تنصيب رئيس حزب المحافظين الإيراني إبراهيم رئيسي رئيساً لإيران عن طريق انتخابات عقدت شهر يونيو/حزيران 2021، وبفوز رئيسي يعود المحافظون الإيرانيون إلى السلطة بعد ثماني سنوات من حكم الإصلاحيين بقيادة حسن روحاني. وعمل رئيسي منذ قدومه على الإطاحة بالإصلاحيين من المناصب القيادية داخل الدولة. كما عمل على تهميش وإسكات أغلب الرموز الإصلاحية في البلاد من خلال قراراته النافذة ومن خلال فتح المنابر الإعلامية لكل الأصوات المنتقدة للإصلاحيين وفترة حكمهم.
  3. سيطرة طالبان السريعة على كابول في أغسطس/آب 2021، ترغب إيران -التي تشترك في حدود يبلغ طولها حوالي 900 كيلومتر مع أفغانستان- أن تلعب دوراً أكبر في كابول في مرحلة ما بعد الانسحاب الأمريكي. ولقد كانت طهران على شفا الحرب مع طالبان في عام 1998 وتعاونت مع الولايات المتحدة الأمريكية للإطاحة بطالبان في عام 2001، ولكن مع تغير الوضع بعد العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، بدأت في التعاون مع طالبان ضد الوجود الأمريكي في أفغانستان. لكن يبقى تربع طالبان على عرش أفغانستان كقوة وحيدة في البلاد خطاً أحمر لإيران. فبعد التقدم السريع لطالبان خلال الأشهر الأخيرة، والذي هدد وجود الحكومة المركزية، استضاف وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف وفدي طالبان وكابول في طهران، في 7 يوليو/تموز الفائت، وحث ظريف خلال الاجتماع الطرفين على العودة إلى طاولة المفاوضات، قائلاً: "إن القادة السياسيين في أفغانستان يجب أن يتخذوا قرارات صعبة".
  4. مظاهرات المياه في أصفهان، يهدد الجفاف إيران منذ عقود جراء تعرضها لتغيرات مناخية ولعوامل بيئية وإنسانية وسياسات مائية خاطئة، تسببت في تراجع هطول الأمطار على أراضيها، تبعه انخفاض حاد في مخزون المياه الجوفية، ما أدى إلى اشتعال مظاهرات شارك فيها آلاف المزارعين لمطالبة السلطات بفتح سدود المدينة لإغاثة المناطق المنكوبة بالجفاف.
  5. توقيع اتفاقية تعاون شامل مدتها 25 عاماً مع الصين، تعهد البلدان في ذلك الحين في بيان مشترك بـ"إجراء مفاوضات لإيجاد اتفاق تعاون موسع لمدة 25 سنة" ينص على "تعاون واستثمارات متبادلة في مختلف المجالات، ولا سيما النقل والموانئ والطاقة والصناعة والخدمات".
  6. استمرار التهديدات الإسرائيلية للأهداف نووية داخل إيران، مع تزايد التوترات بين طهران وتل أبيب جراء تصاعد الدعوات في تل أبيب لتوجيه ضربة إلى المنشآت النووية الإيرانية، وتلويح تل أبيب بإمكانية انفرادها بضرب طهران، ردت إيران بالتلويح بإمكانية قيامها بقصف مفاعل ديمونة الإسرائيلي.
  7. مصير رئيسي، وقعت العديد من الأحداث المختلفة في السياسة الداخلية الإيرانية في عام 2021. كان أهمها بلا شك انتخاب إبراهيم رئيسي رئيساً للبلاد، وقد فاز رئيسي في الانتخابات التي أجريت شهر يونيو/حزيران من العام الماضي شارك فيه ما يقارب 48% من الشعب على عكس الانتخابات الي سبقتها والتي شارك فيها ما يقارب 78% من الشعب.
    على الرغم من الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها إيران لكن رئيسي وعد بالعمل على حل هذه المشاكل عن طريق العمل التشاركي مع الأطراف المسؤولة. على الرغم من أنه من السابق لأوانه إجراء تقييم شامل للرئيس، لكنه شخص صعد سلم الحياة السياسية واستطاع الوصول بشكل سريع بسبب الدعم الذي يقدمه له جيش الحرس الثوري الإيراني المكلف بانتخاب قائد الثورة.
    ومع ذلك، أدت الأخطاء الفادحة الناجمة عن قلة خبرة رئيسي في الساحة السياسية إلى تضافر الجهود لإعادة تنظيم صفوف الشخصيات السياسية ذات الخبرة والقدرة الكبيرة، وخاصة حسن روحاني وعلي لاريجاني، اللذين تم إبعادهما عن المشهد السياسي وهذا ما يدلل على أن مهمة الرئيس رئيسي لن تكون بالسهولة المتوقعة. على غرار الحكومة السابقة، والتي تعرضت لانتقادات شديدة بسبب عدم كفاءتها الاقتصادية وتوقيعها على "الاتفاق النووي" فقد أدت محاولات الرئيس الجديد وحكومته للرجوع إلى خطة العمل الشاملة المشتركة والانكماش الاقتصادي لجعل إيران بيئة مناسبة للمعارضين الساخطين.
  8. محادثات فيينا والعلاقات الأمريكية الإيرانية. على صعيد السياسة الخارجية، فإن من أهم القضايا في إيران الأنشطة النووية للبلاد وردود الفعل عليها، فعلى الرغم من بدء محادثات فيينا في شهر نوفمبر/تشرين الثاني العام الماضي، فإن مصير هذه المحادثات لا يزال مجهولاً، وبينما ترى الولايات المتحدة والدول الأوروبية أن موقف طهران ليس بناءً ترى روسيا أن المحادثات تسير بشكل إيجابي من الممكن أن يصب في مصلحة جميع الأطراف، وقد التزمت الصين الصمت ولم تصدر أي تصريح فيما يخص محادثات فيينا.

    ومن الجدير بالذكر أن أنشطة إيران النووية لم تتوقف بينما كانت محادثات فيينا مستمرة وهذا ما أزعج إسرائيل ودفعها للتحدث مع الولايات المتحدة بهدف الضغط على إيران.
الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي/رويترز

في واقع الأمر، كانت هناك زيادة ملحوظة في الأخبار والتعليقات في الصحافة الدولية بأن إسرائيل تفكر في توجيه ضربة جوية لمنشآت إيران النووية، ومع ذلك فإن ضرورة حصول إسرائيل على موافقة من البيت الأبيض لمثل هذا الهجوم يجعلنا نعتقد أن الخيار العسكري ليس واقعياً، لا سيما أن الولايات المتحدة الأمريكية بسياساتها الجديدة تحاول الابتعاد عن التدخلات العسكرية.
ومع ذلك، إذا لم يتم إحراز تقدم في محادثات فيينا في وقت قصير، فيمكن توقع زيادة حدة الرد الإسرائيلي كماً ونوعاً، بالإضافة إلى بعض العقوبات الجديدة.

على الرغم من أن العديد من الأشخاص المؤثرين في الولايات المتحدة يجادلون بأن إيران يجب أن تقدم تنازلات شاملة بشأن أنشطتها النووية، والصواريخ الباليستية، وحتى تقنيات الطائرات بدون طيار، فإن العديد من المحللين الذين يدركون أن واشنطن لا تملك الأدوات اللازمة لتوجيه إيران لتقديم مثل هذه التنازلات.
يؤكد العديد من المسؤولين أن الصراع بين الولايات المتحدة وإيران لا يفيد المصالح الوطنية للولايات المتحدة.

ستجبر الفترة القادمة الولايات المتحدة و إسرائيل لقبول إيران كقوة نووية وإقليمية لأنه، على الرغم من حقيقة أن كلا البلدين قد أظهر قدرته على توجيه ضربات قاسية إلى إيران في السنوات القليلة الماضية، فإن هذه الضربات لم تكن قادرة على وقف مسيرة طهران طويلة المدى بشكل استراتيجي.

وبالنظر إلى إحجام الولايات المتحدة عن استخدام القوة العسكرية المكثفة وانسحابها الفاشل من أفغانستان والعراق، يبدو أن إيران ستواصل سياستها القائمة على "لا حرب ولا تنازلات".

ستواجه إيران، مثل العالم بأسره، العديد من العوامل المزعزعة للاستقرار مثل الآثار السلبية لتغير المناخ بعد الوباء العالمي، والكساد الاقتصادي، ومشاكل الأمن الغذائي، وظهور الانزعاج الاجتماعي في العام الجديد. بالإضافة إلى ذلك  ستستمر الجمهورية الإسلامية في الحفاظ على مظهرها الحالي في العام الجديد، سواء أكان ذلك من خلال تدابير الضمان الاجتماعي التي اتخذتها كوادر الدولة أو سياسات الدعم الاجتماعي التي وضعتها موضع التنفيذ.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

زيد إسليم
كاتب وباحث فلسطيني
تحميل المزيد