تُعد روايات سيد الخواتم أو The Lord of The Rings بلا شك، من أهم وأفضل الأعمال الأدبية في التاريخ، وأكثرها تأثيراً في القرنين الـ19 والـ20، ولها من الشعبية والنجاح ما يفوق أي عمل فانتازيا آخر، لكن هل سمعت عن الأسطورة النوردية التي كانت سبباً في وجودها؟
كان المؤلف J. J. R Tolkien بروفيسور في جامعة أكسفورد، متخصص في الأدب الإنجليزي القديم، وبالتالي على معرفة بالأساطير القديمة والحكايات الشعبية، وأهمها Beowulf المرتبطة أو المتأثرة بشكل أو بآخر بعالم الفايكينج والميثولوجي الخاصة بهم، بسبب اختلاط الثقافتين ببعضهما على فترات طويلة.
لكن يُقال أيضاً إن أبناء المؤلف تربى على يد مربية من أيسلندا، كانت تعيش معهم في المنزل، ومنها تعرف بشكل أوسع على ميثولوجي الفايكينج، وغالباً كانت تحكي تلك القصص للأطفال، كون البروفيسور كذلك مع مجموعة من المؤرخين في الثلاثينيات، نادياً تاريخياً يدعى The Viking Club، حيث اجتمعوا لقراءة ومناقشة أجزاء من القصائد النوردية والميثولوجي والأساطير الشعبية.
ذنب لوكي
بينما كان أودين كبير آلهة الفايكينج في رحلة عبر الكون، بصحبة لوكي إله المكر والخبث وهونير (أو هوينر أو هاينير) إله الصمت والروحانيات، وصلوا عند شلال في أرض الأقزام وتوقفوا للاستعداد لمقابلة ملك الأقزام، شعر لوكي بالجوع والضجر، وقرر التسلل إلى مغامرة سريعة يشفي بها جوعه.
وجد لوكي كلب بحر يلهو في مياه الشلال، فقام باصطياده والتهامه فوراً، واحتفظ بجلد أو فرو الحيوان معه، وعندما عاد مع الآلهة في قاعة الملك، واجهوا سخطاً عظيماً من الملك، وتم إلقاء القبض عليهم، لأن لوكي المثير المتاعب قد أكل الحيوان الأليف الخاص بأحد الأمراء من أبناء الملك، والدليل هو الفرو مع لوكي.
بعد مفاوضات ومصالحات، وافق الملك على إطلاق سراحهم، في مقابل دفع قدر من الذهب يكفي لتغطية جلد الحيوان بالكامل، وبينما كان الجلد يتمدد بطريقة سحرية، فقد استدعى ذلك كمية ضخمة من الذهب، لا قِبل لهم بتحصيلها بتلك الفترة القصيرة، لكن الحل كان عند لوكي كالعادة.
سيد الخواتم
عُرف الأقزام بأنهم أمهر الحدادين وأفضل الحرفيين، لكن أحدهم ويدعى أندفاري Andvari، كان يملك كنوزاً هائلة، فقد استطاع تغيير شكله واتخاذ هيئة حيوانات مختلفة، وفي إحدى المرات اتخذ شكل سمكة، ونزل في رحلة إلى حوريات البحر حيث عبر عن إعجابه بهن، ورأى الكنوز والحلي التي احتفظن بها هناك.
لكن الحوريات سخرن من مظهره، وأخذن في الضحك بجنون، فقرر معاقبتهن وسرقة الكنوز والعودة للأعلى، ثم استغل قدراته السحرية المميزة، وقام بصناعة خاتم من ذهب الحوريات، على أن يمده الخاتم بذهب وكنوز بشكل مستمر، ينعم بها وحده مدى الحياة.
وفي أحد الأيام، صنع لوكي شبكة صيد، وانتظر بجانب البحر حيث اعتاد أندفاري التحول لسمكة والنزول، وقام باصطياده وتقييده، ثم أنزل عليه سيل من التهديد والوعيد، حتى وافق على التنازل عن كنوزه لصالح لوكي، الذي ما لبث أن لاحظ الخاتم الذهبي على إصبع القزم، وأمره بالتخلي عنه.
كان الخاتم أفضل وأهم ما صنع القزم في حياته، وكنزه المفضل وأغلى ما يملك، وبدونه يعود فقيراً كما كان في البداية، لكنه لم يستطع مقاومة الإله، فتنازل عنه على مضض، ووضع على الخاتم لعنة، بحيث يكون الدمار والهلاك مصير كل من يرتدي الخاتم.
الخاتم الملعون
عاد لوكي محمّلاً بالذهب المطلوب، وتم عرضه على جلد كلب البحر، وبالفعل غطاه بالكامل ما عدا خصلة شعر واحدة فقط، لذلك اضطر لوكي التنازل عن الخاتم أيضاً، ووضعه الملك على إصبعه بزهو وفخر، فقد وقع أسيراً له على الفور، حتى بدأت اللعنة في العمل.
بعدها بفترة قصيرة، تسرب الجشع والطمع إلى قلوب أبناء الملك، وطالبوا والدهم بمشاركة الكنوز معهم، لكنه رفض بشدة وأراد الاحتفاظ بها لنفسه، فقام أحد الأبناء بقتل الملك وسرقة الخاتم والكنوز، وتوجه بها إلى كهف معزول وعاش وسط كنوزه بعيداً عن الناس، حتى تحول إلى تنين ضخم يسمى Fáfnir هدفه في الحياة حماية الذهب فقط.
لكن شقيقه قرر الانتقام من سارق الخاتم، وأرسل ابنه سيجورد Sigurd لمبارزة التنين واستعادة الكنوز، وقد فعل بعد قتال مرير مع المخلوق المخيف، وأحضر معه قلب التنين ليتناوله والده.
وقبل أن يقدم سيجورد القلب لوالده، تذوق قطرة دم منه، وحينها تمكن فجأة من سماع لغة الطيور من حوله، وهي تصيح "والدك سوف يقتلك"، وأسرع لتفادي مصيره وقتل والده، واحتفظ بالخاتم لنفسه، ومن بعدها والخاتم الملعون ينتقل من مالك لآخر، ويقوم بتدمير العائلات وزراعة الفتنة والخلاف بين الأحبة، مدى الحياة!
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.