ما إن أعلن محمد رمضان عن إحياء حفل موسيقي بمدينة مراكش حتى تصاعدت حملة على وسائل التواصل الاجتماعي رافضة له، وتصدرت حملة لا نريد محمد رمضان بالمغرب على تويتر، غير أن هذا الأمر لم يكن غريباً، لأن محمد رمضان لا يحظى بنفس الشعبية عند المغاربة، التي يحظى بها في مصر أو غيرها من البلدان العربية، وخاصة في جانب الغناء، فلو لم يقترن اسمه بسعد لمجرد أو غيره من الفنانين فلن يعيره أحد أي اهتمام، فحينما أصدر أغنية إنساي مع سعد لمجرد كان هناك انتقاد كبير لدوره في الأغنية، وهناك الكثيرون كانوا يرون أن سبب نجاح الأغنية النسبي يعود إلى سعد لمجرد، لكن يبقى السؤال الملح هل فعلاً يكره المغاربة محمد رمضان، أم أن هذه الحملة هي مجرد رد فعل لا أكثر، ثم إن كان المغاربة فعلاً يرفضونه فما السر وراء ذلك؟
لفهم طبيعة الرفض ينبغي الأخذ بعين الاعتبار الكثير من العوامل، وليس ببعيد أن يكون بعضها تاريخياً، لِمَ لا؟ لكن لنعد لسنوات قليلة فقط، نعرف أن الفنان المغربي سعد لمجرد اتُّهم في قضية جنسية في باريس وهو في أوج صعوده إلى العالمية، بحسب ما كان يرى البعض، حيث إنه اتُّهم في قضايا تحرش، ومن ثم أدين وقضى بضعة شهور في الحبس، وشهوراً أخرى منع فيها من مغادرة البلاد، حيث إنه استُدعي عدة مرات للمثول أمام المحكمة، قبل أن يتدخل الملك شخصياً، ويوكل محامياً للدفاع عنه، غير أن سعد وإن كان محظوظاً وخرج من تلك الحادثة بأقل الأضرار، فإن الكثيرين من خصومه سيبدأون في استغلال الحادث ضده، وخاصة أنه من بين الفنانين العرب الذين يراهنون على الوصول إلى المليار مشاهدة على اليوتيوب، لم يكن بالأمر السهل أن يستأنف سعد مساره الفني من جديد دون محاولة الإثناء، وتحطيم نجمه من جديد.
بعد انتهاء قضية التحرش التي كانت موجهة ضد سعد سيستأنف مساره من جديد بإحيائه لحفلات في مختلف الدول العربية، منها الخليج، كما أنه أصدر عدة أغانٍ منها أغانٍ باللهجة المصرية، ومن بينها أغانٍ مشتركة مثل تلك التي مع محمد رمضان نفسه، وهذا يؤكد فرضية واحدة، وهي أن سعد يبحث عن دعم عربي واسع، من خلال إصداره لهذه الأعمال، حيث أدرك -وإن كان متأخراً بعض الشيء ربما- أنه لا يمكن الاستغناء عن الجمهور العربي بمختلف أنواعه وأطيافه، وبخاصة الجمهور المصري، للوصول إلى العالمية التي يتطلع إليها، غير أن تحمسه هذا سيُقابَل بالرفض من قبل شريحة كبيرة من المجتمع المصري، وخاصة السنة الماضية، حينما شُنت ضده حملة على وسائل التواصل الاجتماعي، عندما أراد أن يحيي حفلاً بمصر، فأدت تلك الحملة إلى إلغاء الحفل، نظراً لاحترام وجهة نظر الجمهور، والتي أصبحت تؤخذ بعين الاعتبار ويحسب لها ألف حساب اليوم، فلا غرابة إذاً أن نجد من ينددون ويرفضون اليوم محمد رمضان، بتدشينهم حملةً رافضة له على تويتر، ويذكرون بواقعة مشابهة لها، وهي التي شُنت ضد سعد لمجرد، فكأنهم يردّون الصاع صاعين.
ومن بين العوامل التي تقف وراء هذا الرفض ما وقع لفنانَين مغربيين شاركا في افتتاحية مهرجان الجونة المصري، وهما الفنان التطواني الأصل نادر الخياط، المعروف عالمياً بالريدوان، والفنان المغربي نعمان بلعياشي، حيث ثم تجاهلهما من قبل المذيعة، وهذا ما أثار حفيظة الكثير من الفنانين المغاربة، حيث تجاوب مع هذا الأمر الكثير من الفنانين والإعلاميين المغاربة، حيث رأوا أن في تجاهل الفنانين المغاربة احتقاراً للمغاربة، ما دفع إدارة البرنامج للخروج ببيان تعتذر فيه للجمهور، ولم يكن التجاهل لهؤلاء فقط من قبل المذيعة، بل حتى من قبل المخرجين، حيث تم التركيز فقط على الفنان المصري محمد رمضان أثناء العرض، رغم أنه لا يملك مؤهلات فنية، بل هو ربما لا يحضر إلا بسبب شهرته في التمثيل، غير أن هذا التجاهل لفنان عالمي لا شك حرّك مشاعر الكره تجاه من كانوا وراءه، بل ويرى عدة فنانين أنه كان متعمداً.
وليس ببعيد عن هذا الأمر أيضاً القضية التي كانت قد أثارت جدلاً واسعاً في الوسط الإعلامي، حينما ظهرت على وسائل التواصل الاجتماعي صورة تجمع بين محمد رمضان وفنان إسرائيلي، ما دفع بمحمد رمضان للاعتذار عن ذلك وأنه لم يكن على علم بجنسية المغني، غير أن هذا الأمر لن يمر بسلام أيضا، حيث أنه من المؤكد أن هناك شريحة كبيرة من المغاربة لا يزالون ينظرون إلى أمر التطبيع بعين الربية، وإذا فلا بأس أيضا أن نجد من بين الشعارات المرفوعة في هذه الحملة عبارات تذكره بتلك الصورة، كما أن هناك اتهام له بالتطبيع، غير أن السبب الرئيس يبقى هو ما طال سعد لمجرد، والفنان المغربي العالمي في افتتاحية مهرجان الجونة.
لعل من بين العوامل طبيعة شخصية محمد رمضان، والمحتوى الذي يقدمه، فهناك الكثيرون يرون أنه صاحب شخصية متعجرفة ومتكبر، وهذا قد يكون دافعاً يؤجج الناس ضده، ويدعوهم أيضاً لشن حملة ضده، كما أن المحتوى الذي يقدمه لا يتلاءم والذوق المغربي، فحضوره إلى جانب فنانين آخرين هو الذي يجعل الناس يقبلون عليه أو يحضرون حفلاته، وإلا فطبيعة ما يقدمه لا يتلاءم وذوق المغاربة، وليس هذا الأمر خاصاً بمحمد رمضان، بل سبق وشنت حملة ضد فنانين عالميين آخرين، مثل شاكيرا، وجينيفر لوبيز، وغيرهم، بل بعضهم مغاربة ومن بينهم سعد لمجرد، حينما سبق وقدم حفلاً عرض على القناة الثانية، حيث خرجت حملة ضده بدعوى أن الحفل تناول مشاهد خادشة للحياء، ومن يعرف طبيعة حفلات محمد رمضان لا يستغرب قيام حملة ضده، لا سيما أنه قد أثار جدلاً داخل مصر بلده الأم.
مهما كانت الدوافع وراء رفض المغاربة لمحمد رمضان، فإنه يظل أن الفنانين سواء المغاربة أو المصريين يدركون جيداً أنه لا يمكن لأحدهم الوصول إلى العالمية دون دعم ومساندة جميع الجماهير العربية، ولا يمكن إغفال أو إقصاء أي جزء منهم، مهما كانت قناعاته، أو ميوله الفكرية أو السياسية، ولذلك ينبغي احترام الجماهير، واحترام قناعاتهم ومعتقداتهم، خاصة أننا نعيش عالماً أشرف على القطيعة مع العالم الحقيقي، والدخول كلية في العالم الافتراضي، فالفنان مهما كانت جنسيته فرأسماله هو الجمهور، ويجب عليه احترامه، قد يكون سعد أدرك هذا الأمر بعد المعاناة التي عاناها، ولذلك نجده يحسب ألف حساب لظهوره وتصريحاته، لكن ربما غيره لم يصل بعد إلى هذا الرشد المطلوب.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.