قد تفوق عوائد النفط إذا استغلَّتْها السَّلطَنة! عن ثروة التعدين المنسيّة في عُمان

عدد القراءات
531
تم النشر: 2021/12/04 الساعة 13:56 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/12/04 الساعة 13:56 بتوقيت غرينتش
جبال عُمان الغنية بالمعادن/ Istock

منذ أن وطأت قدمي هذا البلد الحبيب إلى قلبي سلطنة عُمان عام 2019 وأنا مندهش من تنوع الطبيعية الجيولوجية الفريدة لتلك البلاد والتي تميزها عن غيرها من دول العالم.

فوجئت بكم من الخامات المعدنية أو الحجرية غير المستغلة والتي لو استغلت ستعطي عائداً اقتصادياً يقارب عوائد النفط! واستمرت رحلتي في تلك البلاد الحبيبة لأرى خامات اللاتريت والكروم والمنجنيز والنحاس والجبس والحجر الجيرى والكوارتز، وكلها خامات لو وُجدت واحدة منها فقط في أي بلد ستكون كافية لتحويلها إلى شكل آخر.

فقمت بالبحث عن أصل المشكلة وعن طرق للحل خدمةً لهذا البلد الكريم، وتوصلت إلى أن التعدين هنا لم يتم اعتباره أحد مصادر الدخل الرئيسية إلا فقط عند الحديث عن مادة الجبس الذي يُصدّر كمادة خام بأسعار أعتبرها متوسطة، ويعاد تصنيعه وإنتاج مواد وأشكال أخرى منه بالخارج ليعود بأسعار أعلى، ومثله باقي الخامات كاللاتريت الذي يتم بيعه بأسعار بخسة لمصانع الإسمنت، في الوقت الذي يُعد فيه هذا اللاتريت من أهم مصادر خام النيكل على مستوى العالم. وسعر النيكل نفسه يتعدى أسعار خامات اللاتريت، بالإضافة إلى أنه في الوقت نفسه مصدر لخام الحديد إذا تم رفع تركيزه بطرق اقتصادية وغير مكلفة.

وخام النحاس وما أدراكم ما النحاس العُماني! ولا بد من وقفة خاصة مع موضوع النحاس حيث تملك عُمان احتياطيات كبيرة من خام النحاس مقسّمة على 10 مواقع كبيرة من شمال السلطنة حتى وسطها.

وأيضاً الكروم العماني بنفس الطريقة، والكارثة أكبر في خام المنجنيز العماني الذي يلقى عدم الاهتمام، وهو خام حيوي جداً لصناعة الصلب، وبدونه لا توجد صناعة صلب ولا صناعة البطاريات الكهربائية، ويتمثل عدم الاهتمام في عدم اعتماد أي خطة لتطوير المنجنيز العماني لرفع جودته بطرق أيضاً بسيطة وغير مكلفة ليكون المنجنيز وهو معروف عالمياً بأسعاره، أغلى من الكروم أو الحديد.

كل ما سبق تسمى خامات استراتيجية؛ لأنها تدخل ضمن الصناعات الأساسية لأي دولة، ونقصانها يمثل أزمة، بالإضافة إلى الخامات الحجرية كالحجر الجيري والكوارتز ورمل السليكا والدولوميت.

والمثير للدهشة أن هذه المشاكل معروفة لقطاع التعدين في عُمان، ولكن التحرك بطيء لتطوير تلك الخامات رغم كل التوجيهات السامية من كل من السلطان قابوس بن سعيد المعظم (رحمه الله)، والسلطان هيثم بن طارق المعظم (حفظه الله). ورؤية عُمان 2040 الرائعة معتمدة أساساً على تحويل هذا القطاع إلى قطاع منتج ومساهم في الناتج القومي للبلاد مع إعطاء قيمة مضافة لكل تلك الخامات.

نقاط مقترحة للحل

أولاً: عودة فتح قسم هندسة التعدين بالجامعات العُمانية لعمل قاعدة عُمانية شبابية لتطوير هذا القطاع أو مراكز تدريب تتبع الوزارة.

ثانياً: صدور اللائحة التنفيذية لقانون التعدين الرائع الصادر عام 2019 لبدء الأعمال والتنفيذ.

ثالثاً: تطوير قطاع التعدين بالوزارة عن طريق استحداث طرق إلكترونية للتراخيص والاستثمار.

رابعاً: الرقابة الحكومية على كل المحاجر والمناجم لتقليل الإهدار وتطبيق القانون، وهناك أنظمة لاستخدام الكاميرات المتصلة بكل مكاتب الوزارة على مستوى السلطنة ومن السهل تطبيقها في المحاجر.

خامساً: عمل حوافز اقتصادية لأي استثمار تعديني وخصوصاً ذلك المعتمد على عمل قيمة مضافة.  

سادساً: إعادة تطوير وافتتاح المختبر الكيميائي التابع للوزارة ليكون مصدراً رسمياً معتمداً لأي نتائج رسمية متعلقة بالخامات التعدينية والمناقصات الرسمية للوزارة.

سابعاً: عمل دراسات فنية لكل المواقع التعدينية لتكون جاهزة مباشرة للاستثمار وبها كافة التراخيص اللازمة للعمل، ما يعمل على جذب استثمارات مباشرة لقطاع التعدين.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

محمد أحمد عبدالقوي
مهندس مصري حاصل على الدكتوراه في الهندسة الكيميائية
مهندس مصري - استشاري التعدين والفلزات في سلطنة عمان وعضو المعهد الأسترالي للتعدين والفلزات وحاصل على شهادة الدكتوراه فى الهندسة الكيميائية والبكالوريوس والماجستير فى هندسة المناجم والفلزات ولى أبحاث منشورة فى نفس المجال وأيضاً مقالات سياسية
تحميل المزيد