"بعد حدث مصيري، تشرع علا عبد الصبور في رحلة لاكتشاف الذات والتعامل مع تحدّيات الواقع الجديد".. مسلسل من بطولة "هند صبري".
بهذه الكلمات قدمت شبكة نتفلكس لما بدا أنه الجزء الثاني من المسلسل الأشهر "عايزة أتجوز"، والذي يأتي هذه المرة بعنوان "البحث عن علا" والذي سيتم عرضه في ديسمبر الجاري وفقاً لما اعلنه صُناع العمل.
على الرغم من عدم انتظامي في مشاهدة المسلسلات والأعمال الفنية مؤخراً تحت ضغط الإرهاق ورعاية أطفالي والامتحانات، إلا أنني أعددت العدة كي أتابع هذا العمل بالذات، مهما كلفني الأمر، لعدة أسباب تتعلق بي.
متعة الجزء الأول
قليلة هي المسلسلات الكوميدية التي تدفعك في كل مرة يعاد عرضها فيها لأن تجلس أمامها، وترتسم على وجهك ذات الابتسامة من جديد، مع ذاك الشعور بالدفء العائلي، مسلسل لن تتحرج من مشاهدته وسط أبنائك أو أمام والدتك، ويساهم في كل مرة في التنفيس والتخفيف من وطأة المعيشة وضغطها دون تكلف أو سخافة مبالغ بها، في الواقع لا يزال المسلسل عقب مرور 10 سنوات قادراً على إضحاكنا وجمعنا أمام التلفاز دون كلل أو ملل.
لكن المتعة لم تكن تتعلق بالأحداث أو السيناريو فقط، ولكنها تعلقت بكافة التفاصيل بما فيها الملابس، حيث كنت أتابع المسلسل في بعض المرات فقط لأتابع ملابس علا عبد الصبور، السهل الممتنع، ملابس متناسقة، ملائمة للحياة العادية، لا أشاهدها فأشعر أنني لن أرتدي مثلها قط كما هو الحال مع بقية المسلسلات، ولا أشعر أنها مبتذلة أو غير ملائمة للشخصية، كانت ملابس علا طوال المسلسل ملائمة بالنسبة لي ولها، باختصار هي المزاج السائد لدى الفتاة المصرية العادية، كثيراً ما أعطتني أفكاراً وساعدتني، ولهذا كان ذلك سبباً إضافياً من أسباب مشاهدتي للعمل الأشهر، الذي يبدو أنه يسير في الجزء الجديد على المنوال ذاته، حيث تبدو الملابس عبر المقاطع الترويجية مثيرة للاهتمام، سواء من ناحية الألوان أو التصميم، ملابس أرغب في ارتداء مثلها حقاً.
العمل الملهم لم يكن كذلك بالنسبة لي وحدي، حيث بدا أنه ملهم للدرجة التي دفعت كنتاكي لاستغلاله في إعلان لعبت بطولته علا عبد الصبور نفسها، ليصب الإعلان في نفس الاتجاه الذي يؤكد أنها لا تعثر أبداً على شريك الأحلام المناسب.
مسلسل بلا مشاكل
العمل على المسلسل لم يكن سراً، ففي ديسمبر/كانون الأول عام 2020 أعلنت هند صبري بوضوح أنها تعمل على جزء جديد من المسلسل أشيع أنه بعنوان "عاوزة أتطلق"، وهو ما أثار غضب الكاتبة والسينارست المصرية دعاء حلمي والتي أعلنت أن هذا يعد تعدياً على حقوق الملكية الفكرية لمجموعتها القصصية "عاوزة أتطلق"، وقالت وقتها دعاء حلمي: "اسم العمل الدرامي لهند صبري يحمل نفس الفكرة ونفس الاسم، وقد كتبت العمل بالشراكة مع صديقتي مارسيل نظمي، وأن هذا يضع العمل أمام إشكالية عدم احترام حقوق الملكية الفكرية، خاصة أن الفكرة قامت شركة المتحدين للإنتاج الفني لصاحبها المنتج صادق الصباح بشرائها منذ العام 2017 لتحويلها إلى عمل درامي تلفزيوني يحمل نفس الاسم".
المجموعة القصصية التي تضم 13 قصة حقيقية رصدت فيها الصحفيتان معاناة المتزوجات الراغبات في الطلاق، والإرهاق البدني والنفسي والبدني، وهو ما يبتعد إلى حد كبير عن قصة العمل الجديد لهند صبري "البحث عن علا" .
هكذا وبصمت ودون الدخول إلى ساحات المحاكم، قام القائمون على العمل بالإعلان عن اسم العمل ليصبح "البحث عن علا"، وهو في رأيي مختلف تماماً، فمن القصص الواقعية التي تناقشها المجموعة إلى قصة علا وملامح شخصيتها الثابتة في العمل الدرامي الشهير، لا وجه للمقارنة، كما أن هند صبري نفسها خرجت لتؤكد أن اختيار "عايزة اتطلق" مجرد شائعة، وأنه لم يكن اسم المسلسل أصلاً، فضلاً عن أن المسلسل ليس جزءاً ثانياً من "عاوزة أتجوز"، ولكنه مجرد امتداد لشخصية علا وحدها، وهو السر وراء عدم انتقال مجموعة من أبطال العمل الأول "أدوار كتير من اللي كانت موجودة في الجزء الأول مش موجودين معانا، مش لأننا مش نفسنا يكونوا معانا زي الأستاذ أحمد فؤاد سليم، والأستاذة الكبيرة رجاء حسين، وطارق الإبياري، لكن لأن الموضوع مختلف تماماً، الجزء ده معانا شخصيات تانية جديدة زي ندى موسى، ومحمود الليثي، ووالدتي سوسن بدر".
حلقات أقصر أون لاين
وسط أيام الامتحانات والطلبات اللانهائية لأنشطة فضلاً عن الأعمال المنزلية والنزول شبه اليومي إلى التمارين، لم يعد هناك متسع من الوقت كي أتسمر أمام عمل يستمر لـ30 حلقة، إذا أردت مشاهدة عرضه الأول، عليّ أن أبقى في توقيت معين أمام التلفاز، هكذا وجدت في الحلقات الجديدة ضالتي، ليس لأن عددها قليل وحسب –6حلقات فقط– ولكن لأنه بإمكاني مشاهدتها في الوقت الذي أرغب فيه، وهذا أمر يناسبني بشدة.
إنتاج أضخم وتنمر أقل
لأن الكمال لله وحده فلا أنكر أن الجزء الأول لم يخل من بعض الأمور التي تضايقني حين أعيد المشاهدة، مثل التنمر الذي بدأ في الحلقة الأولى والموجه إلى قصار القامة، ساءني كثيراً، وكذلك السخرية من بعض المهن كالنقاش وغيرها، لكن وخلال السنوات الماضية، برز مفهوم التنمر وبدا الأمر أوضح وأقل قبولاً، لذا لا أتوقع رؤية مزيد من السخرية خلال الجزء الجديد.
الإنتاج السخي لنتفليكس بدا واضحاً من الفيديو الذي قامت هند صبري بنشره من كواليس العمل، والتي بدت فخمة جداً.
سخاء بدا واضحاً حتى في ضيوف العمل الذي تم الإعلان عنهم حتى الآن ومن بينهم النجم خالد النبوي.
المرأة وحدها تكفي
أتطلع لرؤية والدة علا من جديد -سوسن بدر- هذه المرة سوف تتغير الجوقة المعادية لها في مكان عملها، وتتحول إلى صديقة داعمة، هي ندى موسى، بينما يقوم الفنان هاني عادل بدور طليقها ووالد أبنائها، الذي تخوض بصحبته عدة صراعات تتعلق بالمسؤولية عن الأطفال عقب الطلاق، وكيف أن المرأة في هذه الحالة هي من يتحمل المسؤولية كاملة، بحسب ما صرح فريق العمل عن القصة، والعمل بالكامل من إخراج هادي الباجوري.
المرأة هي كلمة السر في ذلك العمل بالذات، من الكتابة إلى التنفيذ وصولاً إلى البطولة، مثلاً بطلة العمل هند صبري، التي سبق لها دعم حملة على مواقع التواصل الاجتماعي عام 2012 بعنوان "انتفاضة المرأة في العالم العربي" بهدف تعزيز المساواة بين الجنسين وفقاً لإعلان الأمم المتحدة العالمي لحقوق الإنسان، ومنح الحرية والاستقلال والأمن للمرأة العربية، لم تتحمس فقط لاستئناف العمل، ولكنها قررت أنها سوف تكون المنتج المنفذ له إلى جانب بطولتها، وهذا ما اشترطت عليه بالفعل في اتفاقها وعقب حوارها مع مدير المحتوى بشبكة نتفليكس، لتصف الأمر بأنه "تمكين للمرأة".
علاقة هند بعلا عبد الصبور ليست مجرد علاقة عابرة لسيدة نفذت دوراً لفتاة، ولكنها ذهبت لأبعد من ذلك، حيث تصف علاقتها بالشخصية قائلة "أنا عايشة مع علا منذ ١٠ سنوات ولو تركت نفسي سأصبح علا غريبة الأطوار فأتحدث بكلام بغير مكانه.. هي داخلي طوال الوقت".
بعيداً عن هند صبري فهناك عمود آخر خلف العمل، أتابع الصفحة الشخصية لصاحبته في صمت عبر موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، وهي غادة عبد العال، الشابة التي روت تجربتها في كتابها "عايزة أتجوز"، ليتحول قبل عشر سنوات إلى عمل شهير، لكنها لم تتوقف عند تلك المرحلة، غادة التي لم تتزوج بالفعل حتى الآن، بل إنها قامت في خطوة مفاجئة بتبني الطفل "آدم". تشاركها هذه المرة السيناريست مها الوزير كتابة الحلقات.
تصف غادة نفسها بأنها ممثلة للبنات من عمر 25 لـ35 وهي شريحة ليست هينة، ترغب طوال الوقت في عكس الضغوط الواقعة عليهن، بصراحة أحب ما تكتب غادة عبد العال لأنها تعرف جيداً عما تكتب، ولأن الجزء الجديد يدور حول طلاق علا عبد الصبور، وكيف تحاول أن تصبح رائدة أعمال، مكتفية بذاتها.
تم وصف العمل بأنه "تجربة جديدة للدفاع عن المرأة العربية" أنا أراه كذلك وأرغب حقاً في متابعة الجزء الجديد لأرى كيف ستقدم هؤلاء النساء المتحمسات عملهن الجديد.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.