مخرجه يبرر موقفه والممثلين يهربون من الجماهير.. لماذا أثار فيلم “أميرة” كل هذا الجدل؟

عدد القراءات
896
عربي بوست
تم النشر: 2021/12/09 الساعة 12:29 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/12/09 الساعة 12:30 بتوقيت غرينتش
لقطة من فيلم "أميرة"/ مواقع التواصل الاجتماعي

فلسطين لا تكبر عندما نتحدث عنها، إنما نحن من نكبر عندما نتحدث عنها، فهي قضية أبدية وجميع الشخوص رواحل، هذا ما نردده دائماً نحن الفلسطينيين في مطلع حديثنا عن بلادنا المسلوبة، صاحبة أعدل قضية على وجه الأرض في هذا القرن، ومع اتساع الثقافة الوطنية لدى الجيل الشاب، لم يعد بإمكانه السكوت عن أية مغالطة تمسّ القضايا الوطنية، وتحديداً الثوابت الفلسطينية، ككامل حقنا في كامل فلسطين التاريخية، وأن القدس عاصمتنا الأبدية، والشهداء والأسرى وحق العودة.

تطل علينا الأخبار عن ترشح فيلم يحمل اسم "أميرة" لجائزة الأوسكار العالمية، هذا الفيلم -الذي نرفضه جملة وتفصيلاً- يأتي في سياق إنكار الحقيقة كاملة، متناولاً قضية النطف المهربة التي ابتكرها الأسرى الفلسطينيون لقهر السجان الذي يحاول أن يعزلهم عن الحياة كاملة، يدعي الفيلم أنه يتحدث عن قصة خيالية لكنه، في ذات الوقت، يشير إلى إحدى محاولات أسير تهريب نطفة له عبر سجَّان إسرائيلي، يستبدل السجان نطفة الأسير بنطفة خاصة به، ويكبر الجنين وتنجب زوجة الأسير وبعد سنوات تتضح أنها ابنة السجان وليست ابنة الأسير. 

هذا الفيلم، كما برَّره مخرجه بأنه من الخيال، لكن الخيال الذي يتناول قضية حساسة مشوّهة نرفضه تماماً، لأن الأسرى ومنذ عشرة أعوام استطاعوا أن يخوضوا تجربة شريفة بتهريب النطف، وقد أنجب حتى العام 2021 نحو 101 سفير حرية عبر هذه النطف، جميعها خضعت لقواعد علمية صارمة وأسس شرعية دينية إنسانية، بعد مباحثات معمَّقة أجراها علماء فلسطين حول شرعية الأمر، ولم يحصل أن استعان أسير بسجان إسرائيلي لا يؤتمن على قضية حساسة جداً كهذه.

هذا الأمر أثار حفيظة الجمهور الفلسطيني الذي أعلن رفضه للفيلم ودشّن حملة إلكترونية مطالبة بوقفه كونه يمسّ بقضية الأسرى، ويعكس صورة مغلوطة تماماً عن الحياة الاجتماعية في فلسطين، حتى انطلق وسم "اسحبوا_فيلم_أميرة" وقد لاقى تفاعلاً كبيراً عليه، تحديداً من زوجات الأسرى اللواتي خضعن لهذه التجربة، واصفات إياها بالحساسة، ولكنها جميلة جداً، حتى إن براءة الأسرى في هذا الأمر تظهر جليّة في ملامح أطفالهم الذين يولدون بدرجة شبه كبيرة بينهم. 

وبعد تواصل فلسطيني رسمي وضغط إعلامي، وعدت وزارة الثقافة الأردنية كونها الراعية لهذا الفيلم بوقف عرضه، بينما أغلق الممثلون فيه التعليقات على حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي بعد موجة غضب عارمة اجتاحت صفحاتهم من الجمهور العربي عامة والفلسطيني خاصة، وما يثير الأسف أن هذا الإنتاج كان عربياً بامتياز، رفضه الأسرى قبل عامين، ولكن المخرج أصرّ على إكماله مدّعياً أنها لا تمسّ الأسرى وخصوصياتهم.

كل هذه الأعمال وفق نظر زوجات الأسرى تحديداً اللواتي خضعن لهذه التجربة أكدن لي شخصياً أن الاحتلال ما زال متخبطاً في هذا الملف، لا يستطيع كشف الطرق الذكية التي يتبعها الأسير لتهريب النطف، ما يعني أن ردنا على هذا الفيلم يجب أن يكون منطقياً دون أن نقدم معلومات بالمجان للاحتلال، ويكفي أننا نعرف أن أبناءنا من أصلابنا وللاحتلال ولأعوانه ومن يتبعه الزوال القريب والخزي. 

الأمل الذي كسر جمود الأسر بخلق حياة جديدة ينتظرها الأسير خارج قضبان السجن، لا يمكنها أن تخضع لخيالات أحد، إن قضية حساسة كهذه تقابل في مجتمعنا الفلسطيني بكل حب، لأنها تعكس مدى البعد المقاوم الذي يخوضه الفلسطيني ضد الاحتلال.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

رولا حسنين
صحفية ومدوّنة ومُعلمة فلسطينية
حاصلة على درجة البكالوريس في الإعلام والعلوم السياسية ودرجة الماجستير في الدراسات العربية المعاصرة من جامعة بيرزيت- فلسطين
تحميل المزيد