لماذا قررت أن أبدأ هذا العام بلا خطط أو قائمة أهداف جديدة؟

عدد القراءات
2,753
عربي بوست
تم النشر: 2022/01/04 الساعة 12:43 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/01/04 الساعة 12:43 بتوقيت غرينتش

كل عام في نفس الوقت، أفكر بالطريقة ذاتها وأقول في نفسي: "حسنا يجب أن أبدأ من الآن في الترتيب لحياتي بشكل أفضل"، الأعوام الجديدة مناسبات جيدة لبدء المشاريع المعطلة، والأحلام العظيمة المؤجلة، هكذا أحضر ورقة بيضاء وقلماً وأشرع في الكتابة بمنتهى الحرية، لأضع قائمة عظيمة، منمقة، ومرتبة بشكل متقن لكل الأمور التي أرغب في إنجازها، الدورات التدريبية التي أتحرق شوقاً للالتحاق بها، الكتب التي أصادفها باستمرار في مجموعات القراءة يوصي بها المثقفون، وتلك القائمة لأهم 100 كتاب في تاريخ البشرية لا يجب أن نموت قبل أن نقرأهم، وضعتهم جميعاً على قائمتي.

أضفت إلى القائمة أيضاً ليست بالأماكن التي أرغب في زيارتها، الأفكار التي أتمنى أن أكتب عنها، كل المشاريع الجديدة التي تراودني ويجب أن أبدأ فيها فوراً، أكتب قائمة مهامي وأحلامي وبداخلي أمل عظيم أن يصبح كل شيء عظيم وجميل وعلى ما يرام، وأن تحظى حياتي أخيراً بالنقلة التي أريد، ولكن مهلاً لقد وضعت ما يقارب المئة هدف على قائمتي!

الأحلام الوردية

تباغتني إعلانات الـ"بلانرز" وأجندات بداية العام، تلك التي تأتي مع مجموعة لا نهائية من التفاصيل، كوستر وفواصل وملصقات ودفاتر تلوين وأخرى لوضع قوائم المهام وغيرها من الأغراض المربكة لامرأة مثلي تنسى أين وضعت هاتفها في المرة الأخيرة بينما هو ما يزال على أذنها! حسناً البلانرز أو المنظمات التي تباع مقسمة بشكل بديع، مع أغلفة وأسعار تأخد العقل، خضت التجربة كاملة في العام الماضي والمفاجأة أن تلك القوائم وكل ذلك الترتيب والتحضير تحول مع الوقت إلى حمل ثقيل جداً، حيث اكتشفت أنني غير قادرة على تحقيق ولو نصف أو حتى ربع القائمة مع حلول نهاية العام.. على أرض الواقع ذهب كل شيء مع الريح.

كدت أقع في الخطأ ذاته من جديد هذا العام، لكنني تذكرت قائمة مهامي القديمة التي كتبتها في 2020، وأمسكتها بسعادة غامرة وأنا أشعر بأنني سوف أغزو العالم قريباً، كم كتاباً قرأت من قائمتي الغراء؟ وكم مكاناً زرت؟ حسناً كم حلماً حققت؟!

كل هذه الصعوبة

الأمر صعب حقاً، فمهام اليوم العادية جداً لا تُبقي ولا تزر، عناية بأطفال صغار، وعمل يومي، ومهام منزلية لا تنتهي، عمليات توصيل بين التمارين والمدرسة والحضانة، أقول لنفسي لا، بالتأكيد هناك منفس، بالتأكيد العيب لديَّ أنا، هكذا أضغط نفسي أكثر كي أفعل ولو جزء من أمر واحد من الأمور العظيمة على لائحتي، لكن يوماً بعد يوم تحولت قائمة المهام الجميلة المزينة بالورود والاستيكرات والمغرية جداً بالتحقيق، إلى مصدر صداع وتأنيب ضمير، بمجرد أن أنظر لها أشعر بالإخفاق، واكتئب بحق، ماذا هذا! أنا  لم أحقق أي شيء على الإطلاق، أين ضميري والتزامي تجاه نفسي!

على الناحية الأخرى تستيقظ قدراتي الاستثنائية على اللطف بنفسي، فأردد بصوت أم حنون "لا بأس، عادي، كل شيء بأوان، نسأل الله التساهيل، قريباً سأفعل، حين تسمح الظروف سأنفذ، لا تقسي على نفسك يا فتاة، لا تعذبي نفسك يا حبيبتي".

"سنين ومرَّت"!

سنوات طويلة مرت منذ تخرجي عام 2010 وحتى الآن، على هذا الحال، كم محاولة أخفقت بها.. 12 محاولة؟ كما محاولة بقيت؟ الأعوام تنتهي سريعاً وتبدأ سريعاً ونظل تخبر أنفسنا أنه لا بأس ولنبدأ من جديد، فعلت ذلك مراراً حتى جاءت اللحظة الحاسمة، حين اكتشفت أن عمري صار 32 عاماً، إلى متى سأظل أمنح نفسي فرصاً جديدة دون إنجاز فعلي على أرض الواقع؟ بمعنى أدق متى سأنجز وأحقق أحلامي المكتوبة على الورق، حين أصير في الأربعين مثلاً؟!

أدركت فداحة الأمر مع الوقت حين بدأت إيميلات الرفض تأتيني رداً على محاولات التحاقي بمنح مختلفة محلية ودولية، لم يعد عمري مناسباً، وحتى المثل الفذ "أن تبدأ متأخراً خير من ألا تبدأ أبداً" أثبت فشله الذريع، أن تبدأ متأخراً يعني أنك قد لا تبدأ أبداً؛ لأن العمر عنصر هام.

الحل السحري

أخيراً بعد سنوات من التسويف، قررت هذا العام أنني لن أضع قائمة مهام طويلة أو عظيمة، هذا هو العام الأول الذي أبدأه دون TO DO LIST، تعلمت الدرس أخيراً، بالطريقة الصعبة، لكنني فعلت.

كفرت بقوائم المهام العديدة التي صارت يؤنس بعضها البعض في درج مكتبي، تعلمت أن مشهد المهام على طوله وتنميقه مجهد نفسياً وبصرياً، يجعل هذا البداية ثقيلة وسخيفة، خاصة أننا إذا ما تركنا العنان لأنفسنا كي نكتب ماذا نريد أن نفعل حقاً قد يكون من بين المهام المطلوبة الصعود للقمر.. باختصار سوف نكتب مجلدات.

هذا العام بدأ بطريقة مختلفة، فلم أكتب "ما أرغب" في تحقيقه، ولكن "ما أحتاج" إلى تنفيذه، ما الذي ينقصني بشدة، ما الذي يجب أن أبدأ فيه فوراً، هكذا قررت أن أكتب ثلاث إلى أربع مهام على الأكثر، وأن أبدأ بأمر واحد فقط، أتورط فيه فوراً، دون مقدمات ودون ترتيبات عددة، هكذا "خبط لزق" كما التعبير المصري الشائع، هذا لأنني تعلمت أن التخطيط لكن التورط أقوى، هكذا نشرع فيما نحتاج ونحب بدلاً من أن نسهب في كتابة التفاصيل والأفكار على قائمة المستحيلات.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

رحاب لؤي
كاتبة صحفية متخصصة في الفن
كاتبة صحفية، عملتُ في العديد من الصُحف والمواقع الإلكترونية، أحب الرسم والقراءة والأداء الصوتي
تحميل المزيد