انطلقت بطولة كأس العرب – فيفا 2021 للمنتخبات في دولة قطر بالحفل الرسمي، الثلاثاء، وستستمر حتى 18 من شهر ديسمبر/كانون الأول الحالي، وتجمع البطولة أقوى المنتخبات العربية في قارتي آسيا وإفريقيا في أول تجمع عربي كروي كبير بعد غياب تسع سنوات نسي فيها المتابع العربي أن هناك بطولة كرة قدم ناطقة باسمه وسط البطولات العالمية والإقليمية التي يحرص على متابعتها بصورة دورية.
وتأتي بطولة كأس العرب الآن لتكون أفضل فرصة للمنتخبات العربية التي تبحث عن بطولة جديدة تضيفها إلى خزائنها وفرصة للاحتكاك للكثير منها للاستعداد للبطولة الكبرى كأس العالم التي تقام في دولة قطر أيضاً في نهاية العام القادم 2022.
وتنبع أهمية هذه النسخة من كأس العرب للمنتخبات العربية في القارتين من أنها تأتي بالكثير من المتغيرات التي لم تظهر سابقاً في النسخ السابقة على قِلتها.
اهتمام من أعلى سلطة كروية في العالم
لأول مرة في مسيرة بطولة كأس العرب تأتي هذه النسخة بتنظيم وإشراف مباشر من الاتحاد الدولي لكرة القدم الفيفا، وبرعاية من العلامات التجارية الكبرى والمشهورة والتي لديها اتفاقيات رعاية مطولة لبطولات الفيفا الكبرى، وعلى رأسها بطولة كأس العالم، بالإضافة إلى العلامات التجارية الإقليمية المشهورة الأخرى.
وهذا الأمر يعتبر بالغ الأهمية لهذه النسخة، لأنها تعطيها زخمها وأهميتها المطلوبين، الذي فُقد في النسخ السابقة، فرعاية كأس العرب كانت من ضمن المعوقات الرئيسية التي جعلت الاتحاد العربي يفشل كثيراً في إقامتها بصورة راتبة أو وفق جدول زمني معلوم.
حيث أفرد الاتحاد الدولي صفحة شاملة على موقعه الإلكتروني يبرز فيه كل ما هو متعلق بهذه البطولة مثل جدول المباريات والمنتخبات المشاركة والملاعب التي تقام فيها المباريات وأحداث المباريات وحجز التذاكر مع تغطية محدثة ومستمرة لكل ما يجري في البطولة.
كأس العرب.. أفضل طريقة للاستعداد للمونديال
سابقاً جرت العادة أن تستضيف الدولة التي تُقام بطولة كأس العالم في أراضيها بتنظيم بطولة تمهيدية مصغرة على أرضها تسمى كأس القارات، والتي تجمع أبطال القارات السبع للوقوف على مدى استعداد المرافق والمنشآت والملاعب لاستضافة الحدث الكروي الأكبر والأضخم في العالم.
ولكن مع تأثير جائحة كورونا وإلغاء فكرة كأس القارات بالكامل عملت دولة قطر على التفكير خارج الصندوق من خلال استضافة 16 منتخباً دفعة واحدة في بطولة مجمعة تمثل أفضل طريقة لاختبار مدى استعدادها لاستضافة أول كأس عالم في العالم العربي والشرق الأوسط.
وقد أعلنت بالفعل قطر عن اكتمال الأعمال في جميع ملاعب المونديال قبل عام كامل من إقامتها، حيث من المقرر أن تقام مباريات بطولة كأس العرب في ستة ملاعب من الملاعب الثمانية التي تقام فيها مباريات كأس العالم القادمة من ضمنها ملعب البيت الذي يستضيف المباراة النهائية.
جوائز مالية ضخمة
لزيادة الاهتمام بهذه البطولة أعلنت اللجنة المنظمة عن جوائز مالية ضخمة لا مثيل لها للفرق المشاركة والفائزين وبطل البطولة، حيث أعلن الاتحاد العربي عن مبلغ يصل إلى 25 مليون دولار لهذه النسخة، وهو مبلغ يتفوق بشكل كبير على جوائز بطولتي كأس الأمم الإفريقية وأمم آسيا.
حيث من المتوقع أن يحصل البطل على 5 ملايين دولار بينما يحصل صاحب المركز الثاني على 3 ملايين دولار، وصاحب المركز الثالث على مبلغ 2 مليون دولار، فيما يحصد الرابع مليوناً ونصف المليون دولار، بينما كل منتخب يتأهل لدور الثمانية سيحصل على مليون دولار، وكل منتخب يشارك في البطولة يحصل على 750 ألف دولار.
منتخب العنابي والتحدي الكبير
بدلاً من تجربتها السابقة بتجنيس اللاعبين للعب باسمها في المحافل الدولية عكفت القيادة القطرية في صناعة لاعبين يمثلون منتخباتها المختلفة عبر أكاديمية إسباير الرائدة حيث أفرزت الأكاديمية منتخباً متجانساً وواعداً للغاية.
وبالرغم من أن أغلب هؤلاء اللاعبين هم من المقيمين أو من غير الأصول القطرية لكن صناعتهم وتكوينهم في الأراضي القطرية أعطاهم شيئاً من الأصالة والانتماء، وأصبحت تجربة رائدة لفتت أنظار معظم دول العالم التي تريد تحقيق الإنجازات في المحافل الرياضية والدولية.
وقد كان تحقيق المنتخب القطري لبطولة كأس آسيا 2019 قمة النجاح لهذا النهج الذي أثبت فاعليته ونجاحه، والآن ستكون كل الأعين متجهة لهذا الجيل في بطولة كأس العرب، والذي يعتبر الاختبار الأخير قبل انطلاق المونديال القادم الذي يعتبر الهدف الأساسي للمنتخب القطري في تحقيق ما عجز عنه العرب في النسخ السابقة من البطولة بالذهاب بعيداً فيها.
وقد استعد المنتخب بشكل لم يسبق له مثيل، ويمثل كأس العرب حفل الختام قبل الدخول لمعترك كأس العالم بوصفه البلد المضيف، حيث جال المنتخب العالم بجميع أرجائه مشاركاً في بطولات إقليمية قوية، مثل بطولة كوبا أمريكا في أمريكا الجنوبية، وبطولة الكأس الذهبية في أمريكا الشمالية، والمشاركة بصورة غير رسمية في تصفيات كأس العالم 2022 عن قارة أوروبا، بالإضافة إلى البطولة الإقليمية خليجي 23 و24.
والآن يبدو لاعبو المنتخب القطري مستعدون بشكل كامل لخوض غمار بطولة كأس العرب متسلحين بالخبرة العريضة التي اكتسبوها في الأعوام السابقة في البطولات المختلفة، ومن المتوقع أن يحقق هذا الجيل أفضل النتائج في هذه البطولة.
ماذا عن مصير البطولة بعد هذه النسخة؟
حتى الآن، فإن كل الأعين منصبة بشكل كامل على هذه النسخة من كأس العرب لما يمثله من أهمية كبرى لمعظم المنتخبات المشاركة، سواء من حيث الجوائز المالية أو تحقيق التقدم في مراحلها، أو حتى كوسيلة للاستعداد بشكل كبير لما تبقى من مباريات في التصفيات المؤهلة لكأس العالم فيفا قطر 2022.
وللإجابة على السؤال السابق، فإن معظم المؤشرات حتى الآن ضبابية، ولا توجد رؤية واضحة لمستقبل البطولة، سواء من الاتحاد العربي أو الاتحاد الدولي، وبطبيعة الحال فإن أمر إقامتها مستقبلاً وارد بشكل كبير ولكن أين ومتى؟
الاتحاد الدولي حتى الآن لم يصرح رسمياً بإضافة هذه البطولة إلى الأجندة الدولية بشكل رسمي، بالإضافة إلى أن تأثير جائحة كورونا الذي لا يزال مستمراً قد أثر على معظم الأحداث والبطولات الكروية العالمية، مما جعلها تتداخل مع بعضها البعض بشكل مربك للغاية.
ومن ثم فإن الاستقرار على جدول زمني واضح ومعلوم ضمن أجندة البطولات الدولية للمنتخبات يبقى أمراً هاماً للغاية، وفي هذا، فإن التأثير والضغط على الاتحاد الدولي أصبح مطلباً ضرورياً للغاية، لجعل هذه البطولة أمراً واقعاً بتاريخ ومكان معلومين للجميع.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.