يبدو أن تكنولوجيا البذور السحابية والطرق الجديدة لبذر السحاب وتصنيع الغيوم واعدة، وقد تساعد بشكلٍ عملي على التخفيف من ظروف الجفاف في جميع أنحاء العالم، رغم العديد من المخاوف البيئية التي تهدِّد هذه الطرق مثل الطرق السابقة التي تنطوي على مشاكل الملح.
لكن تكنولوجيا البذور السحابية الموجودة منذ حوالي 70 عاماً مختلفة قليلاً، إذ بدأت تجربتها الأولى في العام 1946 من قبل الباحث الأمريكي فنسنت شايفر، في هذه التجربة، أسقط شايفر 2.7 كيلوغرام من الجليد الجاف من السحب في نيويورك، وبدأ الثلج في التساقط.
ما هي تكنولوجيا البذور السحابية؟
تتضمن هذه التقنية إطلاق مواد كيميائية أو شحنات كهربائية في السحب. وأشهر المواد الكيميائية المستخدمة في هذه التجارب هي يوديد الفضة. ثم تعمل هذه المادة الكيميائية عن طريق جذب قطرات الماء داخل السحب والتي تتجمد عندما تتجمع.
ومع زيادة الترابط بين القطرات، تصبح هذه الكتلة من قطرات الماء المجمدة ثقيلة جداً بالنسبة للسحابة، وفي النهاية يسقط كالثلج، ما يعني فرص ارتفاع منسوب المياه في الدول المستخدمة للتقنية، فعندما تبدأ كتلة الثلج في الذوبان في الربيع، يمكن أن يكون الجريان السطحي الناتج مصدراً رئيسياً للمياه للسكان.
في حين أظهرت الدراسات نتائج مختلطة لتجارب تعديل الطقس هذه، وقد أظهرت بعض النتائج أن الغيوم المصنفة يمكن أن تخلق حوالي 5% إلى 15% أكثر في نسبة تساقط الثلوج.
طائرات بدون طيار في الإمارات العربية المتحدة
هناك تقنية أخرى استخدمتها الإمارات العربية المتحدة للاستمطار مؤخراً، عندما استخدم المركز الوطني للأرصاد الجوية (NCM) طائرات بدون طيار للتحليق في السحب وإطلاق الشحنات الكهربائية اللازمة لاستمطار السحب.
إذ تعمل هذه الشحنات الكهربائية بشكل مشابه لـ"يوديد الفضة" من خلال مساعدة قطرات الماء على الاندماج وتشكيل الترسيب. وباستخدام هذه الطريقة، أمكن تجنب إطلاق المواد الكيميائية في الهواء وإطلاق الشحنات الكهربائية ببساطة بنفس النتيجة.
وعادة ما تشهد الإمارات أقل من أربع بوصات من الأمطار سنوياً، مما يتسبب في ندرة المياه لتكون مشكلة كبيرة للبلاد، فيما تتم تلبية ثلثي احتياجات الإمارات من المياه من خلال استخدام المياه الجوفية، وقد أصبح هذا الاعتماد مشكلة بسبب ارتفاع درجات الحرارة؛ مما تسبب في ارتفاع مستويات التبخر وزيادة الطلب نتيجة لتزايد عدد السكان.
كما أظهرت الدراسات أن استمطار السحب يمكن أن يزيد هطول الأمطار بنسبة 35%، لذلك يأمل المركز الوطني للأرصاد الجوية أن تساعد هذه الزيادة في هطول الأمطار في التخفيف من أثر ندرة المياه في المناطق التي تكافح.
الجفاف حول العالم
يتأثر حوالي 55 مليون شخص كل عام بالجفاف وندرة المياه، كما يهدد الجفاف الماشية والمحاصيل، ويزيد من الأمراض والوفيات ويؤدي إلى زيادة الهجرة. فيما يعاني ما يقرب من 40% من سكان العالم من ندرة المياه، والمياه ضرورية للزراعة، ما يعني أن نقص المياه يمكن أن يؤدي إلى سوء التغذية وانعدام الأمن الغذائي.
علاوة على ذلك، تتأثر النساء أيضاً بشكل غير متناسب بندرة المياه. وفي كل عام، تضيع أكثر من 40 مليار ساعة في الحصول على المياه في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وهي وظيفة مخصصة بشكل رئيسي للنساء، حيث يطلب من هؤلاء النساء التغيب عن المدرسة أو حتى الانقطاع عن الدراسة للبحث عن الماء، ما يتركهن عالقات في دائرة الفقر مع فرص قليلة.
تجارب استمطار السحب
على مر السنين، لم تكن نتائج تجارب تعديل الطقس حاسمة، ومن الصعب للغاية إتقان هذه التجارب بشكل يضمن نتائج عظيمة، خصوصاً أنها تقنيات تعتمد على الظروف الجوية، وبما أن الطقس لا يمكن التنبؤ به ويمكن أن يتغير بسرعة، فمن الصعب تحقيق ذلك. لكن نأمل أن يؤدي المزيد من التطور العلمي إلى نتائج أكثر إيجابية.
لكن الجانب الإيجابي هو أن البيانات تشير إلى أن أن تكاليف تقنية استمطار السحب هي بضعة دولارات فقط للفدان، وهي نسبة بسيطة جداً مقارنةً بتقنيات أخرى لتوفير المياه مثل إعادة التدوير وتحلية المياه، إذ يمكن أن تكلف في كثير من الأحيان مئات الدولارات لكل فدان من المياه.
لكن على الأقل، أظهرت البيانات الحديثة أهمية متابعة تقنية البذور السحابية بمزيد من البحث، خصوصاً مع استمرار المنظمات في جميع أنحاء العالم في الضغط من أجل البحث في هذه التكنولوجيا.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.