"هل يجب إجبار الأطفال على الألعاب الرياضية وتحمل المشقة والألم؟"
الإجابة في ثلاث نقاط..
النقطة الأولى
يجب علينا كآباء مناقشة الأطفال حول مفاهيم الصبر والتحمل والمشقة والإنجاز والتميز والبطولة، ونقسِّم لهم الإنجاز الكبير لمهمات صغيرة ونشرح:
"عندما ندفع بقوانا كل يوم لتصل لأقصى قوة؛ نحقق إنجازاً وتميزاً صغيراً جديداً يومياً.. تجتمع في النهاية هذه الإنجازات الصغيرة لتكون إنجازاً كبيراً هو الاحترافية والبطولة.. فهل أنت مستعد وموافق على البذل في سبيل الإنجاز؟".
نناقشه حتى نحصل على موافقته على تحمل المشقة والألم في سبيل النجاح، وما دام موافقاً، نستمر في الرياضة..
النقطة الثانية: ماذا لو رفض الطفل وطلب التوقف؟
عليك أن تعرف أن إجبار أي إنسان (دون رغبته) على تحمل الألم، هو عنف موجه مباشرة ضده، ولا يختلف الأمر في الأطفال.
هل ستجبر زوجك أو أباك أو أخاك الكبير على أن يشترك في رياضة ويتألم فيها، لا حق لكِ في ذلك، يسري على الطفل ما يسري على أي "إنسان"؛ لأن الطفل بالتأكيد، إنسان مثله مثلهم!
وأعرف أن هناك 3 أغراض من ممارسة الرياضات المخصصة مثل السباحة والجري والكاراتيه والجودو والجمباز… إلخ وهي:
الغرض الأول تحقيق صحة الجسد
هذه يمكن تحقيقها بالغذاء السليم + تمارين النشاط الرياضية باستمرار وروتين أو بممارسات متوسطة لرياضات عامة دون تخصيص، واستمرار لمستويات متقدمة.
الغرض الثاني إخراج طاقات الأطفال وتمضية وقتهم في أمر مفيد
اخراج الطاقة يمكن تنفيذه في طيف واسع من الألعاب الرياضية وغير الرياضية لا يُجبَر الطفل فيها على شيء ويمارس ما يحب منها، برمجة، نادٍ، كرة قدم، سباحة، دفاع عن النفس، لياقات بدنية، كل ما سبق يمكن ممارسته بشكل عام دون إجبار الطفل، علينا أن نتركه يختار ما يشاء ويلعب ما يشاء ونتبع شغف الطفل.
الغرض الثالث الحصول على البطولات
هنا علينا التساؤل.. ما الغرض من حصول إنسان على بطولة؟
الإجابة أن يكون سعيداً بإنجاز كبير حققه..
هنا نتساءل هل الأبطال الرياضيون سعداء؟ أنا أعرف أبطالاً دوليين حققوا أشياء متفردة مكتوبة في التاريخ بأسمائهم، يكرهون رياضتهم واليوم الذي أشركهم أهلهم فيها، وغالب ذكرياتهم عن طفولتهم ذكريات مُسيئة تجاه آبائهم الذين أجبروهم على كذا وكذا..
يذكرون عندما بكوا ولم يلتفت لهم آباؤهم، وعندما طلبوا التوقف وأجبروهم على الاستمرار.
لا يدينون لأهاليهم بأي شكر ولا عرفان، فقط اللوم والذكريات المؤلمة والإجبار والألم والبكاء أثناء ممارسة الرياضة..
أعرف أحدهم قال لنا على القهوة في مرة:
أبي لم يلتفت لما أحب ولم يكن يعنيه أي شيء سوى تحقيق إنجاز لنفسه من خلالي ليتباهى به أمام أصدقائه والعائلة! "ابني كذا وابني كذا!".
لم يهمه من أنا ولا ما أحب ولا كيف أريد أن أكون، كأنه يحقق إنجازات حياته التي فشل فيها من خلال جسدي وحياتي، فشل في تحقيق إنجاز في حياته يتباهى هو به، فأكل حياتي في طريقه ليحقق شيئاً يباري به جدي وعمي وخالي!
بالضبط كمن يدخل طفله كلية قمّة ليتباهى بابنه الدكتور أو المهندس بغض النظر عما يريد ابنه!
ذكرى كاملة عن طفولة كاملة هي عبارة عن مجموعة من الإساءات، فهل هذا ما نريده لأطفالنا عندما نجبرهم على اللعب دون رغبتهم؟
أضف لما سبق، عشرات الآلاف من الأطفال الذين يدفعون لرياضة بعينها رغم طلباتهم بالتوقف ورفض أهلهم ودفعهم للاستمرار بالغصب وفور امتلاكهم لزمام أمرهم يتوقفون فوراً عن الرياضة ملقين كل الوقت والجَهد السابق في سلة القمامة! ففي ماذا أفاد ما سبق؟ لا شيء..
في النهاية..
عندما تجبر طفلك على رياضة مخصصة لا يحبها فأنت لا تفعل شيئاً سوى تحقيق هدفك أنت بأنانية كاملة، لا أياً من أهداف أو اهتمامات أطفالك، ولن يشكرك طفلك.. لن يمدحك.. سيلجس أمامك وأنت في الـ60 من عمرك وهو في الـ30 ليذكِّرك بكل الإساءات والعنف والإجبار وتجاهل مشاعره وغض الطرف عن رغباته لتحقق ما تريد أنت لا ما يريد هو!
لن يشكرك طفلك في المستقبل، ولن يحب طفلك ما يفعل (إلا لو كان يحبه من قبل).. فلو كنت تنتظر الشكر على إجبار طفلك على تحمل الألم في سبيل ما تريد أنت لا ما يريد هو، فأنت ممن ضل سعيهم وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً!
لذا.. الأطفال لا يجب أن يجبروا على تحمل الألم إلا لدافع طبيّ، وحتى هذا له الكثير من المقدمات..
"إجبار الأطفال على تحمل الألم في الألعاب الرياضية (دون رغبتهم) = child abuse / عنف ضد الطفل!".
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.