تبدأ اليوم 27 نوفبر 2021 الانتخابات المحلية في الجزائر، حيث يختار المواطنون مرشحيهم للبلديات، في أبرز تطبيقات اللامركزية في الدولة.
اللامركزية هي النظام الذي يقوم على أساس تفتيت وتوزيع سلطات الوظيفة الإدارية في الدولة بين الإدارة المركزية من جهة، وبين هيئات ووحدات إدارية أخرى مستقلة ومتخصصة على أساس إقليمي جغرافي من ناحية أخرى مع وجود رقابة وصائية إدارية على هذه الوحدات والهيئات اللامركزية، ومن بين هذه الوحدات اللامركزية ومن أبرز صورها وأشدها تطبيقاً "البلدية".
عرف قانون البلدية لسنة 1967 بأنها: "الجماعة الإقليمية السياسية والإدارية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية الأساسية"، وعرفها المشرع بموجب المادة الأولى من القانون رقم 90-08 المؤرخ في 17 نيسان/أبريل 1990 المتعلق بقانون البلدية: "هي الجماعية الإقليمية الأساسية تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي". وعرفتها المادة الأولى من قانون 10-11 لسنة 2011 بأنها: "الجماعة الإقليمية القاعدية للدولة وتتمتع بالشخصية المعنوية والذمة المالية المستقلة، وتحدث بموجب القانون".
وتعتبر التنمية من المهام الأساسية للبلدية كونها تقوم بتلبية الاحتياجات الأساسية للمواطن المحلي والاستجابة لمتطلباته، إضافة إلى أنها تسهم في تطوير الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والتي تظهر أساساً من خلال تحقيق التنمية المحلية ما يجعل البلدية تتحمل مسؤولية أكبر من الصلاحيات المفوضة لها في تلبية حاجات سكانها من التنمية.
تحديات البلدية في تحقيق التنمية المحلية
تعاني البلدية من العديد من المعوقات والعراقيل التي تحد من فاعليتها وتقيدها في تنفيذ برامج التنمية ونجد منها:
عراقيل تنظيمية
المركزية الشديدة السائدة في الأجهزة الإدارية والاعتماد الكلي على رأي الحكومة المركزية (الوصاية) تعطل في كثير من الأحيان تنفيذ القرارات بسبب الرقابة الشديدة التي تمارسها الحكومة المركزية على أعمالها، ما أدى إلى إضعاف دور البلديات في مجال الإبداع والإنتاج والمشاركة الحقيقية في مجال التنمية المحلية وأضعفَ الصلاحيات التنموية بالمجالس الشعبية البلدية.
حيث نجد تنفيذ القرارات التنموية الصادرة عن هذه المجالس يحتاج إلى موافقة الحكومة المركزية، وتزيد هذه المعوقات في تعقيد الإجراءات وتفشي الروتين والبطء الشديد في إصدار القرارات وانتشار اللامبالاة والسلبية وسيطرة المصالح الشخصية على علاقات العمل الرسمية وصعوبة التنسيق بين الوحدات الإدارية والسلطة المركزية.
ضعف الموارد البشرية
إن الوسائل البشرية تشكل أحد الشروط الهامة الواجب توفرها كماً ونوعاً، فهي تسمح للبلدية بالارتقاء إلى مستوى مهام إنجاز التنمية المحلية نظراً لما يتطلب أن يكون عليه موظفو إدارة البلدية من مؤهلات علمية تمكنهم من التسيير الجيد للبلدية وتجسيد البرامج التنموية المسطرة، لكن تبقى بدون جدوى إذا كان الأشخاص المكلفون بالتخطيط والدراسة لا يتمتعون بالقدرات العلمية والكفاءة الضرورية ولا بالحوافز اللازمة لممارسة مهامهم ومسؤولياتهم.
فغياب الكوادر التخطيطية والفنية المدربة والمؤهلة لإعداد خطط التنمية يرجع أساساً إلى طرق توظيف الكفاءات في المجال الإداري في البلديات، وبالرغم من كون القانون صريحاً فيما يتعلق بإجراءات التوظيف، وإلزاميته للدورات التكوينية سواء للموظفين أو العمال، إلا أنه في الواقع لا يتم التوظيف وفقاً للقانون بل يخضع لاعتبارات في الغالب لا تتوافق ومقتضيات الصالح العام، الأمر الذي يقف في وجه هذه الإطارات ومدى فاعليتها في إدارة التنمية المحلية.
عجز البرامج التنموية
التخطيط الإقليمي هو وسيلة للتغلب على كثير من المشكلات الاقتصادية والاجتماعية ويرتكز حول الاحتياجات الكلية للمجتمع، ذلك أن التخطيط الكفء وهو الطريقة المثلى التي تضمن استخدام جميع الموارد الوطنية والطبيعية والبشرية بطريقة علمية وإنسانية لكي تحقق الرقي والرفاهية للمجتمع من خلال برامج ومخططات التنمية، حيث تلعب دوراً هاماً في تدعيم المجهودات الوطنية في إطار التنمية المحلية.
لجأت الدولة إلى وضع مخططات التنمية الوطنية حتى تكون بمثابة دليل للجماعات المحلية ومنها البلدية، هذه الأخيرة يجب أن تضع خططها للتنمية المحلية وفقها، بحيث لا يجب أن تتعارض هذه المخططات لا مع المخطط الوطني للتهيئة والتنمية المستدامة للإقليم (SNAT) ولا مع المخططات التوجيهية.
لكن هذه السياسات عرفت فشلاً ذريعاً نظراً لضعف إعداد الدراسات الفنية والاقتصادية التي تجسد التنمية المحلية على أرض الواقع والقصور في التنفيذ والبعد عن تحقيق الأهداف.
المشاكل المالية
تحتاج البلدية في إطار تنفيذها لمشاريع ومخططات التنمية المحلية إلى موارد مالية. هذه الموارد المالية تصنف ضمن نفقات البلدية والتي تكون وفق برامج وقواعد محددة مسبقاً ولمدة زمنية معينة عادة ما تكون سنة واحدة.
لكن قلة المصادر المالية للبلدية، تعد من أهم المشاكل التي تعاني منها للبلدية، الأمر الذي يحول دون أدائها الأعمال المنوطة بها لإشباع احتياجات المجتمع وتحقيق التنمية المحلية في إقليمها المحلي.
فطبيعة النظام الإداري والمالي الذي هو مركز إلى درجة أن المجالس المحلية كالبلدية ليست لها سلطة على أموالها، وتكتفي بإرسال كشوفات شهرية بأمر من الوالي بصرفها على أساس الاعتمادات المخصصة، فلم يعد رئيس المجلس الشعبي البلدي الآمر بالصرف، لكن أصبح كوسيط مكلف لحساب الإدارة المركزية، وذلك بتنفيذ العمليات المسجلة في المخططات البلدية للتنمية.
لكن المشرع تبنى الاستقلالية النسبية لمالية البلدية حيث تبقى هذه الأخيرة خاضعة لرقابة السلطة الوصية، لكن تجسيد الاستقلال المالي يتطلب توفر موارد مالية متلائمة وحجم المهام الموكلة للبلديات في مجال التنمية المحلية، ومنه فإذا كانت التنمية المحلية تعتمد بالأساس على التمويل المحلي لإحداث زيادة في مستويات التنمية المحلية لكونها تنطلق من القاعدة الشعبية، فإن الوضعية الصعبة التي تعيشها مختلف البلديات في ظل عجزها المالي يجعلها في حاجة إلى مساعدات الجهات المركزية.
إضافة إلى تفشي الفساد الإداري في الحكم المحلي، بحيث تخسر الجماعات المحلية مبالغ كبيرة من الإيرادات والمداخيل عندما تنتشر الرشوة للتأثير على التسيير.
الوصاية والرقابة
تعرف الرقابة التي تمارسها السلطات المركزية على الجماعات المحلية بأنها مجموع السلطات المحددة التي يخولها القانون لجهة معينة على أشخاص وأعمال الهيئات المحلية، بقصد تحقيق المصلحة العامة، والمقصود بالسلطة العليا هنا هي السلطة المركزية القائمة بالرقابة.
لقد اقتبس المشرع الجزائري نظام الرقابة على الجماعات المحلية، ومنها البلدية من نظام الرقابة الإدارية المشددة المعمول بها سابقاً في النموذج الفرنسي التقليدي، فبالإضافة إلى الرقابة الإدارية هناك أيضاً رقابة سياسية وقضائية، هذه الرقابة تقع على أعمال المجلس، وتمتد إلى تركيبة المجلس، حيث قد تصل إلى حل أعضائه بالإضافة إلى إمكانية مساءلة المجلس الشعبي البلدي جنائياً.
ورقابة مالية أيضاً فمثلاً العلاقة بين الخزينة العمومية والمراقب المالي والمجالس البلدية المشرفة على التنمية الإقليمية غير محددة بدقة، حيث إن العلاقة بين هؤلاء غير واضحة المعالم فتتأخر المشاريع التنموية بسبب تخوف المراقب المالي من الإجراءات الإدارية، ما يؤدي إلى تأخر الإجراءات الإدارية وعدم وصول الملفات التي تتضمن البرامج التنموية الخاصة بالبلدية إلى الهيئات الوصية في الوقت المناسب.
معوقات اجتماعية
افتقار معظم المجتمعات المحلية إلى مناخ الديمقراطية مع ضعف المشاركة السياسية وتمركز القوة السياسية داخل هذه المجتمعات المحلية في أيدي جماعة معينة وسيطرة العلاقات والروابط التقليدية والقبلية على عملية اتخاذ القرارات السياسية بشأن المشاريع التنموية في المجتمعات المحلية نتيجة ضعف المشاركة السياسية وتدني مستوى الثقافة السياسية لدى مواطني هذه المجتمعات، غالباً ما يؤدي الانسداد الحاصل في معظم المجالس المحلية المنتخبة إلى فرز الصراعات الحزبية الضيقة، وضعف القوانين والتشريعات المنظمة لسير عمل هذه المجالس، ما أدى إلى انعدام ثقة المجتمع المحلي في هذه المجالس، كما تتميز المجتمعات المحلية بالتغير السريع والفجائي والجذري وعدم الاستقرار السياسي نتيجة غياب المشاركة السياسية الفعلية، وهو الثمن الذي يعيق التنمية المحلية بشكل مباشر.
آليات تفعيل دور البلدية في تحقيق التنمية المحلية
الاستقلال الإداري
الغموض في النصوص أدى إلى عدم تحديد الصلاحيات والمسؤوليات، وإدراج كل التدابير اللازمة من أجل صدور نصوص واضحة تحدد بدقة مهام ومسؤولية رؤساء البلديات والمجالس الشعبية البلدية في كل صغيرة وكبيرة ضمن مشروع قانون الجديد الخاص بالبلدية، وكذا توضيح العلاقات التي تربط هذه الأخيرة سواء على المستوى المحلي الدائرة والولاية أو على المستوى المركزي، باعتبار عنصر اللامركزية يحظى بأهمية بالغة في عملية التنمية، وذلك كما يوفره هذا العنصر من امتيازات لأفراد المجتمع المحلي من المشاركة في القرارات وتحديد احتياجاته ورفع انشغالاته من خلال ممثليه في المجالس البلدية، ما يسهل على السلطة المركزية تحديد أولويات المشاريع التنموية على مستوى المجتمعات المحلية، بالإضافة إلى أن تطبيق اللامركزية يهدف إلى إعطاء البلديات المرونة الكافية في توزيع استثماراتها المخصصة لكل منطقة على الأنشطة والمشروعات الاستثمارية اللازمة لخطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وفقاً لأولوياتها واحتياجاتها الفعلية وبما يتفق مع ظروف وإمكانيات كل منطقة.
توسيع التمويل
عصب التنمية ومحركها الأساسي هي الموارد المالية والمداخيل التي يتم على أساسها برمجة المشاريع وإقامة الخطط التنموية، لذلك فإن التنمية المحلية مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بمدى توفر رؤوس الأموال التي تساهم بدورها بنسبة أعلى للزيادة في الدخل المحلي والوطني.
أما بالنسبة للموارد المالية للبلدية فإن الدولة تستحوذ على جزء كبير من الموارد المخصصة لها، فهي تأخذها لتعيد منحها لها محددة بكميات تبقى غير كافية لتغطية النفقات، الأمر الذي يحتم على رئيس البلدية المبادرة إلى كل عمل من شأنه أن يطور هذه الموارد البلدية، هذه الوضعية تحتم على البلدية إيجاد الآليات اللازمة لتفعيل وتدعيم وسائل تمويلها التي تعتبر من الضروريات الحتمية، فتوفير موارد مالية ثابتة ومنتظمة يسهل على البلدية القيام بوظائفها.
وبالدرجة الثانية تثمين الموارد المالية للبلديات يتم عن طريق إصلاح المنظومة الجبائية الوطنية والمحلية، والرفع من قدرات البلدية في التمويل الذاتي يتأتى ذلك من خلال تثمين الموارد الجبائية بإشراك البلديات في الجباية المحلية ومن جهة أخرى تثمين الثروات والأملاك المحلية.
فعملية تشجيع الاستثمار المحلي في الثروات والأملاك المحلية يهدف إلى تنمية الثروات وخلق فرص العمل، لذا وجب على المجالس الشعبية البلدية تشجيع ومساعدة المستثمرين وكذلك المؤسسات المهتمة بالاستثمار ضمن إقليم البلدية في تنفيذ مشاريعهم الاستثمارية.
ضمان ترقية الاستثمارات من خلال تهيئة المناخ المناسب للاستثمار وتنظيم الجهود خاصة توفير وإحاطة المستثمرين بمختلف المعلومات الضرورية الاقتصادية والتقنية والتشريعية المتعلقة بمجال الاستثمارات وطرق استفادتهم من التسهيلات المتوفرة بالصورة التي تحقق أكبر معدلات لتلك التنمية عبر الزمن وتعظم استقلالية الجماعات المحلية عن الحكومة المركزية في تحقيق التنمية المحلية المنشودة.
كما يجب على السلطات المركزية منح الاستقلال المالي للبلديات من أجل زيادة تمويل استثماراتها، ودعم اللامركزية المالية من خلال توسيع صلاحيات البلديات في فرض الضرائب والرسوم في إطار ضوابط مركزية.
لهذا فالتأكيد على أهمية وجود تمويل محلي يعتبر داعماً لاستقلال الأقاليم المالية لا يعني بالضرورة الاستغناء عن الموارد المالية الخارجية، عن طريق تعزيز الأغلفة المالية الحكومية للبلديات لمساعدتها على تحقيق أهدافها التنموية، وكذا تنظيم القروض للبلديات في تمويل المشاريع الاستثمارية التي تنشأ على مستوى إقليمها وتعجز مواردها عن استيعابها.
تثمين الكفاءات
تتولى البلدية القيام بالشؤون المحلية عن طريق مجالسها الشعبية البلدية، إلا أنه ولشغل العضوية فيها يتوجب توفر الكفاءة في المترشح، والقدرة على تدبير أمر الجماعة لأن افتقاد الأعضاء لهذه الكفاءة يهدد بعدم قدرة البلديات على تحويل الموارد المالية المتاحة إلى خطط وبرامج تنموية تلبي احتياجات المواطن المحلي بالأساس، ومنه فتحقيق أعلى مستويات الأداء بغية الاقتراب أكثر من تحقيق انشغالات المواطنين.
وهذا لا يتحقق إلا بالاستغلال الأمثل للموارد البشرية وطالما أن المشرع ضمن الحق لكل فرد في الترشح، ولم يشترط المؤهل العلمي في المترشحين، بل أجاز لكل فرد توافرت فيه الشروط القانونية أن ينتخب وينتخب واعتباره أحد مقتضيات الديمقراطية الشعبية، فإننا نجد أن المشرع لم يتطرق لعنصر المستوى الدراسي أو الثقافي للمترشح للمجالس البلدية، وهو خطأ كبير ارتكبه المشرع الجزائري في حق المجالس البلدية وفي حق الشعب الجزائري ككل، إذ كيف تطالب السلطات العليا بالبلاد من المجالس المحلية خاصة البلدية منها أن تحقق التنمية وترفع من مستوى تلك البلديات وهي لم تضمن وصول الكفاءات لمكانها الصحيح؟! فكيف ننتظر من بلدية أن تخلق موارد محلية والمنتخبون المحليون بها تم اختيارهم بناءً على العروشية أو حسابات خاصة وليس على أساس الكفاءة.
وعلى هذا الأساس تظهر آثار التنمية على تحسين المستوى العلمي والثقافي للمنتخب البلدي، باعتبار أن العلاقة بينهما علاقة تكاملية، فكلما تحسن المستوى العلمي والثقافي للمنتخبين كنا أقرب لتحقيق التنمية والعكس صحيح كلما كان المنتخبين بدون مستوى علمي أو ثقافي وليس لهم الكفاءة اللازمة للتسيير واتخاذ القرارات محلياً، ساد الركود محلياً ونقصت التنمية.
فضرورة اشتراط المستوى العلمي اللازم في كل من المنتخب البلدي والموظفين أصحاب المناصب العليا، أو على الأقل بالنسبة لرئيس المجلس الشعبي البلدي ونوابهم والمندوبين البلديين، وخاصة المتصرف البلدي ومساعدوه، وذلك هو المذكور بالمادة 48 من قانون البلدية، ضرورة اشتراط الخبرة في العمل الإداري لأن سبب تراجع المنتخَبين خاصة عن أداء مهامهم لا يعود فقط لضعف مستواهم العلمي فقط بل راجع بالدرجة الأولى لعدم وجود خبرة في العمل الإداري، ما جعلهم ينسحبون غالباً من ممارسة وظائفهم لصالح الموظفين البلديين -الأمين العام للبلدية- والسلطة الوصية (الوالي).
الجهود الشعبية
هي تلك المساهمات للمواطنين داخل الإقليم المحلي التي تمثل موارد إضافية تستغلها البلديات، فالمواطنون المحليون بمختلف نشاطاتهم يمثلون رصيداً ضخماً إذا جندوا ووجهوا في سبيل تطوير أقاليمهم المحلية، وهم مصدر ثروة هائلة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية، لهذا فإن إشراك المواطنين في تسيير شؤونهم يعتبر أحد القواعد الأساسية لنجاح التنمية المحلية باعتبار المواطن هو الأدرى باحتياجاته على المستوى المحلي؛ فإن إشراكه في إدارة شؤونه أمر حتمي.
ويتحقق هذا المبدأ عن طريق إشراك أكبر قدر ممكن من المواطنين من أصحاب التخصص وذوي الكفاءات والفنيين الفاعلين في المجتمع في إدارة التنمية المحلية، وفي ظل العزوف الشعبي عن المشاركة السياسية يجب إيجاد الآليات الكفيلة بضمان هذه المشاركة بحيث يتم تحفيز المواطنين على المشاركة في التنمية المحلية، عن طريق تقديم الدعم المادي والمعنوي لهم.
حيث نجد قانون البلدية 11-10 خصص الباب الثالث منه لهذا الغرض، وعنونه بمشاركة المواطنين في تسيير شؤون البلدية ونظم في المواد من 11 إلى 14 هذا الاتجاه الذي تبناه المشرع في قانون البلدية، مما يعكس توجه المشرع إلى تفعيل دور المواطن في التسيير المحلي، حيث نص في المادة 11 من نفس القانون خاصة الفقرة الثانية منها على أنه "يتخذ المجلس الشعبي البلدي كل التدابير لإعلام المواطنين بشؤونهم واستشارتهم حول خيارات التهيئة والتنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية حسب الشروط المحددة في هذا القانون".
وأخيراً إن مدى تلاؤم حجم المهام المسندة للبلديات وطبيعة مواردها المالية المتاحة مرتبط بتوسيع صلاحيات البلدية ممثلة في مجلسها الشعبي البلدي، ويعتبر التأشيرة التي توصل البلدية إلى استقلاليتها، إلا أنه يبقى بدون فائدة إذا ما تم إقران هذا التوسع بموارد مالية محدودة، ويصبح بذلك من محفز للتنمية المحلية إلى أهم معوقاتها، يرجع السبب في ذلك إلى اعتبار صلاحيات البلدية ومواردها المالية وجهين لعملة واحدة، فالعمل على زيادة أحدهما يحتم الزيادة في الآخر وبما أن المشرع نصَّ صراحة في قانون البلدية على استقلالية البلدية في إدارة مجالات التنمية، فإن البحث في طبيعة الصلاحيات المسندة مع التقليص من الصلاحيات التنموية ذات البعد الاقتصادي، يجعل البلدية مجرد مؤسسات تهتم بتقديم الخدمات العمومية.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.