التنقيب عن النفط والمعادن بالصحراء.. كيف يؤثر على النزاع بين المغرب وجبهة البوليساريو؟

عدد القراءات
902
تم النشر: 2021/12/05 الساعة 09:48 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/12/06 الساعة 09:08 بتوقيت غرينتش
التنقيب عن النفط والمعادن بالصحراء

الثروات الطبيعية بالصحراء ملف قانوني وسياسي هام، عكفت البوليساريو بمحاولات حثيثة على توظيفه لأجل التضييق على المغرب، حيث رفعت شكاوى ضد المكتب الشريف للفوسفات، الذي يستغل منجم فوسبوكراع في الصحراء، وضمت بعض المتضامنين الأجانب معها لأجل منع استيراد دول أوروبية منتجات الصحراء البحرية الزراعية، كما أسست هيئات سياسية وقانونية لمتابعة الملف في تيندوف، جنوب غرب الجزائر، وفي الخارج أيضاً.

جهود لم تكلل بالنجاح عقب رفض معظم شكاوى البوليساريو القضائية ذات الطابع الدولي، وتعذّر تنفيذ حكم وحيد صدر لصالحها في محاكم جنوب إفريقيا، التي تعد أبرز الداعمين لها، في حين تعكف الحكومات والشركات الراغبة في التعامل مع المغرب على إيجاد الطرق القانونية التي تشرع تعاملاتها، رغم سعي البوليساريو لمنعهم.

غير أن البوليساريو نفسها قد ساهمت في التأكيد على شرعية استغلال الثروات الطبيعية في المناطق الخاضعة للمغرب، بعد أن قامت بتوقيع اتفاقيات عقود تنقيب عن النفط والمعادن مع مجموعة من الشركات الأجنبية في سنة 2005، حيث سعت من خلال تلك الخطوة التصعيدية إلى توريط الدول الحاضنة لتلك الشركات في دعم موقفها إزاء النزاع، لكن الشركات الموقعة معها سرعان ما تنصلت من تجديد عقود التنقيب الموقعة مع الجبهة، فيما فضّل بعضها التعامل مع المغرب مباشرة أو بيع الدراسات التي أنجزتها لشركات تتعامل معه.

 اللافت مؤخراً، أن البوليساريو نفسها باتت تطبع مع استخراج الثروات الطبيعية في مناطق شرق الحزام، وبطرق غير قانونية، حيث تعمل منذ سنوات على السماح للمنقبين عن الذهب بطرق بدائية في بعض المناجم غير المرخصة بالصحراء، في محاولة للتنفيس عن الواقع الاجتماعي المتأزّم في مخيمات تيندوف، جنوب غرب الجزائر، التي تسيّرها الجبهة، في ظل انعدام فرص التشغيل فيها، بسبب السياسات الرامية لمكافحة التهريب العابر للحدود التي ضيّقت على معاش اللاجئين بتيندوف، والتي انتهجتها بلدان المنطقة المنضوية في عديد من التفاهمات الدولية حول مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة.

تسيب بمناطق شرق الجدار، جذب ممتهني التنقيب غير القانوني من مخيمات تيندوف ومن بلدان المنطقة الأخرى، لكنه أثار هواجس الأمين العام الأممي أنطونيو غوتيريس، الذي يشير في تقاريره حول الصحراء إلى ارتفاع المخاطر الأمنية في مناطق شرق الجدار، كما دفع بالمغرب سابقاً عبر خطاب ملكي إلى الإعلان عن رفضه لأي شكل من أشكال نهب الثروات الطبيعية في المناطق العازلة، معتبراً أن التصرف في تلك الثروات شأن سيادي مغربي.

يبقى الأهم للمواطنين أن ينعكس تشريع استخراج الثروات الطبيعية بالإقليم على وضعهم الاجتماعي، وأن يفتح المجال لتحسين الأوضاع الاقتصادية في المنطقة، عبر زيادة فرص الاستثمار والتشغيل التي سيتيحها، إضافة إلى الرفع من الموازنات العمومية المخصصة للجهات والأقاليم الجنوبية.

 في ظل عدد من التقارير التي تتحدث عن الإشكالات التنموية التي تشهدها المنطقة، في مقدمة هذه التقارير تلك الصادرة عن المجلس الاقتصادي الاجتماعي البيئي، واللجنة البرلمانية لتقصي الحقائق، حول أحداث كديم إيزيك، بالإضافة إلى تقرير معهد ماكينزي حول الإقليم، حيث أحالت جميعها على ضرورة القطع مع اقتصاد الريع.

 معطيات ستكرس أيضاً أهمية مشاركة ساكنة الإقليم في العملية السياسية، وتعزز أيضاً فرص التوصل إلى الحل السياسي المنشود لإنهاء نزاع عمّر أكثر من اللازم، ويسمح للبوليساريو هي الأخرى بالانخراط في تسيير الشأن المحلي، وفي تدبير ثرواته الطبيعية، إلى جانب بقية الفاعلين السياسيين المحليين.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

محمد سالم عبد الفتاح
ناشط حقوقي
باحث سياسي وكاتب رأي
تحميل المزيد