زوجات الأسرى خائنات والأخ يشك بأخيه! لقد تمكنت من مشاهدة فيلم “أميرة”، وهذا ما صُدمت برؤيته

عربي بوست
تم النشر: 2021/12/12 الساعة 12:47 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/12/12 الساعة 12:47 بتوقيت غرينتش
صورة من فيلم "أميرة"

بعد الجدل الذي اشتعل على مواقع التواصل الاجتماعي بخصوص فيلم "أميرة"، الذي يحكي قصة فتاة وُلدت عن طريق نطفة مهربة من أسير فلسطيني، ليتبين فيما بعد أن النطفة لظابط إسرائيلي، قمت بمشاهدة الفيلم بنفسي وما رأيته كالآتي:

1- الفيلم لا يقل سوءاً وتشويهاً عما نُشر مسبقاً عن بعض تفاصيله، بل بالعكس، فيه تشويه للأسرى والمناضلين الفلسطينيين وإظهارهم وعائلاتهم بلا شرف أو أخلاق.

2- الفيلم لا يطعن فقط بقضية النطف المهربة، بل يطعن بالمجتمع الفلسطيني وعوائل المناضلين والأسرى ككل، لأنه يصور زوجة الأسير خائنة لزوجها عبر علاقة زنا محرمة مع صديق زوجها الأسير، الذي يخرج من السجن، ويجلب رسالةً لها من زوجها (والد أميرة بطلة الفيلم)، فتنشأ بينهما علاقة، وتفكر الزوجة في الانفصال عن زوجها الأسير، لترتبط بصديق زوجها الأسير، الذي أصبح بعد ذلك شهيداً، ويبرر الفيلم ذلك لها على لسانها وهي تقول إنها لم تستطع أن تصبر أكثر وتمضي حياتها دون أن يلمس جسدها أحد ما!

وأيضاً يُظهر الفيلم أن الأسير يشك في شقيقه الذي يعيش هو وعائلة الأسير ككل في نفس المنزل، بل تشك زوجة شقيق الأسير هي أيضاً بزوجها أنه يخونها مع زوجة شقيقه، بعد اكتشاف أمر "أميرة" أنها ليست ابنة الأسير، إذاً معنى ذلك أن هذا مجتمع يشك بعضه ببعض، ولا أخلاق لديهم أو شرف، هل هذا ما أراده منتجو الفلم!

فهل هناك تشويه وطعن أكثر من هذا بشرف المناضل الفلسطيني (شهيداً كان أو أسيراً) والمجتمع الفلسطيني الحاضن للمناضلين!

النتيجة التي يحصل عليها المشاهد من هذا المشهد هي عبارة عن أن زوجة الأسير تخونه مع صديق زوجها الأسير و(الشهيد فيما بعد)، فالأسير أيضاً خائن بلا شرف أو أخلاق، وزوجات الأسرى كذلك، والمناضلون الفلسطينيون بلا شرف ولا أخلاق، ويخونون بعضهم، وهل ذلك واقعي؟ طبعاً لا، إذاً فهل هذا ما أراد صانعو الفيلم إيصاله للمشاهد؟

3- كمشاهد فلسطيني وبعد انتهاء مشاهدتي للفيلم يتكون لدي انطباع مشوه عن الأسرى والشهداء ومشروع النضال الفلسطيني، وهنا أسأل: فكيف سيكون انطباع المشاهد العربي والعالمي عند مشاهدته الفيلم دون أن يعيش ما نعيشه، ويدرك تفاصيل حياتنا؟

4- يتأكد من مشاهدة الفيلم ما تم نشره عنه أن "أميرة" تكتشف أنها ابنة السجان الإسرائيلي، بعد إجراء فحوصات DNA، وتقرر حينها الانتقام وغسل هذا العار والتخلص من نظرة المجتمع لها، من خلال توجهها لاجتياز سلك شائك باتجاه تل أبيب لمنزل السجان، ولكنها في طريقها لذلك تتراجع، بعد أن تبحت عن اسمه في شبكة الإنترنت فتكتشف أن لديه عائلة وأطفالاً، وهنا تشويه آخر لدوافع المناضل الفلسطيني، وكأن الدافع شخصي انتقامي لا شيء آخر.

5- تحدث البيان الصحفي الصادر عن أسرة الفيلم أن الفيلم تناول معاناة الأسرى وبطولاتهم وعائلاتهم، لكنه لم يظهر من حياة الأسير الفلسطيني في الفيلم غير أنه مسجون، لكن الفيلم يُظهر المحتل بوجه لطيف يتنافى مع الواقع، حيث لم يتعرض لأصناف وأشكال عديدة من معاناة الأسرى الحقيقية داخل معتقلات المحتل.

6- الفيلم اختتم نفسه بعبارة "منذ 2012 وُلد أكثر من 100 طفل بطريقة تهريب النطف، كل الأطفال تم التأكد من نسبهم"، وكأن الفيلم بالعبارة الأخيرة (كل الأطفال تم التأكد من نسبهم) يضع كل أطفال النطف المهربة في موضع الشك أساساً، ويأتي في النهاية ليقول إن كل الأطفال تم التأكد من نسبهم، وكأنهم مشكوك في نسبهم أصلاً، فيأتي الفيلم ليبرّئهم، وهذا يُظهر بوضوح مقصد الفيلم وهدفه، بوضع نَسب هؤلاء الأطفال في موضع الشك، وهل هناك ما هو أكثر طعناً بشرف زوجات وعائلات عشرات الأسرى ممن لجأوا للنطف المهربة أكثر من ذلك!

7- لا يتطرق الفيلم للدوافع الأساسية للجوء الأسرى وزوجاتهم لعملية النطف المهربة، وهي دوافع إنسانية، منبعها رغبة الأسير الذي يمضي أحكاماً عالية في السجون بالإنجاب، سباقاً مع الزمن الذي يخطف عمره، وعمر سنوات الخصوبة لدى الزوجة، فيتحدّون المحتل وينجبون رغماً عنه، بل على العكس، فإن الفيلم يظهر في بعض مشاهده عدم رغبة زوجة الأسير في الإنجاب عبر النطف المهربة مرة أخرى، وتضطر للموافقة على مضض.

– ما سبق هي ملاحظاتي حول الفيلم، دون أن أغوص به فنياً من ناحية تصوير وإخراج وإنتاج وما شابه، بل تناولته من ناحية المحتوى والرسالة، وهي بلا شك رسالة مشوهة، لا تخدم قضية الأسرى ولا تخدم فلسطين، بل على العكس هي تشوه وتطعن بشكل واضح وصريح غير واقعي، على عكس ما أعلنه القائمون على الفيلم، وهنا لا بد أن نسأل: هل هذا هو الهدف الذي أراده منتجو الفيلم؟

– الفيلم شاهدته بطريقة معينة لأجل الاطلاع عليه ونقده، لكني لا أرغب بإرسال رابطه لأي أحد، فأرجو ألا يحرجني أحد ويطلب مني ذلك، لأني لن أتجاوب، مع المودة والاحترام.

في النهاية، لا بد أن نحيّي كل نفس حرة انتفضت وهبت ضد هذا الزيف والتشويه، وهنا أكرر وأؤكد على المطلب #اسحبوا_فيلم_اميرة، لا بل أكثر من ذلك، لا بد من فضح من يجرؤ على تشويه المحطات المضيئة في حياة الشعب الفلسطيني كي يكون عبرة لغيره، وأول هؤلاء وأكثرهم أولوية بالفضح الفلسطينيون المشاركون في هذا الفيلم إنتاجاً وتمثيلاً وغيرهما.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

محمود مطر
صحفي فلسطيني
تحميل المزيد