تجريم بريطاني لحماس يتبعه تطبيع مغربي فأردني.. هل يعد هذا انتصاراً إسرائيلياً؟!

عربي بوست
تم النشر: 2021/11/28 الساعة 11:57 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/11/28 الساعة 11:57 بتوقيت غرينتش
أردنيون يحملون الأعلام واللافتات أثناء تظاهرهم احتجاجًا على صفقة الماء مقابل الطاقة الموقعة من قبل إسرائيل والأردن/ رويترز

بعد خطوة بريطانيا لتجريم حماس فضلاً عن تطبيع أردني ومغربي في أسبوع واحد وصل إلى العلو والهرولة والهيسترية، اختلطت الأوراق وحار من حار ووصفها آخر بمرحلة التحولات المكثفة أكسبت الاحتلال الإسرائيلي انتصارات جديدة.

 في المقابل ألا يلزمنا أن ننظر إلى التحولات الإسرائيلية كردات فعل في سياق زماني، شهد انتصارات للمقاومة آخرها معركة القدس وسيف القدس ونفق الحرية، وسياق إقليمي شهد تصاعد الغضب ضد المشروع التطبيعي وسياق داخلي مضطرب يربك العقل الصهيوني الذي يعيش شبح الخراب. 

أسئلة لفهم ماذا يحدث وكيف يحدث في المغرب والمنطقة

كيف نفهم التحرك الجديد الإسرائيلي في المنطقة ضمن تحولات متصاعدة، وتحرك من تركيز على تطبيع في المغرب، إلى تطبيع مع الأردن، بعد اهتراء صفقة القرن، وفشل تطبيع السعودية، إلى إخراج ورقة غربية وهي بريطانيا لتجريم المقاومة وحماس، بعد اهتراء ورقة أمريكا بعد فشل شعوبية ترامب العنصرية؟

 هل هذا التحرك الجديد يسعى إلى مسار صناعة صفقة أخرى، أم هناك أزمة في الداخل تسعى من خلالها إسرائيل إلى البحث عن نقاط قوة وهمية في المنطقة والشعوب العربية والإسلامية، أم هناك تغير وتطور جديد للمقاومة انتقل من انتصار في داخل فلسطين مع سيف القدس، إلى تحرك في الخارج من خلال خطف ضباط إسرائيليين؟ وهل هذا التحرك المقاوم هو الذي سيدفع الكيان إلى تسويق وهم "لمجتمعه" بالتمدد في المنطقة من خلال اتفاقات التطبيع توهم الجماعات المتطرفة بانتصارات وصعود قوة إسرائيل في المنطقة؟

أولاً: قد نغرق في التحليل السياسي بعد تصعيد في تطبيع دبلوماسي وسياسي فأمني وسياحي وعسكري وحق لنا التحليل، لكن تعالوا نسأل أولاً: لماذا توغل العدو في المغرب هذا التوغل؟ لماذا الإصرار والانتقال من تطبيع رسمي مؤسساتي إلى شعبي وأمني استخباراتي يستهدف ضمنياً النشطاء والقوى الحية؟

 وعلى مستوى الشأن المغربي:

والسؤال الذي يتكرر دائماً: لماذا إصرار إسرائيل على التطبيع والسعي الهستيري خلفه؟

كيف لعدو كان أقصى غاياته وكل رواياته وأساطيره تقوم على احتلال فلسطين وكان مع بلفور، فإذا بهذا الخنجر ينتقل بعد أزيد من 100 سنة من احتلال لأرض فلسطين، إلى انتقام من الشعوب العربية والإسلامية، وكأنها صارت تشكل تهديداً ثانياً خارجياً، يضاف إلى مهدد المقاومة، لنحصل على مقاومتين، الأولى في فلسطين وغزة، ومقاوم آخر في الشعوب العربية والإسلامية ينتظر التحرر من منتوجات الكيان الإسرائيلي وهي الأنظمة، ليتحول إلى دول ديمقراطية قوية تفكر بعد التحرر من الحكام، والسعي إلى التحرر من كيان صنع هؤلاء الحكام.

هل هذا التحرك الإسرائيلي انتصار أم يُخفي شيئاً؟

مرحلة أولى: بعد مسيرات العودة في غزة ومعارك في باب الرحمة والأسباط وبعد انتصار في معركة مرابطي صلاة الفجر، تصاعد تطبيع آخر -كردة فعل لإخفاء الهزائم الإسرائيليةـ حقق توقيع اتفاق إبراهام في أمريكا.

مرحلة ثانية: بعد هذا العلو الإسرائيلي الذي جمع أوراقه العربية الفاسدة جاء انتصار آخر في "معركة حد السيف"، وبعد انتصار فلسطيني في "معركة حد السيف" واستشهاد نور بركة القسامي، وهزيمة وحدة "سيرت متكال" إحدى أهم الوحدات الخاصة بجيش الاحتلال في 2018 بغزة 1، وبعد تقزيم قوة إسرائيل في المنطقة وفضح مثالبها وتشدقها، سارع الكيان إلى تطبيع آخر متصاعد مع المغرب والسودان رفقة الإمارات والبحرين وصفقة القرن، لعله يوهم ما يسمى المجتمع اليهودي والجماعات بمربعات انتصار وتمدد في المنطقة، لكن المفاجأة كانت وهي انتصارات جمة في معركة سُميت "سيف القدس"، وهزيمة مشروع صفقة القرن وكوشنير وترامب والإمارات والسعودية من أجل تهميش القضية وتصفية المقاومة، وتمزيق المنطقة وإعادة خارطة الأمة، لكن قدر الله وسواعد المقاومة ونصرة الشعوب أربكت الحسابات الإسرائيلي.

 ـ مرحلة ثالثة: وبعد سيف القدس وفشل صفقة القرن ورصد وجود مقاومة قوية، واهتراء السعودية في التطبيع والتغير الأمريكي في التعامل مع القضية بطريقة تقليدية، وبعد تصاعد غير مسبوق في الشعوب في النصرة والمناهضة ورفض التطبيع، فضلاً عن تحرك غربي في شوارع وجامعات غربية لطرد ممثلي الكيان، جاءت مرحلة جديدة من التحرك الإسرائيلي لتسويق الوهم، والبحث عن مربعات انتصار في داخل المنطقة وبطبيعة الحال من بوابة التطبيع لإخفاء هزائم أخرى بعد سيف القدس، كانتصار نفق الحرية ومعركة القدس والإعلان عن اختطاف ضباط صهاينة.

هذه مرحلة تميزت خلال هذه الأسابيع بتطبيع هستيري من خلال غوص تطبيعي بحريني في أعماق البحار، وتطبيع مغربي يهدد المنطقة المغاربية، واختراق العقل المغربي تربويّاً، وفشلوا بعد "حرب المكانس"، وفشلوا في تفتيت المنطقة المغاربية.

لكن في هذه المرحلة سيسعى الاحتلال الإسرائيلي بعد هذه الهزائم للكيان إلى:

إخراج الانتصار الوهمي: هي مرحلة جديدة جمعت "الشلة الاستبدادية" لصناعة انتصار وهمي بلفيف آخر، دون رفع شعار آخر بصفقة أخرى، قد تسقط مرة أخرى، لأن العلو كلما روج لعلوه كانت سقطته كبيرة.

 2ـ إخراج الورقة المريضة العربية القديمة: بعد فشل السعودية وأنظمة صفقة القرن في تقويض مشروع المقاومة والقضية الفلسطينية، تحرك الكيان وفق تحرك تقليدي قديم، وهو عودة إلى القوى القديمة للتطبيع معها.

فعوض الاستعانة مرة أخرى بالسعودية لإنشاء صفقة قرن، فإن الكيان سيستدعي مُطبعاً قديماً اسمه "الأردن"، الذي لم يحقق منذ عقود شيئاً من التطبيع سوى الفقر والأمراض، عبر التطبيع الزراعي والتغلغل في القصر الأردني.

3ـ إخراج الورقة المريضة الغربية: ومن الخارج عوض استدعاء أمريكي ليلعب لعبة مثل ترامب، لصناعة صفقة أخرى، استدعت إسرائيل ورقة قديمة، وهي مؤسسة بلفور، أي استدعت الصديق القديم بريطانيا لشيطنة وتجريم حماس.

جدير بالذكر أيضاً أن هذا الشهر يصادف الذكرى السنوية الثالثة لعملية "حد السيف"، التي حطّمت فيها كتائب القسام وحدة "سيرت متكال"، إحدى أهم الوحدات الخاصة بجيش الاحتلال، وأمْنَتْها بفشل كبير، حيث إنه في مساء الحادي عشر من نوفمبر/تشرين الثاني عام 2018، تسللت قوة إسرائيلية خاصة شرق مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة، بهدف زرع منظومة تجسس للتنصت على شبكة اتصالات المقاومة، لكن سرعان ما تحولت هي ومعداتها إلى فريسة في شباك المقاومة، صيد ثمين كشف عن سرعة استجابة ويقظة ومهارة أمنية عالية لدى كتائب القسام، وفشل استخباري وأمني كبير لاستخبارات الاحتلال الإسرائيلي.

من تنقيب عن اعتراف إلى انتقام من شعوب

في المقابل، يأتي هذا التحرك الإسرائيلي الهستيري من تخوفات بعد انتصارات فلسطينية في الأرض في سيف القدس، وانتصار في نفق الحرية استخباراتياً يُبطل مقولة أن إسرائيل هي أقوى قوة عسكرية وأمنية تحمي المنطقة، وهي لم تحمي حتى نفسها من صواريخ الضيف، ويأتي هذا التحرك بعد ظهور أسر واختطاف تجاوَزَ داخل غزة إلى خطفٍ خارجي من المقاومة.

ويأتي هذا التحرك بعد فشل آخر من التطبيع في المغرب والمنطقة المغاربية، وحصول على اعتراف من الشعب المغربي والجزائري بالكيان الإسرائيلي، وبالتالي المرحلة المقبلة من التطبيع لن تنحصر في الحصول على اعتراف وتعايش وسلام، بل سيكون هدف الاتفاقيات والتنسيق المغربي والعربي الصهيوني هو الانتقام من الشعب، من خلال تطبيع شعبي وسياحي واجتماعي جماعي، يأتي بالصهيوني في جماعات ليخرب المجتمع ونسيجه، وتطبيع أمني يستهدف الشارع والنشطاء.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

هشام توفيق
كاتب وباحث في الشأن الفلسطيني والتراثي
تحميل المزيد