بعد أن بدأت السعودية في إنتاجه.. كيف يمكن للهيدروجين الأخضر تغيير مستقبل مصادر الطاقة المتجددة؟

عربي بوست
تم النشر: 2021/12/21 الساعة 12:11 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/12/21 الساعة 12:11 بتوقيت غرينتش
الهيدروجين الأخضر

في الوقت الذي تبحث فيه الحكومات والصناعات عن بدائل أقل تلويثاً للهيدروكربونات، فإن المملكة العربية السعودية، أكبر مُصدِّر للنفط الخام في العالم، لا تريد التنازل عن تجارة الهيدروجين المزدهرة، للصين أو أوروبا أو أستراليا، وتفقد مصدراً ضخماً محتملاً للدخل.

لذلك فهي تبني مصنعاً بقيمة 5 مليارات دولار، مدعوماً بالكامل بالشمس والرياح وسيكون من بين أكبر صانعي الهيدروجين الأخضر في العالم عندما يتم افتتاحه بمدينة نيوم الضخمة المخطط لها في عام 2025.

الهيدروجين الأخضر هو وقود خالٍ من الكربون مصنوع من الماء باستخدام الكهرباء المنتجة بشكل متجدد لفصل جزيئات الهيدروجين عن جزيئات الأوكسجين.

هذا الصيف، أعلنت شركة غاز أمريكية كبيرة، Air Products & Chemicals، أنها كجزء من نيوم فإنها تقوم ببناء مصنع هيدروجين أخضر في المملكة العربية السعودية على مدى السنوات الأربع الماضية. ويتم تشغيل المحطة بواسطة 4 غيغاوات من مشاريع الرياح والطاقة الشمسية التي تمتد عبر الصحراء، وهي تدَّعي أن هذا  أكبر مشروع للهيدروجين الأخضر في العالم، والمزيد من المحطات السعودية على لوحة الرسم.

لم يكن السعوديون وحدهم يعتقدون أن الهيدروجين الأخضر سيصبح الشيءَ الكبيرَ القادم في مستقبل الطاقة، ففي جميع أنحاء العالم يجري الاندفاع بقوة تجاه الهيدروجين الأخضر، والعديد من الشركات والمستثمرين والحكومات وأنصار البيئة باتوا يعتقدون أنه مصدر للطاقة يمكن أن يساعد في إنهاء عهد الوقود الأحفوري وإبطاء مسار الاحترار في العالم.

يقول الخبراء إنه في حين أن طاقة الرياح والطاقة الشمسية يمكن أن توفرا الكهرباء لتشغيل المنازل والسيارات الكهربائية، فإن الهيدروجين الأخضر يمكن أن يكون مصدراً مثالياً للطاقة للصناعات كثيفة الاستخدام للطاقة مثل تصنيع الخرسانة والصلب، وكذلك أجزاء من قطاع النقل أكثر صعوبة.

إن أوروبا، التي لديها اقتصاد مُثقل بارتفاع أسعار الطاقة وتعتمد بشكل كبير على الغاز الطبيعي الروسي، تتبنى مشروع الهيدروجين الأخضر من خلال توفير التمويل لبناء محطات التحليل الكهربائي والبنية التحتية للهيدروجين الأخرى، ولقد خصصت ألمانيا الحصة الأكبر من أموال تحفيز الطاقة النظيفة للهيدروجين الأخضر.

لقد تم الترويج لإمكانات الهيدروجين كمصدر للوقود لعقود من الزمن، لكن التكنولوجيا لم تنطلق على الأرض على نطاق واسع، ولسبب وجيه، وفقاً للمتشككين، وهم يجادلون بأن اعتماد تكنولوجيات الهيدروجين الأخضر على نطاق واسع قد واجه عقبات خطيرة، أبرزها أن وقود الهيدروجين يحتاج إلى طاقة متجددة لتكون خضراء، الأمر الذي سيتطلب توسعاً هائلاً في التوليد المتجدد لتشغيل محطات التحليل الكهربائي التي تقسم الماء إلى هيدروجين وأوكسجين. كما يصعب تخزين ونقل الهيدروجين الأخضر بدون خط أنابيب. 

والآن في بعض الأماكن، مثل الولايات المتحدة، يعتبر الهيدروجين أغلى بكثير من أنواع الوقود الأخرى مثل الغاز الطبيعي.

ويتطلب تخزينه ضغطاً يصل إلى 700 مرة من الضغط الجوي، والتبريد إلى 253 درجة مئوية، ويحمل ربع الطاقة لكل وحدة حجم من الغاز الطبيعي، ويمكن أن يقشر المعدن؛ حيث إنه يهرب من خلال أصغر التسريبات، كما أنه متفجر حقاً.

كما أن كثافة الطاقة للهيدروجين الأخضر ثلاثة أضعاف كثافة وقود الطائرات، مما يجعلها تقنية واعدة لانبعاثات صفرية للطائرات. ولكن شركة إيرباص، الشركة الأوروبية لصناعة الطائرات، أصدرت مؤخراً بياناً قالت فيه إنه يجب التغلب على مشاكل كبيرة، من ضمنها تخزين الهيدروجين بأمان على الطائرات، وعدم وجود بنية تحتية للهيدروجين في المطارات، والتكلفة.

يقول الخبراء إن هناك حاجة إلى تقنيات جديدة لحل هذه المشاكل. ومع ذلك، تعتقد شركة إيرباص أن الهيدروجين الأخضر سيلعب دوراً مهماً في إزالة الكربون من النقل الجوي.

في جميع أنحاء أوروبا والشرق الأوسط وآسيا، يتبنى مزيد من البلدان والشركات هذا الوقود عالي الجودة. والولايات المتحدة متخلفة عن الركب، لأن أشكالاً أخرى من الطاقة، مثل الغاز الطبيعي، أرخص بكثير، ولكن هناك العديد من المشاريع الجديدة الجارية، من ضمنها محطة توليد الهيدروجين الأخضر في ولاية ويوتا التي ستحل محل محطتين قديمتين تعملان بالفحم وتنتجان الكهرباء لجنوب كاليفورنيا.

وفي اليابان، تم افتتاح مصنع جديد للهيدروجين الأخضر، وهو أحد أكبر مصانع الهيدروجين في العالم، بالقرب من فوكيشيما، وهو موقع رمزي عن قصد؛ نظراً إلى قرب المحطة من موقع الكارثة النووية عام 2011. وسيتم استخدامه لتشغيل خلايا الوقود، سواء في المركبات أو في المواقع الثابتة.

ولقد أعلن كونسورتيوم للطاقة في أستراليا عن خطط لبناء مشروع يسمى المحور الآسيوي للطاقة المتجددة في بيلبارا والذي سيستخدم 1743 توربينة رياح كبيرة و30 ميلاً مربعاً من الألواح الشمسية لتشغيل مصنع التحليل الكهربائي بقدرة 26 غيغاوات، من شأنه أن ينتج هيدروجيناً أخضر لإرساله إلى  سنغافورة.

بينما تكثف أوروبا حملة إزالة الكربون، تراهن أيضاً على الوقود بشكل كبير. وصاغ الاتحاد الأوروبي للتو استراتيجية لتوسيع مشروع الهيدروجين الأخضر على نطاق واسع، على الرغم من أنه لم يتم اعتمادها رسمياً بعد.

إن الشرق الأوسط الذي لديه أرخص طاقة رياح وطاقة شمسية في العالم، يسعى إلى أن يكون لاعباً رئيسياً في الهيدروجين الأخضر، والمملكة العربية السعودية لديها طاقة متجددة منخفضة التكلفة. 

في هذه المنطقة، تشرق الشمس بشكل موثوق كل يوم والرياح تهب بشكل موثوق كل ليلة، ومن الصعب التغلب عليها. 

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

ألطاف موتي
باحث اقتصادي باكستاني
عضو اللجنة الدائمة للمسؤولية الاجتماعية للشركات، واتحاد غرف التجارة والصناعة الباكستانية كراتشي، باكستان. باحث سياسي واقتصادي، ومستشار الهيئات التجارية الحكومية وغير الحكومية، ورئيس شبكة التعليم في باكستان.
تحميل المزيد