مساهمة المرأة الصومالية في مقالات الرأي بالآونة الأخيرة.. كيف أحدثت فرقاً؟

عربي بوست
تم النشر: 2022/01/16 الساعة 11:50 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/01/16 الساعة 11:50 بتوقيت غرينتش
فتاة صومالية - iStock

تساهم المرأة الصومالية، في الآونة الأخيرة، بكتابة مقالات الرأي على المواقع الإلكترونية الإخبارية، ومواقع التواصل الاجتماعي، والصحف، والمجلات، ولكن هناك تساؤل يتم تداوله كثيراً ضمن فئات معينة من شرائح المجتمع، يتمثل بضرورة معرفة أهمية وفائدة مشاركة المرأة الصومالية في مقالات الرأي الواسعة الانتشار، وما الذي تضيفه المرأة الصومالية عبر مقالات إبداء الرأي؟

بداية، مقال الرأي هو بحث إنشائي قصير ونوع من أنواع الكتابة والإبداع الأدبي، يتسم بالموضوعية وسلاسة الأسلوب ووضوح وبساطة اللغة التي أحياناً ما تكون بالعامية وتعمل على جذب القراء، وهو وسيلة تُظهر فيه المرأة براعة اكتشاف قواعدها الفكرية ومضمون تصورها الذهني المستقل تجاه موضوع، موقف، ظاهرة، مشكلة أو حتى كتاب قامت بقراءته؛ وذلك لتقديم تقدير وحكم مبنيّ على ما تراه صحيحاً، اعتقادها وقناعتها الذاتية بالاعتماد على ما يستنبطه عقلها خلال الظروف والملابسات، الأحوال الاجتماعية، قدرتها على تفسير الحقائق، والتحليل والتفكير النقدي.

كتابة المرأة الصومالية لمقالات الرأي تساعدها على الخوض في أفكارها الشخصية والتوصل إلى استنتاجات فكرية أصيلة وتقديم آرائها بشفافية ومنطقية، وتنمية مهاراتها الكتابية، مما يحفزها على الخروج من القوقعة المنحصرة والمقيدة فكرياً التي يتم حصارها بها من قبل أولئك الذين يسعون إلى التحكم في العقول وتحديد الأفكار والأولويات للآخرين، لتقوم المرأة باستخراج المكنون من الإبداعات والمواهب الفكرية التي تملكها، وتشاركها ليس مع مجتمعها فقط ولكن مع العالم الذي يتوق إلى ابتكارات فكرية جوهرية، وعالم القراء الذي يقدّر ويحترم الفكر الجديد ويشجع عليه ويهتم كذلك بالعمل والأخذ به.

يُحدث رأي المرأة.. فارقاً

مقالات الرأي التي تساهم بها المرأة الصومالة لا تشبه الخطابات بأنواعها، فهي على العكس تماماً وتنطلق من فرضية غير اعتيادية ومختلفة عن تلك التي في الخطابات التي دائماً ما تحاول فرض مبادئ السلطة والقوة للسيطرة على العقول والتحكم في أفعال الآخرين بتقديم أفكار أحادية، في حين أن مفادها الأساسي هو جذب الناس لفكرة أو مسألة معينة للنقاش، وإيجاد الحلول بطريقة تسمح للمشاركين في هذه العملية بالتفكير والتعبير، والنقد البناء، وإظهار الإعجاب نحو كل ما يثير اهتمامها أو فضولها، وتجسيد المرأة الصومالية لهذه المعاني والدلالات والأفكار إلى ألفاظ ونصوص متناسقة ومحاولة بثها عبر مقالات الرأي بثاً مثيراً للاهتمام وحذقه.

ولرأي المرأة الصومالية فارق لا يمكن الاستخفاف والاستهانة به، تسطره عبر سطور قليلة موجزة تحمل فكرة ومضموناً مختلفاً يساهم في التأثير بالمجتمعات بطريقة إيجابية من خلال:

▪︎ نشر وزيادة الثقافة والقيم الأخلاقية.

▪︎ تسليط الضوء على المشكلات الاجتماعية، السياسية والفكرية.

▪︎ التوعية والتنبيه لقضايا حقوق الإنسان ولفت النظر لها، والمطالبة بحقوق الأفراد والمجتمعات المهمشة والدفاع عنهم ضد من يسلبهم كرامتهم.

▪︎ نشر المبادئ والمفاهيم الإنسانية بين الثقافات والمجتمعات المختلفة.  

▪︎ وسيلة سلمية تعتمدها المرأة للمقاومة الفكرية ضد القمع والاستبداد الذي تمارسه الأنظمة السياسية الجائرة بتقديم معلومات نزيهة ودقيقة ومدعومة بالحجج والبراهين، والآراء الصادقة التي تعبر عن موقف جماعي لمجموعة مستضعفة مستبدة تطالب بحقوقها الشرعية المتجاهلة والمهمشة.

▪︎ الدفاع عن المرأة ومحاربة الظواهر الانحرافية التي كثيراً ما تنسب إليها من غير مبررات، غالباً تكون ناجمة ضيق الأفق الفكري وعدم القدرة على تقبل اختلاف وإمكانية المرأة على اتخاذ مواقف ووجهات نظر مغايرة، وخروجها من المحددات الاجتماعية سواء كانت إيجابية أم سلبية وعدم التقيد بها؛ وذلك لقدرتها على اكتساب محددات أخرى وتنقيح تلك المحددة واختيار المناسب منها فقط.

الآراء والقناعات الشخصية ليست بحاجة لحماية القانون وليست هناك حدود لا تستطيع تجاوزها، فهي مباحة متاحة للجميع لتواصل وتفاعل فعال بين المجتمعات وتمكين وتوفير وسائل الثقافة بينهم، لذلك مقالات إبداء الرأي التي تشارك بها المرأة مهمة جداً لتغيير كثير من السلبيات في المجتمعات المختلفة وإحداث تغيرات جذرية ذات فائدة كبيرة عليهم بشكل خاص والعالم بشكل عام.

إبداء المرأة لرأي، يندرج أولاً ضمن مبدأ حرية التعبير، وثانياً ضمن مبدأ حرية الفكر اللذين يعتبران حقاً أساسياً من حقوق الإنسان كما هو مدون في المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي ينص على أن حرية اعتناق الآراء دون أي تدخل، واستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة كانت دون تقيد بالحدود الجغرافية، ومن ها هنا نلاحظ أن مقدرة المرأة على المساهمة وتقديم الأفكار والآراء في الأصل حق مشروع دولياً وعالمياً، هدفه الأساسي هو تعزيز المرأة والمشاركة في جميع العمليات ذات الأبعاد السياسية والاجتماعية لزيادة مساعدة النساء لاكتساب مهارات تعليمية وتثقيفية مهمة تساعدهن على معاينة وعرض رؤى متنوعة ومعلومات تساهم على حياة أفضل لهن داخل مجتمعاتهن وبلدانهن.

تعد مساهمة المرأة الصومالية الكبيرة في هذا النشاط فرصة لجميع النساء الأخريات الراغبات في إبداء آرائهن ومشاركة طموحاتهن الشخصية وتجاربهن لتحقيق أكبر قدر من الاستفادة العامة ومساعدة كثير من النساء حول العالم لزيادة الآفاق الإدراكية والفكرية، والقدرة على تبني مواقف وتصورات جديدة ومختلفة والتعبير عنها بحرية، ودعم بعضهن لإنجاز ما هو أفضل لهن ولمجتمعاتهن، وتأكيد أنه باستطاعتهن ذلك دون تعرضهن لأي هجوم مباشر أو غير مباشر.

في الختام، نحن نعيش في عالم متغير باستمرار، يكثر فيه الأشخاص الذين يأخذون القيمة من كل شيء قيّم ويحاولون بشتى الطرق دحض أهمية التعليم، والتفكير وتقديم وجهات النظر المتنوعة والمختلفة وقبولها أو حتى على أقل احترامها، لذلك وجب توضيح وتوعية وإثارة الانتباه إلى أهمية تحقيق فرص متكافئة بين الجنسين وتذويب سيطرة وتخصيص نوع واحد في مجال إبداء الآراء بعدم بسط السلبية، وإبراز قدرة النوعين على التفنن في طرح المواضيع ومناقشتها بأساليب وفنون مختلفة ليتجاوب معها الجميع، زيادة مساهمة المرأة في جميع مجالات الرأي المتوافرة وليس فقط مقالات إبداء الرأي لإحداث التأثير بالمجتمعات ودعم ثقافة احترام وتقبل الآراء ضمن المجتمع، وتعزيز أهمية وفائدة حرية الفكر والتعبير، وكذلك زيادة مشاركة المرأة وتشجيعها على الخوض والتعلم والإبداع في المجالات الكتابية، الأدبية والإعلامية.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

ليلى جامع
كاتبة وباحثة صومالية
كاتبة وباحثة صومالية
تحميل المزيد