كان من المفترض أن نتوجه إلى اسكتلندا مطلع الشهر الجاري، للمشاركة في قمة المناخ، برفقة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي عدل عن حضور القمة في اللحظات الأخيرة.
وكما هو معلوم، ألغى الرئيس أردوغان رحلته إلى هناك بسبب رفض السلطات الاسكتلندية مطالب تركيا بشأن البروتوكول الأمني، لتتحول وجهة طائرة أردوغان يوم 31 أكتوبر/تشرين الأول المنصرم من روما إلى إسطنبول، بدلاً من غلاسكو مكان انعقاد القمة.
بينما كنت قد نسيت الرحلة إلى اسكتلندا بالفعل، تلقيت دعوة جديدة عقب أسبوع واحد فقط من ذلك التاريخ. لكن هذه المرة جاءت الدعوة من وزير البيئة والتطور العمراني والمناخ التركي، مراد قوروم، لمتابعة سير أعمال قمة المناخ على مستوى وزاري. وعلى إثر ذلك انطلقنا إلى العاصمة الاسكتلندية، أدنبرة.
على صعيد آخر، خلال متابعتي من أنقرة لسير أعمال قمة المناخ على مستوى القادة في غلاسكو، كانت العديد من الصور والمشاهد اللافتة التي انعكست عبر وسائل الإعلام بقوة، على سبيل المثال تلك اللقطات التي أظهرت جو بايدن ومثله بوريس جونسون وقد غفوا خلال القمة.
إذا استمر الوضع على هذا النحو، وتحولت أزمة التغير المناخي إلى كارثة، فلا شك أن الأجيال القادمة من أبناء وأحفاد بريطانيا والولايات المتحدة سيذكرون هذه اللقطات ومشاعر "الخزي والعار" تملؤهم.
لماذا نقول ذلك؟
لأن قمة المناخ التي من المفترض أن تكون مهمة للغاية على عكس ما انعكس من تلك اللقطات، ستكون الحديث الأبرز على مستوى العالم باعتبار أنها الأزمة الأخطر خلال السنوات القادمة.
وسواء على صعيد الحرائق أو الفيضانات وما يسببه ذلك من حجم تدمير وأضرار، ينذر بلا شك أننا أمام مواجهة أخطار حقيقية.
وفي هذا السياق، أتيحت لنا الفرصة للحديث لمدة 4 ساعات ونصف مع وزير البيئة التركي، مراد قوروم، خلال الطريق إلى أدنبرة.
من المعلوم أنه من أبرز الأشياء التي قام بها البرلمان التركي منذ افتتاح دورته الجديدة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، هو المصادقة على اتفاقية باريس من قبل جميع الأحزاب في البرلمان. لتتم إضافة وصف "المناخ" إلى وزارة البيئة والتطور العمراني التركية.
مراد قوروم بصفته وزيراً للبيئة والتطور العمراني، كان يعمل ليل نهار بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، منذ توليه منصبه من 3 سنوات، ويتحمل مسؤولية صعبة على طريق التحول الحضاري، والبقاء في مناطق الكوارث لأسابيع وشهور من أجل تضميد الجراح التي مر بها البلد، وإضافة لكل ما سبق أضيف لمهام الوزارة التي يديرها مسؤولية "التغير المناخي".
واسمحوا لي الآن مشاركة مقتطفات من الحديث الطويل الذي دار بيننا على متن الطائرة خلال الطريق للعاصمة الأسكتلندية.
هناك جانبان في الواقع خلال الحديث عن "التغير المناخي"، إحداهما مكافحة الاحتباس الحراري، الذي أصبحت أبعاده الكارثية أكثر وضوحاً. والجانب الثاني، هو التنمية الخضراء، والتي باتت وجهة العالم الجديدة، ولذلك على تركيا التركيز على هذا الجانب أيضاً.
خلال الحديث عن الجانب الأول من التغير المناخي، قال الوزير قوروم إن "معدل الكوارث الناجمة عن تغير المناخ بلغت 91% على مستوى العالم. فنجد أنها تمطر في جرينلاند، وتثلج في الصحراء، فضلاً عن أن الفترة بين عامي 2015 و2020 سُجلت على أنها الأكثر دفئاً منذ الثورة الصناعية على مستوى العالم".
وتابع الوزير قوروم: "لقد ارتفعت درجة الحرارة عالميّاً بمقدار 1.1 درجة مئوية. وإن اتفاقية باريس تهدف إلى إبقاء هذه الدرجة عند مستوى 1.5 فقط. وبما أن تركيا هي إحدى دول حوض البحر المتوسط فهي من بين الدول الأكثر تضرراً من ظاهرة الاحتباس الحراري. لا سيما أن نسبة الاحتباس الاحتراري في تركيا تقترب من ضعف المعدل العالمي".
وأضاف: "في تركيا نجد نسبة تأثير انبعاثات الكربون التي تسبب بدورها الاحتباس الحراري عند مستوى 1%، وهدفنا هو القضاء على هذه الانبعاثات بحلول العام 2053".
ما هي الخطوات التي ستجري على هذا الصعيد؟ وما هي الأهداف التي تم تحديدها؟
حسب المعلومات التي أوردها الوزير قوروم، فقد تم تقديم مورد مالي بقيمة 3 مليارات و157 مليون دولار أمريكي إلى تركيا في نطاق اتفاقية باريس.
وفي هذا الصدد يشير الوزير قوروم، بالقول: "توصلنا إلى هذا الاتفاق بعد مباحثات استغرقت 3 سنوات. وسنقوم باستخدام هذه الموارد من أجل إنعاش التنمية الخضراء. لقد شهد العالم ثورة تكنولوجية في التسعينيات، ولم نتمكن من اللحاق بما يكفي. والآن بدأ عصر التنمية الخضراء، وستظهر تقنيات جديدة. نحن ندخل عصر التنمية الخضراء".
وتابع الوزير قوروم: "في هذه الفترة يجب أن نكون دولة توجّه وتؤثر، وليس دولة تتعرض لخطر هذه التغييرات فحسب. نحن بحاجة للاستفادة من هذه الفرص. وبموجب ذلك سنقوم بإعداد المشاريع لجميع العاملين في مجالات الطاقة والزراعة والنقل والصناعة والتشجير والبيئة، وسننفق تلك الأموال على هذه المشاريع، وبالتالي سيتم توليد فرص عمل جديدة".
وختم الوزير قوروم خلال حديثنا معه بالقول: "نحن نمتلك بعض المزايا، تبلغ قدرتنا المركبة في مجال الطاقة الجديدة نحو 53%، ونحن في المرتبة الخامسة على مستوى أوروبا، و12 على مستوى العالم".
أخيراً، هناك حاجة ماسة لمزيد من الوعي العام بشأن تلك القضايا، ومن الضروري قول المزيد من الكلمات وخلق المزيد من الوعي حول ما يجب القيام به.
وإذا لم نقم بذلك فإننا سنترك عالماً خطراً للغاية للأجيال القادمة.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.