مِن “الإرهابي” إلى البطل الخارق “المثلي”.. هكذا تغيرت صورة المسلمين في السينما الغربية؟

هل ما زال الغرب مهتماً بالإسلام والمسلمين كما كان الحال بعيد أحداث 11 سبتمبر؟ هل ما زال الاعتقاد بأن الإسلام يشكل خطراً حاضراً في دوائر صنع القرار الغربية؟ وهل ما زالت المسلسلات والأفلام الهوليوودية والأوروبية تظهر الإسلام كشريعة القتل والذبح، أم أن طرق معاداة وتشويه صورة المسلمين قد تغيرت؟

متى بدأ العداء للمسلمين في صناعة الأفلام والمسلسلات في الغرب؟

ذروة المعاداة الغرب للمسلمين ووصمهم بالإرهاب وتوأمتهم مع العنف كانت في أعقاب أحداث 11 من سبتمبر/أيلول عام 2001، عندما تبنّى تنظيم القاعدة تفجير أبراج التجارة العالمية، لن نتطرق لذلك الحدث بالتفصيل، ولن نتحدث عن الحقائق والأباطيل في الرواية الأمريكية، لكننا ذكرنا هذا الحدث لنعلم زمن ذروة المعاداة الغربية للإسلام والمسلمين، ومن ثم بداية حملات التشويه في السينما والتلفزيون.

لسنا بصدد استدعاء الماضي، ولكني مهتم بتقييم ورصد تحولات صورة الإسلام والمسلمين في المخيلة الأمريكية المصنوعة من هوليوود ونتفليكس وإخوتهم.

فهل طريقة الهجوم المباشر على المسلمين في الأفلام والمسلسلات الأمريكية قد تغيرت حقاً، أم ما زالت بصورتها القديمة ولم تتغير منذ عام 2001؟

بما أنني من محبي مشاهدة الأفلام والمسلسلات الأجنبية، التي لا أنكر أن بعضها توجد فيها أفكار إيجابية، فقد لاحظت شقين في معظم الأفلام الأجنبية، وأقصد هنا الأمريكية والأوروبية، التوجهان هما:

أنه بعد حادثة 11 سبتمبر تغير شكل السينما العالمية، فالبطل دائماً يكون أمريكياً أو إنجليزياً أو فرنسياً يحارب الإرهاب، وغالباً أو دائماً هذا الإرهابي يكون مسلماً، عنيفاً وغليظاً، بينما يكون البطل الأمريكي الصادق الطيب حامي حمى السلام، يريد أن يقضي على الشر. والشر هنا يتمثل في المسلم الذي يحمل السلاح بين يديه، يريد أن يفتك بكل من يقف أمامه، ويقتل كل من يخالفه في العقيدة، ينسف الأبرياء دون أي ندم يطرأ عليه، لا قلب له، شيطان شرير شرس، فيقف أمامه البطل الذي يتمثل في أمريكا أو أوروبا أمامه وينقذ العالم من الإرهابي المسلم القاتل!

التوجه الثاني، أن يتناول الفيلم أو المسلسل قضية اجتماعية أو حادثة مأساوية لمجتمع ما، أكانت واقعية أو خيالية بعيداً. وذلك بعيد عن التطرق لقضايا سياسية أو عقائدية تهاجم المسلمين عن طريق وصمهم بأنهم إرهابيون، هذا التوجه ليس منصفاً أو محايداً بالكامل، لكنه لا يخضع في إنتاجه لأيديولوجية معينة أو رغبات تمييزية أو عنصرية تجاه الإسلام والمسلمين.

لكن، هل ظهر في السنوات الأخيرة توجه ثالث؟ 

نعم فهناك توجه ثالث ظهر في آخر عشر سنوات وأول من تبنته بشراسة المنصة العالمية الشهيرة "نتفليكس"، لكن ما هو ذلك الشق بالتحديد، وما علاقته بالمسلمين والعرب؟

التوجه الثالث:

بعد إعلان الرئيس الأمريكي الأسبق "باراك أوباما" عن دعمه لزواج المثليين في عام 2012، اندفعت العديد من شركات السينمائية والتلفزيونية بأن ينتجوا أفلاماً ومسلسلات تدعم المثليين بكثرة، وتُظهر معاناتهم، وما يريدون من حقوق. ومن المعروف لدى عامة مشتركيها أن منصة "نتفليكس" دائماً ما تتبنى أجندة حقوق المثليين، وتقريباً لا تترك فيلماً أو مسلسلاً من إنتاجها إلا ويكون إحدى شخصياته مثلي الجنس.

لكن الغريب ليس في ذلك، بل أن تقوم واحدة من أكبر سلاسل الأفلام والمسلسلات في هوليوود بدعم المثليين دون وجود سياق مناسب لذلك!

وتلك السلسلة هي "مارفيل" التي تنتجها شركة "مارفيل إنترتينمنت" التابعة لشركة "والت ديزني"، فهذه السلسلة تهتم بالأبطال الخارقين والفانتازيا والخيال، ففي آخر فيلم أنتجته ولأول مرة في السلسلة يظهر بطل خارق مثلي الجنس، أدى دوره مسلم لبناني، فمن شاهد الفيلم على المستوى العالم يرى أنها خطوة رائعة لدعم المثليين من قبل "مارفيل إنترتيمنت".

أما على الجانب المسلم، فكان الهجوم شديداً على الشركة، إذ اعتبرت تلك الخطوة هجوماً صريحاً على الدين الإسلامي، الذي يرفض قطعاً فكرة وجود المثليين في المجتمع، وذلك معلوم من خلال قصة قوم النبي لوط.
تلك ليست أول مرة يظهر دور لرجل مسلم مثلي في مسلسل أو فيلم، فكما ذكرنا أن منصة "ننتفليكس" الداعم الأول لتلك القضية، أظهرت العديد من المسلمين أو حتى كعرب بتلك الصورة، ويتم استخدام اسم عربي للشخصية!

السؤال هنا: لماذا يتم استهداف المسلمين وإظهار أن هناك مثليين منهم؟

• تغيّر طرق التشويه

استُهلكت فكرة المسلم الإرهابي في صناعة الأفلام والمسلسلات، وباتت الفكرة في السنوات الأخيرة مبتذلة ولا يوجد فيها تجديد. وساعدت السوشيال ميديا أن تظهر الأباطيل والأكاذيب للأفلام والمسلسلات، على الرغم من الأموال الطائلة التي تنتج بها، وبالطبع يوجد من يصدق تلك الأفلام، لكن وطأتها قلت أكثر.
فأُريد أن تستبدل بنوع آخر من التشويه، وهو أن يظهروا أن الدين الإسلامي دين يكبت الحريات.

• إضعاف الشباب:

عند تكرار إباحة فكرة المثليين في عقل الشاب المسلم، يتم دون وعي غرز تلك المعتقدات في عقله الباطن، سوف يهتز هذا العقل دون أن يدري، وبالأخص الفرد المسلم الذي لا يعلم كثيراً عن دينه جيداً.

بما أنه أصبحت بعض الأفلام والمسلسلات خطراً كبيراً على المجتمعات، وتضلل أفكارهم، وتريد أن تمسح هوياتهم، ليكونوا كالآلة التي تلقن بأفكار معينة، فعلينا نحن كأفراد في مجتمعاتنا أن نعي من حولنا لهذا الضرر الجسيم الذي يلحق بنا من صناعة الأفلام والمسلسلات، وألا نمرر كل الأفكار التي تأتي من هذه الصناعات، بل نرفضها عقلياً وعقائدياً، وألا نجعل عقلنا يتعود على تلك الظواهر عبر تكرارها لنا، فعقلنا الباطن لا نقدر أن نتحكم فيه بعد إفساده، فكل شخص واعٍ يعلم ما يجب أن يقوم به!

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]