في عام 2004 صدر الفيلم الأول تحت اسم Saw، ليصبح بداية لإحدى أشهر سلاسل الرعب التي شكّلت صناعة سينما الرعب الحديثة، وتمتد تلك السلسلة إلى سبعة أفلام، تتوالى في أحداثها، إلى أن ختم الفصل الأخير منها الصادر عام 2010 القصة، تحت اسم Saw VII The Final Chapter.
بالطبع لا يمكننا الحديث عن مدى النجاح الذي حققته السلسلة بالنسبة إلى تصنيف الرعب المعوي والدموي ورعب التعذيب، فالسلسلة بالفعل تمتلك العديد من المعجبين وحققت النجاح الذي يضمن لها الخلود في تاريخ السينما.
ولمن لا يدري ما هي قصة تلك السلسلة فهي تتحدث عن جون كريمر، رجل عجوز تم تشخيصه بسرطان الدماغ، ولا يمتلك سوى سنة واحدة فقط في حياته، يحاول العجوز الانتحار لكنه يفشل، وفشله ذاك سرعان ما يتحول لإلهامه بأن يصبح أداة للعدالة كي يعاقب المجرمين بأبشع طريقة ممكنة، وربما يمنحهم بعد العقاب وسيلة أخرى لحياة صالحة.
تركت سلسلة Saw إرثاً لا يُستهان به في الصناعة السينمائية، حاول العديد من المخرجين الشباب حمل ذاك الإرث على أكتافهم وصنع أعمال قد ترقى إلى مستوى السلسلة الأصلية، لكنها لم تستطع حتى عبور الدرجة الأولى من السلم، وهو ما وضع إرث السلسلة في وضع خطر يهدد بفنائه.
ثم في 2017 صدر الفيلم الجديد Jigsaw بعد سبعة أعوام من الفصل الأخير في القصة الأخيرة، ليخبرنا أن الإرث لم ينتهِ بعد، ويقدم لنا الفيلم جرعة ممتازة من الإثارة والرعب المعوي والفخاخ القاتلة المرعبة، بالإضافة إلى تركه الباب مفتوحاً أمام كل صانع أفلام يجد نفسه جديراً بذلك الإرث.
SAW وأمل جديد في استمرار الأعجوبة
نصل لفيلم هذا العام (2021)، فيلم Spiral: From The Book Of Saw، من إخراج دارين لين بوسمان، المخرج الذي صنع الجزء الثاني والثالث والرابع من سلسلة Saw الأصلية، والذي أثبت أنه جدير بحمل إرثه الخاص.
يسرد لنا فيلم Spiral قصة المحقق زيك، الذي يعمل أسفل ظل والده، يواجه زيك تحدياً صعباً لكونه الشرطي الوحيد النظيف في قسمه، وسط مئات من الفاسدين المستعدين لطعنه في الظهر، وعليه هو وشريكه الجديد في القسم مطاردة القاتل المقلد لجون كريمر، الذي يستهدف رجال الشرطة عبر فخاخه المميتة.
وهنا وبعد مشاهدتي للفيلم، دعني أخبرك بأنه خير وريث لذلك الإرث، يتميز الفيلم عن سابقيه بأنه يخرجنا من المحيط الضيق الذي استمرت عليه جميع أفلام Saw السابقة، حيث يمنحنا رؤية أكثر شمولية مليئة بالشخصيات المثيرة للاهتمام.
وكذلك استطاع الفيلم أيضاً أن يقدم عدة فخاخ ذكية، فخاخاً تليق بالمستوى العبقري المرعب الذي تمتاز به السلسلة منذ بدايتها.
ربما تجد الفيلم فيلمَ جريمة تقليدياً بعض الشيء، بل ربما يمكنك أيضاً توقع هوية القاتل اعتماداً على القدر الذي تشاهده من أفلام الجريمة، لكن رغم ذلك العيب استطاع الفيلم التفوق في كتابة شخصياته، فشخصية المحقق زيك، التي أداها الممثل الكوميدي كريس روك كانت بالفعل إحدى أجمل الشخصيات كتابةً على مر السلسلة.
يمكنني القول أيضاً إن الفيلم لم يفقد أياً من عناصر أسلافه، فقد استطاع الحفاظ على كل عنصر مميز لسلسلة Saw، وكذلك استطاع الإضافة لها، ما يجعلني أظن بأن هذا الفيلم سيكون مجرد بداية لسلسلة أفلام أخرى، وعالم آخر جديد ممتد يأسر عقولنا المتعطشة للرعب معه.
في النهاية، دعنا نسأل سؤالاً مهماً:
لماذا سلسلة أفلام Saw جميعها تستحق المشاهدة؟
هنا أجيب بأن ما تُقدمه هذه السلسلة للمشاهد العادي أكثر بكثير مما يتوقعه، فالسلسلة رغم كونها تقدم بالأساس جرعة مركزة من الرعب الدموي، فإنها تقدم أيضاً تساؤلات لا يمكن تجاهلها حول مفهوم العدالة ومفهومَي الخير والشر.
بل في كثير من الأحيان تتحول الأفلام من أفلام رعب وجريمة إلى حوار فلسفي ممتد، يسبر أغوار فكرة الجريمة والعقاب، ما يجعلني أعتبرها عملاً أدبياً لا يقل جمالاً عن أعمال دوستوفيسكي على سبيل المثال!
فالعذاب الذي مرّ عبره راسكولينكوف بعدما ارتكب جريمته في رواية الجريمة والعقاب ربما كان عذاباً نفسياً، جسّد نفسه عبر جسده، فأصبح الجسد مرآة للنفس، وأداة للعقاب، وعلى هذا المنوال كانت أفلام Saw تحاول الوصول لعمق مفهوم العدالة، عن طريق استخدام الرعب المعنوي.
لذا إن لم تكن قد شاهدت السلسلة من قبل، ولا تجد مشكلة مع الرعب المعنوي المركز، ربما عليك تجربتها، وإن كانت تجربتك الأولى فأنا حقاً أحسدك عليها.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.