من هو رفيق الدرب؟ هل هي كلمة يتفق على معناها الجميع؟ أم لكل فرد تعريفه الخاص به؟ هل يوجد ما يسمى من الأساس بـ"رفيق الدرب"؟
دعونا نتفق أولاً أن كلمة "رفيق الدرب" تختلف لا محالة بين مجتمع وآخر، حتى في داخل المجتمع نفسه من الممكن أن يختلف تعريفها بين أفرادها، لكن هل نستطيع حقاً أن نُعرف هذا المصطلح أم هو مصطلح مفتوح وليس منغلقاً؟
رفيق الدرب ليست كلمة تقال هباءً، إنها كلمة تتدفق المشاعر عبر حروفها لتلتقي بين الأحباء، رفيق الدرب هو من يجعلك دائماً متماسكاً في الأوقات الصعبة، يكون كالعمود الفقري لهيكلك، يكون كالبوصلة التي توجهك للصواب، تجعلك تتجنب المشاكل، فرفيق الدرب هو كل شخص يقف بجانبك، في المواقف الصعبة، في الأزمات المستعصية، يساندك، كالأب.. الأم.. الأخ.. الأخت.. الصديق، أو حتى هو شخص لم تره من قبل، لكن أرسله لك القدر في يوم ما ليكون عوناً لك.
هنا سنخصص بعض كلماتنا لنوع واحد فقط من رفقاء الدرب، وهو الصديق، لكن مرة أخرى من هو الصديق؟
يعمل صديقك كالعقل الذي يجعلك متوازناً دائماً، غير هذا يسمى عدواً هادماً، ليست كل الأمور تظهر كما نراها، إن الصداقة أمر معقد أكثر مما نتخيل، فكما يقولون: "انظر من تُخالِل لتعرف من أنت".
اختيار الصديق يُبنى على مبادئك أنت، إذا أردت أن تكون ناجحاً ستتجه لاختيار صديق ذي عقلية عالية، تسعى دائماً للتفوق، نشيط لا يهاب أن ينطلق في الطرقات ليصل لحلمه، النشاط يتغلغل في داخله كالصاروخ المتدفق خارج الغلاف الجوي للأرض لينطلق للحرية للفضاء، ليرى ما لن يراه غيره، هذا من يسمى الصديق الذي يجعلك ترتقي للآفاق.
أما الصديق الذي لا يتفق مع مبادئك فسوف يزلزل حياتك، سيجعلها تتشقق، سيجعل أعمدة حياتك تتآكل وتتهالك، إنها معادلة بسيطة أنت من تحددها، مجموعة من التفاعلات تؤدي للنجاح أو الفشل، لكل شخص ناجح فئة حوله تدفعه ليرتقي، وأما الفاشل فيهدمه من يتسكع معهم ليلاً ونهاراً.
بما أن الصديق شيء مهم في حياتنا، ويحدد مصيرنا في معظم الأحيان، ويكون عوناً أو ثقلاً علينا، فيجب أن نتعرف على الكيفية التي من المفترض من خلالها اختيار الصديق الحق المناسب لنا، والإنسان من قديم الأزل يعيش في المجتمعات، ففطرة الإنسان من الصعب أن تتأقلم على الوحدة لمدى طويل، إلا إذا كان هناك اختلال ما في شخصية الفرد!
كيفية اختيار الصديق المناسب:
ملائم لأفكارك:
فلكل فرد أفكاره الخاصة التي يؤمن بها، ويكرس مجهوداته للمضي قدماً للتضامن معها دائماً في جميع نواحي حياته، فإن كان الصديق الذي تعتبره رفيق دربك مناهضاً لأفكارك دائماً التي تعتقد أنها صحيحة ولا تشوبها شائبة، ومؤمن بها بكل جوارحك، سيكون هذا الصديق عائقاً كبيراً أمامك في الحياة، لن يكون عوناً، بل سيكون ثقلاً عليك، فالصديق الملائم لأفكارك يدوم ويظل في دربك دائماً.
مقارب لسِنك:
دائماً الأجيال المختلفة يحدث بينها صراعات؛ بسبب عدم سهولة التفاهم بينهم واختلاف وجهات النظر، فالجيل الأكبر سناً يدعي خبرته الأكثر من الجيل الأصغر، فيشتد الصراع، والمسافة تبتعد فيما بينهما، فلكي نقلل من أي مشاكل أو صراعات تحدث بين الأصدقاء يجب أن يكون الصديق من الجيل نفسه، متقارباً في السن، يفهمك وتفهمه، يعلم الصعوبات التي تتحداها لمواجهة أية صعوبات يمر بها جيلكما، فتكونا يداً على يد لتقليل أي ثقل يمر بكما، وعوناً على الضغوط، فتبتعد الصراعات عن حياتك الاجتماعية، وتتجه للسلام والطمأنينة.
طموحات مشتركة:
لكل شخص منا طموحاته التي يود أن يحققها على المدى القريب أو البعيد، فخطة الفرد تتطلب وسائل كثيرة، منها البسيطة والمعقدة، فمن وسائل النجاح المساعدة محيط الشخص، فالصداقة هي من أقرب الوسائل المحبطة أو المشجعة، تعطيك في الوقت المناسب الطاقة النفسية الإيجابية وتدفعك لهدفك وطموحاتك، إما أن تكون طاقة سلبية مهتزة ومهترئة كأعواد الثقاب رخيصة الصنع، تجعلك تحبط وتأخذ من قوتك فتقتل حلمك وطموحك، فعلى حسب المرء الذي نتخذه صديقاً يمكننا أن نصل لحلمنا بطريقة أقل ضرراً ومجهوداً، فالصديق الطموح نقي القلب يسعى لأن يكون من يسير معه في مشواره ناجحاً، وذا مستقبل، ولا يقبل بالشخص البالي الكسول، فكلها دائرة واحدة تكتمل!
خزانة أسرار:
نحتاج في كثير من الأمور في الحياة أن نأخذ رأي أحد موثوق فيها، شخص قريب يَعلمنا جيداً، يفكر بعلاقنية ورُشد، يعلم خطورة ما يخرجه من فمه في المواقف الحرجة التي تحتاج إلى رأي ذي قيمة، نشتكيه من أخطائنا، يحاول أن يحلها معنا من دون أن يخرجها لأحد آخر، يكون كخزانة أسرار بالنسبة لنا، يستشعر هذا الدور جيداً، نثق فيه ويثق فينا، مهما كانت الظروف لا يخذلنا.. أو يجعلنا نمر بأشياء لا نحسد عليها، فالصديق إذا لم نكن نستطيع أن نستأمنه على أسرارنا فلا يسمى صديقاً، بل شيئاً آخر غير ذلك المسمى!
مصالح معنوية:
حبّذا أنك تختار الصديق لمصالح معنوية، ويدعمك وتدعمه دائماً، لكن ما هو السيئ، وغير المحبذ؟ هو أن تختار الشخص على حسب المادة والمال، أو بشيء له قيمة لحظية وتنتهي بانتهائها، بل الاختيار يتم على أسس أخلاقية، فالأخلاق هي المصلحة التي تدوم على مر السنين، وتجعل علاقة الصداقة لا تنتهي، مهما حدث من خلافات ومشاكل، فالإنسان الذي يمتلك المادة فقط بلا أخلاق، كالوردة البلاستيكية التي لها مظهر حسن لكن بلا رائحة عطرة.
فالصداقة صفة ذات حدين كالسكين، تستخدمها بطريقة جيدة تعطيك ثمارها، تستخدمها بطريقة سيئة تقضي عليك، فكما يقال: "الصديق ساحب"، يأخذك من يدك للطريق الحسن أو السيئ، فلو كانت بداية الاختيار صحيحة ستكون العاقبة حسنة، أما إذا كانت العكس فستكون العاقبة مشينة.
في النهاية أقول إنه يجب على كل فرد في المجتمع أن يكون صديقاً صالحاً، صديقاً يعين أفراد المجتمع ليتجهوا للطريق الصحيح، فالأفعال أقوى وأشد من الأقوال، فكن قدوة وصديقاً جيداً لغيرك.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.