اتباعاً لنصائح علي بن أبي طالب وتقليداً لأفلاطون.. لماذا لا يجب أن يكون ابنك نسخةً منك؟

عربي بوست
تم النشر: 2021/12/07 الساعة 14:12 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/12/07 الساعة 14:18 بتوقيت غرينتش
iStock

غالبية الآباء يريدون من أبنائهم أن يكونوا نسخة منهم، وغالبية الأبناء يمضون في دأب للاستعلاء على الثوابت التي اعتاد عليها جيل الآباء عنداً وكبراً وجهلاً أحياناً،  فالأبناء من وجهة نظر الآباء متمردون مارقون، والآباء من وجهة نظر الأبناء متسلطون مستبدون!

هذه الأزمة تحديداً "الاختلافات بين الأجيال"، تتسبب في كثير من المشاكل التي تعصف بالمجتمعات قديماً وحديثاً، ولعل أبرز تجلياتها الآن في المعارك الدائرة بين الزوجات وأمهات أزواجهن، في ظل ضعف سيطرة واضحة من الزوج؛ فجيل "الحماوات" نشأ في بيئة مغايرة للبيئة التي نشأت فيها الزوجات، على ما تحمله كل بيئة من مفردات وصور وأشكال وأنماط حياتية.

لا الزوجة تريد أن تعطي لنفسها فرصة الوصول إلى هذا الزمن الغابر لتدرك بعضا من معطياته؛ لعل ذلك يفيدها في اختيار النمط الصحيح في التعامل، ولا تملك أم الزوج القدرة على التكيّف السريع مع الواقع الحالي بتعقيداته التي انعكست على التكوين النفسي والعقلي للبنات!

لقد أدرك الإمام محمد عبده أن هناك اختلافات تظهر بين كل جيل وآخر، فتحدث عن تلك الاختلافات والشروخات الكبيرة في العلاقات والتصورات والمآلات.. فنادى بأعلى صوته بحتمية تغيير المناهج التعليمية!

ومن قبل الإمام محمد عبده انبرى الإمام علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- يحث الناس على ضرورة أن يربوا أبناءهم بغير التربية التي تربوا هم عليها، لأن أبناءهم وُلدوا في زمان غير زمانهم، ذلك أنه أدرك بحكمته وسعة علمه أن الزمن متغير فاعل وتغايره يقود إلى تغاير حتمي في التصورات والأفكار والرؤى!

هذا ولا زال الإعلام الرسمي للدول والأحزاب والجماعات ينادي جماهيره بذات الخطاب الذي اعتاد عليه قبل عقود، بينما جل الجماهير تكون قناعاتها وتصوراتها من السوشال ميديا بمفهومها الواسع!


من أفلاطون إلى أرسطو

خلال الأسبوع الماضي لا أقرأ إلا في الفلسفة اليونانية، ووقفت من خلال القراءة على كثير من معالم قوة (أثينا القديمة) وديمومة حضارتها، ومعالم ضعف (إسبرطة) وخوار أركانها رغم أن الأخيرة كانت ذات العضلات الأقوى!

وكيف كانت العلاقة بين الأستاذ "أفلاطون" وتلميذه النجيب "أرسطو" مثالاً واضحاً على الاختلاف الكبير في المنهجية وطريقة الاستدلال، حيث تبرز "مثالية" أفلاطون وتتألق "واقعية" أرسطو!

لقد كان الإسكندر الأكبر تلميذاً نجيباً لأرسطو، وكان أرسطو تلميذاً نجيباً لأفلاطون، فلولا أفلاطون بمثالياته، ما وجد أرسطو بواقعيته، ولولا أرسطو بنظرياته ومهاراته وخبراته ومرونته العالية في التعامل مع الأشياء ما كان هناك قائد جبار بحجم الإسكندر الأكبر الذي أقام إمبراطوريات ضخمة وصلت في بعض الأحيان إلى بلاد الهند والسند. هي سلسلة متصلة من الإنجازات البشرية، جيل يخلف جيلاً، وخبرات تتراكم تصنع إنجازات، وعماد الإنجازات الفكر، فلولا الفكر وتأصيل النظريات ما وجدت الإنجازات.

ألا فليرحم الآباء أبناءهم، وليجدوا مسلكاً لردم الفجوة بين الأجيال غير التسلط، فالتاريخ لا يعيد نفسه، وصدق كارل ماركس حينما قال: لو عاد التاريخ نفسه مرة أخرى، فإنه في الأولى مأساة عظيمة وفي المرة الثانية ملهاة مضحكة!

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

سيد حمدي
كاتب وصحفي مصري
تحميل المزيد