في الساعات الماضية تناقلت وسائل الإعلام خبر جريدة الصن الإنجليزية أن أرسنال بدأ في اتخاذ خطوات جادة في فسخ تعاقده مع محمد النني، الخبر في بداية الأمر مرّ مرور الكرام مع التمنيات بالنجاح في الخطوة القادمة، نظراً لعدم تواجد النني بشكل دائم في تشكيلة الفريق الأساسية، فشارك في مباراتين فقط خلال هذا الموسم من الدوري الإنجليزي الممتاز، حيث ظهر بشكل يشير إلى عدم اقتناع المدرب الإسباني أرتيتا بخدمات النني.
ولكن كانت المفاجأة في تصريحات وكيل أعمال اللاعب علاء نظمي، بداية من التغريدة التي وضعها على حسابه في سخرية واضحة من الخبر الذي نشرته جريدة الصن، وبشكل ينتقد مدى مصداقية الصحيفة في نقل خبر فسخ تعاقد النني ويشكك في تفاصيله.
هنا بدأ اللغز في الانكشاف بعد تصريحاته في إحدى القنوات المصرية، حيث أكد أنه منذ بداية العام الماضي، مروراً بمارس/آذار وأبريل/نيسان، كانت هناك مفاوضات شبه منتهية بين الفريق الإنجليزي واللاعب، وكان العقد شبه مغلق ومنتهٍ في بداية مايو/أيار، بل وصل حتى لصيغة التعاقد في انتظار مدة العقد، حتى توقف الأمر في منتصف مايو/أيار فجأة، تحديداً بعد إدلاء النني برأيه الشخصي في حدث من الأحداث الدولية أو العالمية، حسب قول وكيل الأعمال، دون توضيح ماهية الحدث.
وبالبحث في المدة التي تحدث عنها في صفحات التواصل الاجتماعي، سنجد النني نشر تغريدة تحديداً في يوم العاشر من مايو/أيار 2021، فيها صور تشير للمسجد الأقصى وأعلام فلسطين، معبراً "قلبي وروحي ودعمي لفلسطين"، وكانت المناسبة حملة التضامن العالمي مع فلسطين، في ظل العدوان الصهيوني على غزة وقضية حي الشيخ جراح.
وبالنظر لحساباته خلال تلك الفترة فلم ينشر النني عبر حساباته ما يمكن أن يعد رأياً في أي قضية من القضايا العالمية، عدا القضية الفلسطينية آنذاك.
بل وفي ذلك الوقت الذي أشار إليه علاء، وكيل أعمال اللاعب، فإن تل عوفر عضو منظمة بورد أوف ديبوتيز الصهيونية، الداعمة للاحتلال، قد كشف عن خطاب له لنادي أرسنال في ذلك الوقت، طالبهم بكشف موقفهم مما نشره اللاعب عن الأحداث، وما سيفعله النادي تجاه هذا الأمر.
إلا أنه أتبع ذلك بردٍّ من النادي، الذي عبّر أن كل العاملين واللاعبين في أرسنال لديهم الحق في الدفاع عن آرائهم والتعبير عنها عبر صفحاتهم الخاصة بكل حرية، دون تدخل من إدارة النادي.
بعدها تعمّد تل عوفر مخاطبة عديد من الجهات الراعية للنادي مثل "أديداس" وحتى الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم، مطالباً إياهم بالتدخل لوقف اللاعب.
القرار الجديد ربطه البعض حتى بقرار بريطانيا اعتبار حركة حماس حركة إرهابية كذلك، فموقف النادي سابقاً من اللاعب الألماني مسعود أوزيل، الذي عبّر أيضاً بما يعد رأياً خاصاً به عبر صفحته الشخصية داعماً لحق المسلمين الإيغور، إلا أن ذلك تبعه بيان من أرسنال، أعلن فيه تبرُّأَه من موقف لاعبه ووجهة نظره، بعد عدة حملات من شركات وقنوات صينية قامت بمقاطعة النادي.
وانتهى الأمر بعدها باستبعاده من قائمة الفريق للموسم الجديد قبل فسخ التعاقد، دون رسالة وداع تليق بلاعب بحجمه وبحجم تأثيره في النادي اللندني.
من جانب آخر، رفض البعض تعبير وكيل أعمال اللاعب، متهمينه بالمتاجرة بالقضية للضغط على أرسنال، وأن اللاعب بالفعل كان خارج خطط المدرب الإسباني بشكل كامل، وكان بعيداً عن الترشيحات الأساسية لخطط الفريق، وأنه من الأفضل للاعب أن يتجه لخيارات أخرى تُمكنه من التواجد بشكل أساسي واللعب لفترات أطول.
لكن ما صرحت به كل المصادر الخاصة باللاعب أنه حتى الآن لم يحدث فسخ للتعاقد، وأن اللاعب ربما يستمر حتى نهاية عقده في يناير/كانون الثاني، دون أن يحسم علاء نظمي المكان الذي سيتجه إليه اللاعب في محطته الاحترافية القادمة، وأن هنالك عروضاً وصلت من عديد من الفرق، منها فرق في الدوري الإنجليزي الممتاز.
ونفى ما نشرته صحيفة الصن عن التوصل إلى اتفاق مع النادي التركي غالاتا سراي، وأنه لم تحسم الوجهة القادمة، ولكن وجهة اللاعب المفضلة حسب وصفه هي الدوري الإنجليزي الممتاز.
البعض أيضاً ربط ما حدث مع النني بما فعله رياض محرز ونزوله للملعب حاملاً علم فلسطين، وأخذ العديد من الصور به داخل وخارج الملعب، في نفس الوقت الذي أظهر به النني موقفه للعلن، إلا أنه لم تكن هنالك أي تدخلات بأي شكل من الأشكال من إدارة السيتي بخصوص محرز.
ولكن أشارت بعض المصادر إلى صعوبة مرور مثل تلك المواقف داخل أرسنال بالذات، نظراً لتواجد بعض الأسماء اليهودية التي تعد أحد مصادر الدعم الأساسية للفريق، سواء تاريخياً أو في الوقت الحالي، والتي استطاعت التأثير على دور النني مع الفريق.
وما ساعد على ذلك عدم تواجد النني بشكل أساسي، وهو ما سهّل طريق التخلي عنه بشكل فني دون وجود مشكلة كبيرة، ولكن بشكل أو بآخر فإن ما يحدث مع النني في الوقت الحالي قد يكون بمثابة فرصة من الله، تمكنه من بداية جديدة يمكن أن يبدأ من خلالها انطلاقة جديدة في الملاعب الأوروبية.
وهذا ما سيساعد المنتخب المصري حتى في حالة تواجده بشكل دائم في الملعب وعودته لأفضل مستوياته التي اعتاد تقديمها في منتصف الملعب.
وما قد يسهّل على النني مهمة الانتقال للفريق القادم هو ما سيقدمه مع منتخب مصر في البطولات القادمة، ولكن سيظل محمد النني اسماً رناناً داخل جدار الأرسنال، حافراً لاسمه مكاناً في تاريخ النادي بدور الجندي المجهول.
والأهم من هذا وذاك، أن النني حفر اسمه في قلوب الجمهور العربي الكبير، والجمهور الفلسطيني، بموقفه البطولي، الذي يدفع ضريبته الثقيلة.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.