لماذا بات خالد مشعل غير مرحب به في لبنان من قبل حزب الله؟

عدد القراءات
1,451
عربي بوست
تم النشر: 2021/12/19 الساعة 09:36 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/12/19 الساعة 09:36 بتوقيت غرينتش

وصل رئيس حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، في الخارج، خالد مشعل، إلى لبنان بعد غياب لأكثر من 10 سنوات. لم تكن الزيارة بذاتها مفاجئة، فموقع مشعل في الحركة من الناحية التنظيمية أو الشعبية الرمزية يجعل زيارته إلى لبنان مهمة، ولكن طبيعية في آنٍ، خاصة بعد إقدام عناصر من حركة فتح على إطلاق النار على موكب تشييع أحد عناصر حركة حماس في مخيم البرج الشمالي.

هذه الحادثة التي أودت بحياة ثلاثة من شباب الحركة، والتي شحنت الأجواء في المخيم المسلح دفعت مشعل للقدوم إلى لبنان، في سبيل منع "أيّ انجرار لخلافات داخلية"، كما عبّر هو عن ذلك.

ورغم أن الحادثة المذكورة هي السبب المباشر الذي دفع مشعل للحضور إلى لبنان، فإن الحركة أكدت في بيانها أن هدف الزيارة أعمّ من ذلك، وهو "بحث سبل تحسين الأوضاع الاجتماعية والإنسانية للفلسطينيين في لبنان"، وأن هذه الزيارة تأتي "في إطار المشاركة في أنشطة وفعاليات الذكرى الـ34 لانطلاقة الحركة، ولقاء اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، ومناقشة قضاياهم".

إلا أن المفاجئ هو عدم ترحيب حزب الله بالزيارة، ليس هذا فحسب، بل سارع إعلاميون مقربون من الحزب لمهاجمة مشعل قبيل وصوله إلى لبنان.

فبمقارنة بسيطة، ومنذ بضعة أشهر عند قدوم إسماعيل هنية إلى لبنان، تفرّغ إعلام الحزب للترحيب به والدفاع عنه، وتأمين ما يلزم له من حماية سياسية وأمنية، عكس مشعل، الذي قوبل بالتهميش من إعلام الحزب الرسمي، وهجوم من الإعلاميين المقربين للحزب، ناهيك عن رفض تغطيته أمنياً كما أفادت المصادر.

تؤكد المصادر أن الحزب أبلغ حماس قبل الزيارة بأن مشعل غير مرحب به في لبنان، ولكن مشعل وجناح أساسي في الحركة أصرا على الزيارة التي تعد من مسؤوليات ومهام مشعل.

لم يكتفِ الحزب بالهجوم الإعلامي على مشعل، بل ضغط بقوة لعزل مشعل وعرقلة لقاءاته الرسمية، وهو ما كان بتأجيل أحد الرؤساء الثلاثة زيارة مشعل إلى موعد لم يحدد، وعدم إجابة آخر على طلب الزيارة، وإقرار الثالث بالضغط الكبير الذي تعرّض له لرفض الزيارة.

لم يكن الضغط أحادي الجانب، بل كان مزدوجاً بين حزب الله والسعودية، وهما اللذان التقيا على محاربة الإسلام السياسي السني. ولكن لماذا يستهدف حزب الله مشعل خاصة؟ ولماذا أصر مشعل على القدوم رغم اطّلاعه المسبق على أجواء الزيارة؟

العنوان العريض هو الثورة السورية، فقد كان مشعل المسؤول الأول عن دعم حماس للثورة السورية عقب انطلاقتها، أو على الأقل رفض دعم الأسد، وهو ما أدى بحماس للخروج بكلّيتها من سوريا نحو قطر.

 لم يقطع الحزب مع حماس حينها، ولكن العلاقة تأثرت بطبيعة الحال، إلا أن الحركة حاولت تعديل العلاقة عن طريق تسليم قيادات أقرب لمحور إيران من مشعل، وهو ما قبله الحزب وتجاوب معه، عن طريق فصل العلاقة بينه وبين حماس من جهة، وبينه وبين بعض قيادات حماس الذين يعتبرهم "إخوانيين معادين".

ليس هذا فحسب، بل ما يحصل اليوم في لبنان هو رسالة يحاول حزب الله إرسالها لحماس، بأن "عصياني" أنا وإيران لهما ثمن كبير، لا يقل عن إغلاق منافذ لبنان السياسية.

على الجانب الآخر، ورغم الإرباك الذي حصل داخل الحركة حول ذهاب مشعل إلى لبنان من عدمه، أصر مشعل على الرحلة لاعتبارات عدة:

 أولها: يعتبر مشعل أن إلغاء زيارته إلى لبنان تحت ضغوط حزب الله يعني ضمنياً رهن الحركة لجزء أساسي من قرارها للحزب، وهو الذي يرفضه مشعل، معتبراً أن التأكيد على استقلال الحركة فوق كل اعتبار.

 ثانياً: إن رضا مشعل بعدم القدوم إلى لبنان يعني تخليه عن جزء من مركزه في الحركة، وهو ما يفتح الباب على مصراعيه للتشكيك في أهليته لهذا المنصب.

ثالثاً: يريد مشعل التأكيد لأبناء الحركة قبل غيرهم أن من يعطي الشرعية في الحركة هو جمهورها وقضيتها التي تدافع عنها، وليس علاقاتها السياسية مع المحور الإيراني، وهو ما يعبر عنه الاحتفال الجماهيري الذي تحضره الحركة لمشعل.

لم تنتهِ زيارة مشعل بعد، إلا أن الأيام القادمة ستوحي لأي مدى سيستمر حزب الله في حربه على مشعل وجناحه في الحركة، وكم سيؤثر ذلك على ديناميكية الحركة الداخلية.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

محمد فواز
كاتب وباحث سياسي
مهندس مدني، حاصل على ماجستير في العلاقات الدولية
تحميل المزيد