مع استمرار تفشي جائحة كورونا وظهور الكثير من المتحورات في دول عدة حول العالم، وبالتوازي مع حملة التلقيح الواسعة التي أصبحت إجبارية في معظم دول العالم أصبحت الدعوة إلى اعتماد وثيقة جواز سفر اللقاح والذي يثبت تلقي التطعيم ضد كورونا موضوعاً ساخناً في جميع دول العالم.
ولكن غالباً ما يتجادل الناس حول ما إذا كان استخدامها ضرورياً أو أخلاقياً أو حتى آمناً. ومع ذلك أصبحت الحاجة إليها الآن أكثر من أي وقت مضى للحد من انتشار الفيروس والتحكم في معدل انتشاره بين المجتمعات مع اتجاه الدول لرفع حالة القيود التي أُجريت سابقاً.
وقد بدأت بعض الدول الأوروبية والعربية وبالتحديد في منطقة الخليج العربي بالفعل في تطويع التكنولوجيا لإصدار جوازاتها الخاصة والتي تسمح للمواطنين بالسفر ودخول الأماكن العامة، والتي اتفقت معظمها في إصدارها في شكل تطبيق يتضمن جميع المعلومات التي تثبت تلقي الشخص للقاح وعدد الجرعات وغيرها من المعلومات الأخرى.
ولكن أكثر الأسئلة التي ظهرت هي مدى أمان هذه التطبيقات وهل ستشكِّل خطراً على الخصوصية بالفعل خاصة أن إبرازها أصبح ضرورياً في بعض المطارات وشركات الطيران بينما أصبحت في بعض الدول أيضاً شرطاً لدخول الأماكن العامة مثل المقاهي أو ملاعب كرة القدم أو الملاهي.
لماذا نحتاج إلى جوازات سفر اللقاح؟
كانت جوازات سفر اللقاح موجودة حتى قبل ظهور جائحة كورونا ولكن في شكل مبسط عبارة عن وثيقة ورقية تثبت أخذ اللقاح ضد أمراض معروفة مثل الحمى الصفراء أو فيروس الكبد الوبائي، ولكن يتمثل الآن في معظمها في شكل تقني والذي يأتي غالباً في شكل تطبيق في الهاتف المحمول.
حيث يمكن أن يكون هذا التطبيق الوسيلة الرسمية للتقديم للحصول على شهادة التطعيم بشكل من الدولة أو يكون في شكل بطاقة شخصية رقمية يُستخدم لتأكيد تلقيك القاح ضد فيروس كورونا أو رمز استجابة سريعة QR يُحفظ في الهاتف تبرزه للجهات المسؤولة تحوي بياناتك الشخصية ومن ضمنها عدد الجرعات التي تلقيتها ومكانها ونوعها.
ويسهّل هذا الأمر على الجميع إثبات أنك قد تلقيت اللقاح ويسمح لك بدخول البلد أو الأماكن العامة وإن كان ذلك من خلال التطعيم فقط وليس من خلال المناعة الطبيعية، نتيجة لذلك أصبحت أماكن العمل والسفر الدولي والبيئات الاجتماعية الأخرى أكثر أماناً وراحة.
بالإضافة إلى ذلك تعد جوازات سفر اللقاح طريقة سهلة للوصول إلى سجلاتك الطبية عندما تحتاج إليها، ولكن ماذا عن الخصوصية؟
بطبيعة الحال لا يخلو حل تقني من المخاطر، وفي الوقت نفسه وجود الفوائد، وفيما يتعلق بالفوائد فإن نقل جمع البيانات الطبية عبر تقنيات مثل البلوكتشين وإنترنت الأشياء هي الأكثر أماناً وفاعلية، حيث يتم إخفاء بياناتك الشخصية خلف إجراءات أمنية لا يمكن لأحد سواك والأطراف المصرح لها الوصول إليها.
ولكن هذا لا يعني أن الأخطار غير موجودة؛ حيث وضح أن تطوير جوازات سفر اللقاحات على شكل تطبيقات كان متسرعاً، ولا تزال هناك عيوب في تصميمها وتطبيقها. حيث ظهرت تفاصيل مفقودة مثل موقع أخذ الجرعة وإمكانية تقديم معلومات خاطئة.
بالإضافة إلى خطر القرصنة، حيث تعد جوازات سفر اللقاح مليئة بالتفاصيل الشخصية وبالتالي فهي هدف مغرٍ للقراصنة الرقميين.
ومشكلة أخرى وهي أنها ليست خاصة تماماً حيث تتصل التطبيقات بسجلاتك الطبية والتي يتعين عليك تقديم بعضها إلى أشخاص غير معنيين بها قبل دخول المباني العامة أو الفعاليات والأحداث الجماهيرية.
إذاً هل تستحق جوازات سفر اللقاح الاستخدام بالرغم من المخاطر؟
يمكن أن تتحول جوازات سفر اللقاحات إلى وسيلة مفيدة للغاية للحد من انتشار الفيروس. على المستوى الاجتماعي فهي وسيلة للتأكد من أن تواجدك في الأماكن العامة التي يتطلب الدخول إليها آمن قدر الإمكان وخطر التعرض للعدوى قليل للغاية.
وعلى المستوى الشخصي تقدم لك هذه التطبيقات رؤى سريعة لبياناتك الطبية بالإضافة إلى دليل يمكن الوصول إليه بسهولة يثبت تلقيحك ضد الفيروس. وفي الوقت الحالي تعد جوازات سفر اللقاحات آمنة وفعالة نسبياً، ومع مرور الوقت يجب أن تصبح أكثر أماناً وقانونية وأخلاقية.
وستستمر التهديدات السيبرانية وسوء التصرف عند استخدامها، لكن يمكن للسلطات أن تبذل قصارى جهدها لمواجهة مثل هذه المشكلات. وفي نهاية المطاف من المتوقع أن تنمو جودتها باستمرار مما يجعل فوائد استخدامها تستحق المخاطرة أكثر فأكثر.
ومع تسبب جائحة كورونا في توقف العالم والذي بدوره أثر على حركة السفر حول العالم فإن طريق الشفاء والتعافي لا يزال طويلاً ومعقداً، لكن جوازات سفر اللقاح يمكن أن تكون جزءاً واعداً من الحل. وفي حين أن التكنولوجيا تأتي مع مخاطر أمنية إلا أنها يمكن لها أن تساهم في السيطرة على انتشار فيروس كورونا وتحقيق الاستقرار في المجتمعات التي أصابها الفيروس بالشلل.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.