رسالتي إليك عزيزي الشاب المقبل على الزواج، سواء كنت خاطباً أو تراودك فكرة الاستقرار العاطفي، قبل أن تنكحها ضع أمامك أنك ستتكلف بمصاريف بيتك ومصاريفها كأنك أبوها، حتى ولو كانت موظفة فأنت تزوجتها ولم تتزوج راتبها الشهري، اسندها وانصحها كأنك أخوها، واعطف عليها كأنك أمها.
عند محادثتك لها في فترة الخطبة تأملها جيداً وخاطبها بعينيك وغازلها بابتسامتك، تيقّن من أنك تستطيع رؤية هذا الوجه الذي أمامك طيلة عمرك دون ملل ولا كلل، ففي هذه الفترة تُنسج خيوطكما، فإما أن تنتج شيئاً متجانساً، وإما أن تتشابك فيختار كل منكما طريقه.
أثناء تعارفكما لا تجعل حواراتكما كأنها استنطاق، فالأنثى بطبعها خجولة، ويغلب عليها التوتر في مثل هذه المواقف، تكلم معها عن يومك، ودع الكلام يتدفق مثل الماء، اكسر الصمت الذي يتخلل حواركما بشيء من الذكريات، وانظر لعقلها وقلبها معاً، وحاول أن تلامس روحها، فالأرواح إن التقت وتآلفت قالت هنا المستقر.
أما أنتِ غاليتي، فقبل أن توافقي على زواجه قاطعي مسلسلاتك التركية، واطردي كل الأفكار التي زُرعت في رأسك بسببها، واتركي تلك الروايات المسمومة التي تجعل من الرجل نداً وليس حبيباً، ذاك الشاب المتقدم لك الذي رأى فيكِ رفيقة عمره ليس إنساناً كاملاً، ليس بالضروري أن يكون طوله مترين ومفتول العضلات، فهذه مواصفات عارضي الأزياء والمصارعين والممثلين، شخصيات تلفزيونية يتعمدون إظهارها بشكل معين؛ لتجذب لهم نسب مشاهدة عالية.
لحيته الخفيفة وغير الجذابة ليست دليلاً على أنه غير متدين، ولا شكله النحيل دليل على ضعفه، فالمظاهر لا تعكس الحقيقة أبداً، ما يعكس تربية الإنسان وفكره هي المواقف فقط.
مشروعك الخاص وأحلامك أنت من يجب عليك تحقيقها؛ لأنه وببساطة ذلك الشاب لا يملك مصباح علاء الدين، لا تتزوجي من أجل الناس، لا تتزوجي من أجل الزواج.
الزواج مسؤولية قبل كل شيء، والأنثى تتحمل الجزء الأكبر فيها؛ لأن هذا الأمر شيء فطري سواء كانت موظفة أو لا، عربية أو أجنبية، فهي خُلقت لكي تكون أُماً قبل كل شيء، تزوجي حباً في مسؤولية الزواج وبحثاً عن الاستقرار العاطفي.
لا تحاولي تمثيل دور "سترونج إندبندنت وومن" أمامه، فهذا لا يليق بكِ، كوني على طبيعتك فأنت قوية بالفطرة خلقتِ لتكوني سنداً لآدم قبل أن يكون سنداً لك، لا تحتاجي لتبرهني هذا لأحد، فالزواج ليس حرباً لتهيِّئي له أسلحتك، حاولي أنتِ أن تتحكمي في خوفك، وأن تطردي كل الأفكار التي تشوّش على عقلكِ حول حياتك القادمة، وكيف ستكون، تزوجي وأنتِ على يقين أنه كيفما استطعتِ التغلب على كل تلك الصعاب وأنت بمفردك ستستطيعين التغلب على أخرى برفقة سندك الجديد، تمهّلي وتريّثي في اختيار رفيق دربك وأنيسك ثم أطلقي العنان لروحك لتستقر.
وأخيراً ضعوا هذه الجملة أمام أعينكم "تزوّجوا وكأن الطلاق محرم"، قبل أن تتزوجوا تنصلوا من أنانيتكم، من غروركم، من فكرة الأنا التي تهيمن عليكم، أنتم الآن بصدد دخول حياة زوجية تتشاركون فيها الحلوة والمرة، من الطبيعي أن تروا الاختلاف الذي بينكم بسبب تنوع الثقافات والعادات، لكن هذا لا يعني أن تدخلوا في نمط فرض الشخصية، ومَن سيُهيمن ويسود على الآخر، فالزواج هو تناغم والتحام بين شخصين مختلفين، مختلفين فقط في نمط العيش، لكن لهما نفس الرؤية لمنظور الحياة.
ولنكن واقعيين سأقدم نصيحة لكما: لا تأخذا الزواج بجدية فوق اللازم، فهناك أقدار محتم علينا عيشها، مثل الأطباق المحروقة في أول سنة من الزواج فهي من المسلّمات، أما عن أحلامك عزيزتي بأن يساعدك في المطبخ فانسيها من الآن، لأنني على يقين أنه إن ساعدك مرة ستدعين الله كثيراً بأن لا يعيدها مرة أخرى.
نحن نبحث عن الأمان أن يمسك أحد يدنا، ويهمس في أذننا: لن أتركك، سوف نمشي على هذا الدرب معاً، لا مجال للفراق أو الخذلان، نبحث عمن يتقبلنا بأخطائنا ثم ينبهنا على هفواتنا ويعاتبنا بحُب، أن ننام ونحن على يقين أن الكتف التي نسند عليها رأسنا لن تخوننا، نريد أن نبني حباً متيناً لا يهزه أي ريح أو زلزال، نعلم جيداً أننا بدُنياً لا يوجد بها الكمال، نحن فقط نود أن يمنحنا أحدهم الأمان لنتغيّر من أجله، أن تكون سعادته في رسم الابتسامة على وجهنا؛ ليكون كل همنا أن ننال رضاه.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.