فيلم don’t look up.. كيف يُجسد واقع البشرية بشكل مخيف؟

عدد القراءات
958
عربي بوست
تم النشر: 2022/01/05 الساعة 09:37 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/01/05 الساعة 09:37 بتوقيت غرينتش
الفيلم الأمريكي الجديد don't look up

رأينا المذنَّب منذ اللحظة الأولى، وفهمنا ما سيحيق بوطننا من خراب عندما يصطدم به، ذلك الاصطدام الذي تأكدنا أنه حادث لا محالة، ولما صرخنا في قومنا أن تنبَّهوا للخطر القادم عليكم فإنا لكم من الناصحين، ألفينا أنفسنا أمام ٣ أنواع من الأعداء.

العدو الأول: معتد برأيه لا يرى رأياً إلا رأي نفسه، يأنف أن يسمع من غيره، لأنه صاحب تاريخ طويل ومن المستحيل أن يوجد له ندٌ أو مثيل، وأين هؤلاء الشباب الصغار من خبرته وحنكته وبُعد نظره، كيف تجاسر هؤلاء الشباب على رؤية ما لم تره عيناه، تلك العيون التي اشتهرت منذ نصف قرن بحدة الإبصار، كيف يشككون في قدرته وجدارته، هل يريدون منه أن يترك مقود السفينة لهم ليغرقوها بتهّورهم وطيشهم!، لا وألف لا، يجب أن تقف حكمتي وعقلي الراجح أمام قلة خبرتهم كسد منيع يحول بينهم وبين إغراق الوطن بقلة عقلهم!

والعدو الثاني: فاسد لا يتحرك إلا ليخدم نفسه، وطنه هو مصالحه، والصواب عنده هو ما يزيد من رصيده في البنك، وهذا الرصيد فقط ما يُملي عليه إلى أي صف يقف. المقدس، الواجب، الضمير، كلمات لا يعرف لها أي معنى، ينظر إلى كل شيء على أنه صفقة تجارية.

والعدو الثالث: جبان يعرف الحق ويخشى من دفع فاتورة الصدح به، ولا يريد في نفس الوقت أن يعترف بمرضه أمام نفسه وأمام الناس، فيحاول خلق الحجج المُمَنطقة- أي التي ترتدي ثوب المنطق وهي أبعد ما تكون عن ذلك- ليقنع نفسه أنه على الحق في اختياره لطريق الجبناء الذي لا عودة فيه، ويسمي جُبنه تعقلاً وحكمة ليشعر ببعض راحة الضمير الخادعة، ويحتفظ في نفس الوقت بصورته أمام الناس؛ لذلك تجده يشعر بالعداء الشديد لكل من يطرح طرحاً قد يفضح جبنه الذي حاول إخفاءه بكافة السبل.

تكالب هؤلاء على معارضة كل ما نقوله من حقائق مؤكدة فقط لأنه خالف أهواءهم، دون حتى أن يحاولوا تجميل شكلهم، التهم عندهم كانت جاهزة معلبة، تنتظر فقط أن يضعوا عليها اسم من يعارضهم؛ أنت إرهابي، أنت شاب أهوج، لديك نقص رهيب في الخبرة، أنت عميل، أنت مجرد طالب للشهرة، هل تطمع في الكرسي الذي أجلس عليه لنفسك؟……. قائمة طويلة!

الآن وقد تأكدوا جميعاً من فداحة الخطر المحدق، يطلبون من الناس ألا تنظر إلى السماء، حتى لا تشاهد عيونهم الكارثة التي أوشكت على الحدوث، والتي كانوا سبباً أساسياً في وصولها إلى نقطة ألا حل، أصبح مجرد النظر إلى السماء جريمة لا تغتفر، ومن يدعو لها مجرم يجب أن يُستأصل حفاظاً على سلم المجتمع.

أتدرون ما هي المشكلة الكبرى؟ أن مصيرنا وهؤلاء الأوغاد واحد، والمذنب سيدمرنا جميعاً، ولكن مهلاً فهذه ليست حقيقة، فهولاء أعدوا لأنفسهم سفن النجاة التي سيهربون بها من وطننا منذ وقت طويل، وكأنهم كانوا يعرفون أن مصير هذا الوطن هو الهلاك على أيديهم سواء بتلك الكارثة أو غيرها، وكل صاحب عينين يستطيع رؤية أنهم اتبعوا سياسة الأرض المحروقة في كل شبر لمسته مخالبهم!

الحقيقة هي أن مصيرنا ومصير من صدقوهم ورفضوا مجرد النظر إلى فوق رؤوسهم واحد، وسينزل المذنب علينا جميعاً إن لم يتداركنا الله برحمته.

على كل حال، فنحن وإن فشلنا في القضاء على المذنب المدمر- وهذا ما لم يحدث بعد- فإننا قد أبرأنا ذمتنا أمام الله، ونرجو منه سبحانه وتعالى أن يجعل صراخنا بالحق في ميزان حسناتنا، وأن يعوضنا في الآخرة خير العوض.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علي خيري
كاتب ومحامٍ مصري
كاتب ومحامٍ مصري
تحميل المزيد