في عيادة الأسنان قابلت أنواعاً كثيرة ومختلفة من الآباء والأمهات يدرك بعضهم قيمة الحفاظ على أسنان أولادهم، بينما يهملها البعض الآخر، وذلك لعدم إدراكه أهمية الأسنان، خصوصاً في العمر المبكر، معظم الآباء يجهلون معلومات مهمة عن الأسنان، متى تظهر وكيف تتأثر، وما العواقب التي يمكن أن تحدث عند فقد أولادهم أسنانهم في سن مبكرة.
يتعرض بعض الأطفال لفقد أسْنانهم في وقت مبكر أو تصاب أسنانهم بالتسوس، وبالتالي سوء التغذية، فهم يتألمون عند مضغ الطعام، أو لا يستطيعون مضغه جيداً، فيزيد هذا من فرص عسر الهضم والأنيميا، وفي بعض الحالات الشديدة تأخر النمو. فضلاً عن أن ظهور الطفل بأسنان مسوسة بين أقرانه يجعله يشعر بالحرج وربما يعرضه للتنمر ويتسبب بمشاكل نفسية له.
أيضاً تتأثر مخارج الحروف بفقد الأسنَان، فلا يستطيع الطفل التحدث بشكل جيد والتعبير عن ذاته، ويعرضه للتنمر والانطواء.
معرفة المشاكل التي يمكن أن تؤثر سلباً على أسنان أبنائنا تُمكّننا من اتخاذ خطوات مبكرة تجاه وقايتها ضد التسوس والفقد.
متى يظهر أول ضرس دائم؟
ذات يوم جاءت إلى المشفى الذي أعمل به سيدة ومعها ابنها ذو السبع سنوات يبكي بكاءً شديداً من شدة الألم، عندما قمت بفحصه وجدت أن الضرس الأول الدائم له يحتاج إلى معالجة العصب، أخبرت والدته فطلبت منى خلعه مباشرة، حاولت الشرح أن هناك أضراساً دائمة تظهر في سن السادسة، وأصرت قائلة إن أخاه خلعه وظهر مرة أخرى..!
بالطبع هذا اعتقاد خاطئ، فالأضراس والأسنان الدائمة عند خلعها تُفقد تماماً، هناك الكثير من الآباء لا يعلمون ذلك، ولا يهتمون بالحفاظ على تلك الأضراس، وهي أضراس مهمة جداً للمحافظة على إطباق الأسنان العلوية على السفلية إلى جانب دورها الأساسي في الحفاظ على ترك مساحة كافية لظهور الأسنان الأمامية في مكانها غير معوجة.
متلازمة التسوس المبكر
يشتكي كثير من الآباء من ظهور أسْنان أطفالهم اللبنية سوداء أو بنية اللون. مع الأسف هذه هي متلازمة التسوس المبكر لدى الأطفال، تظهر منذ ظهور أول سن وحتى ثلاث سنوات، أحد أسبابها اجتماع البكتيريا الرئيسية المسؤولة عن تسوس الأَسنان مع السكريات وبواقي الطعام أثناء الرضاعة ليلاً في الفم، سواء الرضاعة الطبيعية أو أي سوائل أخرى غير المياه. فمكونات الطعام من اللاكتوز والسكروز تسهل عمل تلك البكتيريا وتنتج حمض اللاكتيك والذي يسبب تآكل طبقة المينا، ثم بعد ذلك يجد طريقه إلى عاج الأسنان. لتظهر الأسنان الأمامية للطفل سوداء، بينما تتأثر الضروس بشكل أقل وذلك لأن اللسان يغطيها أثناء الرضاعة.
كيف يمكنني حماية أسنان طفلي من التسوس المبكر؟
١- تجنب إعطاء الأم لطفلها عصائر الفواكه قبل عمر ١٢ شهراً.
٢- تجنب إعطاء الحليب للطفل أثناء استلقائه، الأمر نفسه في الرضاعة الطبيعية.
٣- قبل ظهور الأسنان يُنصح الوالدان بمسح أسْنان الطفل بقطنة مبللة بماء خصوصاً قبل النوم، لإزالة بقايا السوائل المتراكمة على الفكين. بعد ظهور الأسنان تستخدم فرشاة مناسبة للتخلص من تلك البقايا.
تتساءل بعض الأمهات كيف يمكننا تجنب إعطاء الطفل الحليب أثناء نومه، وكيف يمكنها التخلص من تلك العادة؟
إذا كان الطفل يرضع رضعات من اللبن الصناعي يتم تخفيف الحليب الصناعي بالماء شيئاً فشيئاً حتى نصل في النهاية إلى تغيير الحليب إلى ماء.
هل التسوس مُعدٍ؟
نعم! ربما تفاجأتم بالإجابة كما تفاجأتُ بها عند دراستي ذلك الموضوع، الحكاية من البداية أن البكتيريا المسؤولة عن تسوس الأسنان واسمها إستربتوكوكاس ميوتانس streptococcus mutans تنتقل من الأم والمخالطين للطفل عن طريق اللعاب، ويمكن أن تنتقل للطفل بسهولة. بعض الدراسات تذكر أن هذا هو السبب الأول لحدوث التسوس في فم الطفل، لذلك ينصح بالوقاية الأولية للأم قبل وأثناء الحمل، وأيضاً للمخالطين للطفل.
ماذا تفعل إذا سقط سن طفلك الدائم لا قدر الله نتيجة إصابة أو صدمة؟
في السنوات الأولى من العمر يتعرض الأطفال لكثير من الصدمات أثناء تعلمهم المشي، ثم بعد ذلك وحتى مرحلة المراهقة يتعرض الأولاد لصدمات أثناء اللعب وممارسة الرياضة، تلك الصدمات ربما تؤدي إلى أشكال مختلفة من إصابات الأسْنان، بطبيعة الحال تتأثر الأسنان الأمامية أكثر من الضروس.
إحدى الدراسات تقول إن طفلاً من كل طفلين تعرض للإصابة في أسْنانه الأمامية، ومع ذلك غالباً ما يتصرف الوالدان بشكل خاطئ إذا سقط أو كسرت إحدى أسنان أطفالهم، ما يفوت عليهم الفرصة لإعادتها إلى مكانها ومعالجتها لاحقاً.
بعض الصدمات تؤدي إلى خروج السن من مكانها.
إذا حدث هذا في الأسنان اللبنية يمنع إعادة السن مكانها، وعليك زيارة الطبيب وعمل أشعة للتأكد أن الفك سليم، بعض الصدمات للأسْنان اللبنية ربما تؤثر لاحقاً على الأسنان الدائمة، إما بظهور بعض البقع بها أو عدم نموها.
في حالة الأسْنان الدائمة:
١- إذا كسرت السن وبقي الجذر مكانه في الفك فيجب حمل الجزء المكسور للطبيب للصقه إذا كانت حالة الجذور جيدة، ومتابعة الحالة بعد ذلك.
٢- في حالة خروج السن كاملة، التاج والجذر، فيجب ألا يتم الإمساك بها سوى من حافتها، لأن سطح السن مغطى بخلايا حساسة تساعد في إعادة ربط السن بالفك، ويمكن أن تموت خلال ثلاث إلى خمس دقائق في الهواء الجاف.
فلا يجب حمل السن المكسورة في منديل نظراً لأنها ستجعل السن يجف، ولكن الطريقة المثالية هي وضعها في علبة إنقاذ السن التي توجد في الصيدليات، وتحتوي على محلول مغذي للخلايا يحفظ الأنسجة على سطح الجذر.
هذا يسمح بإعادة زرع السن في مكانها، ويمكن أن تساعد الخلايا التي تم حفظها في إعادة غرز السن.
غير أنه ربما لا توجد صيدلية قريبة، أو بسبب عدم توفر تلك العلبة فإن أحد الحلول العملية السريعة هو وضع السن في علبة بها حليب معقم، ويفضل أن يكون بارداً وقليل الدسم، والذهاب للطبيب في أسرع وقت.
وقد يبدو منطقياً أن أفضل مكان لحفظ السن المكسورة هو بيئتها الطبيعية وهو الفم وهذا غير صحيح، لأنه يمكن بلعها أو استنشاقها عند الطريق إلى الطبيب، وهذا خطير جداً.
كيف أحافظ على أسنان أطفالي؟
١- تجنب العصائر والسكريات، خصوصاً الحلوى التي تلتصق بالأسْنان مثل البونبون.
٢- تعويد الأطفال على الاهتمام بصحة الفم والعناية بالأسْنان، وذلك بغسل الأسْنان بعد كل وجبة وبعد الاستيقاظ من النوم وقبل النوم.
٣- استخدام فرشاة أسنان ناعمة وينصح باستخدام معجون أسْنان به مادة الفلورايد.
٤- بعد ظهور الضرس الدائم الأول يقوم الطبيب بوضع طبقة خفيفة من إحدى مواد الحشو في تجويف الضرس لوقايته من التسوس.
٥- الزيارة الدائمة لطبيب الأسْنان كل ٦ أشهر، لمعالجة أي تسوس مبكراً.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.