لم يعلن الاتحاد الإفريقي لكرة القدم عن الموعد الرسمي لإجراء القرعة الخاصة بالدور الفاصل للتصفيات الإفريقية لكأس العالم 2022، لكن تقارير عدة تشير إلى أن العملية ستقام يوم 18 ديسمبر/كانون الأول القادم بدولة قطر، على هامش نهائي مسابقة كأس العرب لكرة القدم التي ستحتضنها الإمارة الخليجية بداية من يوم 30 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري.
وستُقام القرعة إذاً بعد كشف الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) عن التصنيف الجديد للمنتخبات الوطنية و الذي سيصدر في منتصف شهر ديسمبر/كانون الأول المقبل، حيث ستقسم بناءً عليه المنتخبات الإفريقية المتأهلة إلى الدور الفاصل لتصفيات مونديال قطر2022 إلى مستويين، يضم الأول أفضل 5 منتخبات في تصنيف "فيفا"، والثاني المنتخبات الـ5 الأخرى.
وبحسب تصنيف شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وبحسب النتائج المسجلة في مباريات الجولتين السابقتين لتصفيات المونديال، فإنّه لا يرتقب أي تغيير في المستويين الحاليين للمنتخبات الإفريقية؛ بحيث سيضم الأول كلاً من السنغال وتونس والمغرب والجزائر ونيجيريا، فيما يضم الثاني مصر ومالي وغانا والكاميرون والكونغو الديمقراطية.
تصنيف فيفا قد يسفر عن مواجهة عربية خالصة
وبحكم هذا التصنيف، فمن المحتمل أن تسفر عملية القرعة عن مواجهة عربية خالصة، سيكون أحد طرفيها منتخب مصر، يلاقي خلالها تونس أو المغرب أو الجزائر.
وعلى الرغم من أنّ كل المواجهات الكروية بين منتخبات شمال إفريقيا تتسم بالحساسية المفرطة والإثارة الزائدة، إلا أنني كجزائري، لا أتمنى أن تكون الجزائر الطرف الثاني في المواجهة العربية المحتملة، وذلك لاعتبارات عديدة، أهمها أني لا أريد تكرار "فتنة" تصفيات مونديال 2010.
وبغض النظر عن العلاقات الطيبة التي تربط الدولتين العربيتين مصر والجزائر وشعبيهما، فإنّ المواجهات الكروية بين منتخبي البلدين كانت دائماً ما تتميز بالندية الكبيرة والحساسية المبالغ فيها داخل وخارج الميدان.
ونجحت مصر في إقصاء الجزائر من التأهل إلى الدورة النهائية لأولمبياد لوس أنجلوس 1984 ثم من نهائيات مونديال 1990، بعد إجراء مباراتي الإياب بالقاهرة وسط أجواء مشحونة.
وكاد منتخب "الفراعنة" أن يكرر نفس الإنجاز خلال تصفيات مونديال 2010، بحيث جرى الدور التصفوي الأخير على شكل مجموعة ضمت الجزائر ومصر ورواندا وزامبيا، وفازت الجزائر على مصر في البليدة (3-1) يوم 7 يونيو/حزيران 2009، وانتصرت مصر على الجزائر في القاهرة (2-0) يوم 14 نوفمبر/تشرين الثاني من نفس العام، ما جعل كلا المنتخبين يتصدران المجموعة بنفس عدد النقاط وفارق الأهداف ويلجأن لمباراة الفصل لحسم تأشيرة التأهل.
كيف عايشت "فتنة" تصفيات مونديال 2010؟
وقد سبقت مباراة القاهرة حرب نفسية وإعلامية غير مسبوقة من الطرفين وتعرضت حافلة بعثة المنتخب الجزائري للرشق بالحجارة، عند وصولها إلى مصر، زاد من درجة شحن جماهير المنتخبين خلال مباراة الفصل والحسم التي جرت يوم 18 نوفمبر/تشرين الثاني بمدينة أم درمان السودانية وانتهت دون مناوشات كبيرة وبفوز وتأهل الجزائر بهدف نظيف إلى نهائيات مونديال جنوب إفريقيا 2010.
عايشت تصفيات أولمبياد 1984 ومونديال 1990 كمراهقٍ ثم كشابٍّ صغيرٍ، وأصارحكم القول إني عشت موعدي القاهرة بحماسٍ كبيرٍ وتعصبٍ شديدٍ للمنتخب الجزائري وأحسست حينها بأنّ منتخب بلدي قد تعرض للظلم من طرف "شقيقه" المصري، وبالتالي "كرهت " حينها كل ما هو مصري.. وقد كنت مخطئاً في ذلك رغم علمي ولكن دون إدراك أنّ "كرة القدم هي "أفيون الشعوب".
الحمد لله سرعان ما ذهب ذلك الحقد تجاه مصر، بحكم أني إنسان غير حقود، ثم أدركت مع التقدم في السن أنّ كرة القدم مجرد لعبة ولا يجب أن أكون أنا "لعبة" في يد الآخرين لإحداث الفتنة بين الشعبين الشقيقين.. وفعلاً هذا ما سعيت لتجنبه خلال تصفيات مونديال 2010، التي عشتها كرئيس للقسم الرياضي ليومية جزائرية ومراسل لأحد المواقع العربية.
فقد كنت أتجنب العناوين المثيرة للفتنة عند الحديث عن مباراتي الجزائر ومصر بالقاهرة وبأم درمان وإذا حدث ذلك فإنّه كان بتغيير وتحوير من رئيس التحرير، كما كنت أتفادى نقل التصريحات النارية التي كان يطلقها مسؤولو ولاعبو المنتخبين، حتى لا أزيد في تأجيج نار الفتنة، وأسعى جاهداً لنقل التصريحات المتعلقة بالجانب الرياضي فقط.. وقد كانت تلك المحطة أحد الأسباب الثانوية التي جعلتني لاحقاً أستقيل من رئاسة القسم الرياضي.
محرز وصلاح ولقب "فخر العرب"!
المهم.. وبعد سنوات عدة، أدرك الكثير من المصريين والجزائريين أنّهم كانوا مخطئين بالتعصب الزائد بسبب رياضة كرة القدم وأنّ تلك المواجهة الرياضية كان يستغلها البعض ضمن أجندتهم السياسية المحضة.
صحيح أنّ حدة التوتر الرياضي بين الشعبين الجزائري والمصري قد خفت مع مرور السنوات خاصة في ظل انعدام المواجهات الكروية الحاسمة بين منتخبي البلدين، لكن ما زلنا نلاحظ التعصب لدى الكثير من "المتعصبين" حول أمور تافهة كأحقية المصري محمد صلاح أو الجزائري رياض محزر بلقب "فخر العرب" أو التتويج بجائزة أفضل لاعب في إفريقيا.
ويجرني الحديث عن صلاح ومحرز للكشف عن السبب الآخر الذي يجعلني لا أتمنى مواجهة الجزائر ومصر في الدور الفاصل للتصفيات الإفريقية لمونديال قطر 2022، إذ وبعيداً عن الشعبوية والقومية فإنّ إقصاء أحد المنتخبين، سيعني عدم تواجد أحد اللاعبيَن الاثنين في نهائيات كأس العالم المقبلة، في حين أني أتمنى من كل قلبي مشاركة أفضل نجوم الكرة العربية في الدورة النهائية للمونديال المقبل، خاصة أنّها ستُقام على أرض عربية لأول مرة في التاريخ.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.