الالتزام بنتائج الانتخابات وإحياء الأحزاب السياسية.. هل نجح الملتقى الوطني في ضبط البوصلة الليبية؟

عربي بوست
تم النشر: 2021/11/07 الساعة 13:10 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/11/07 الساعة 13:56 بتوقيت غرينتش
رويترز

في طرابلس وفي الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني عقد الملتقى الوطني لدعم الانتخابات بحضور عضوي المجلس الرئاسي السيد "موسى الكوني" والسيد "عبدالله اللافي" ومجموعة من أعضاء مجلسي النواب وأعضاء لجنة الحوار السياسي وكيانات سياسية نخبوية وممثلين عن المجتمع المدني ووجهاء وأعيان من مناطق مختلفة، بالإضافة لمجموعة من الراغبين في الترشح للانتخابات، على رأسهم وزير الداخلية السابق بحكومة الوفاق الوطني السيد "فتحي باشاغا"، ورئيس الوزراء الأسبق السيد "علي زيدان".

مع انطلاق الكلمات ورغم وجود عديد من الشخصيات سواء الموجودة في السلطة الحالية أو التي كانت يوماً جزءاً من صناعة القرار السياسي في ليبيا، فإن كل الكلمات سادتها روح المسؤولية الوطنية الدافعة باتجاه الانتخابات في موعدها والخروج من حالة الانقسام السياسي والعودة للفوضى والحروب، أيضاً كانوا مدركين أن فرصة ليبيا اليوم المدعومة دولياً ربما لن تتكرر بعد عشر سنوات من الحروب الأهلية وتفكك النسيج الاجتماعي بين الليبيين.

كلمات الملتقى الوطني 

الكلمة الأولى كانت للسيد "موسى الكوني" عضو المجلس الرئاسي، التي كانت كما عرفناها دائماً في تغريداته على حساباته الرسمية في مواقع التواصل الاجتماعي والداعمة والدافعة باتجاه الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في موعدها المقرر حسب خارطة الطريق ومخرجات مؤتمري برلين، حيث قال: "إن إقامة الانتخابات في 24 من كانون الأول/ديسمبر أفضل من تأجيلها، وأطالب بالضغط على الأطراف التي تسعى إلى تأجيل الانتخابات، وأشدد على ضرورة أن تعمل كافة الأجسام التشريعية والتنفيذية من أجل إخراج ليبيا من محنتها عبر انتخابات رئاسية وبرلمانية".

تلت هذه الكلمة كلمة السيد "عبدالله اللافي" عضو المجلس الرئاسي والتي كانت مختلفة عن تصريحاته الأخيرة التي لاقت جدلاً شعبياً كبيراً آنذاك، وربما كانت هذه الكلمة إدراكاً منه لأهمية الالتزام بخارطة الطريق المدعومة دولياً ومحلياً برغبة الليبيين؛ حيث قال: "إن يوم 24 ديسمبر هو يوم تاريخي، سيقام خلاله العرس الانتخابي الذي طالما انتظره الليبيون لاختيار من يمثلهم، ويجب علينا تجاوز كل الخلافات من أجل ليبيا، والتنازل من أجل ليبيا، لطمأنة الشعب الليبي بأن الانتخابات ستجرى في موعدها".

وزير الداخلية الليبي في حكومة الوفاق الوطني فتحي باشاغا

تبادلت الكلمات بين كل الحضور وكلها تصب في الدفع بالعملية السياسية تجاه انتخابات رئاسية وبرلمانية في موعدها المقرر حسب خارطة الطريق، وفي زخم هذه الكلمات ربما كانت كلمة السيد "فتحي باشاغا" وزير الداخلية السابق بحكومة الوفاق الوطني هي الكلمة الأكثر واقعياً ووصفاً للمشهد السياسي الليبي وما آلت إليه الأوضاع بعد عشر سنوات من التشتت وعدم القدرة على بناء الدولة وتحقيق أمنها/ قال في مستهلها: "ليبيا في خطر، ومستقبلنا أبنائنا في خطر، كل مؤسساتنا يشوبها الضعف والانقسام، وهذا ليس بسبب الأفراد ولا نريد لوم أحد، ولكن فقط لأخذ الدروس والعبر، عشر سنوات ونحن نلوم ونشتم بعضنا البعض ولو استمر هذا الحال ستضيع ليبيا من بين أيدينا، والآن حان الوقت لإنقاذ ليبيا ومستقبل أولادنا ولا نكون محل سخرية أمام الدول الأخرى، ليبيا بها مشكلة كبيرة وهي الدولة الهشة ولن تكون قوية إلا بشيء واحد وهو الانتخابات ومنها ننطلق لكل الاستحقاقات، المصالحة الوطنية الشاملة وبناء الدولة وإصلاح الأضرار التي حدثت وإلى مرحلة الازدهار".

لاقى المؤتمر استحسان منصات التواصل الاجتماعي وتناول أغلب المدونين إيجابية مخرجاته وربما النقطة الأكثر إيجابية وتفاؤلاً هي ما عملت عليه اللجنة التحضيرية للملتقى وهو قدرتها على جمع أغلب الشخصيات الجدلية في مكان واضح واستطاعوا الاتفاق على عدة نقاط تدفع باتجاه دعم خارطة الطريق، التي تدعو لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في موعدها، بل استطاعت أيضاً أن تقنع بعض الشخصيات التي ترى في العاصمة طرابلس خطراً عليها بسبب توجهاتها السياسية بالحضور والمشاركة، في المقابل كان هناك صوت ضعيف معارض لهذا الملتقى وهو الطرف الموجود حالياً في السلطة بكل أطيافها والذي ما زال يدافع باستماتة عن منصبه الموجود فيه منذ سنين مضت، ويعي أن وجوده مرهون بالانتخابات التي يطالب بها الأغلبية الشعبية في ليبيا.

ردود فعل دولية بحجم الزخم المحلي من بعثات وشخصيات دبلوماسية ومنصات ووسائل ومنصات إعلام دولية علقت عن الملتقى بأنه هو البوصلة الوطنية التي ستصل بليبيا لانتخابات نزيهة ويكون الشعب هو الفيصل في الاختيار بعد سنوات من الحروب والانقسامات السياسية والمؤسسية.

لم يكتفِ لفيف الحاضرين بالاستماع للكلمات فقط، بل عقب نهاية تلاوة البيان، تم التأكيد على حزمة من النقاط، أهمها ضرورة التزام كافة الأطراف السياسية بقبول نتائج العملية الانتخابية، ودعوا فيه البعثة الأممية في ليبيا وكافة الدول الداعمة لاستقرار ليبيا إلى إلزام كافة الأطراف السياسية الليبية بالتعهدات المتفق عليها بخارطة الطريق في اتفاق جنيف بشأن إجراء الانتخابات، وكذلك أكدوا فيه أهمية الأحزاب والكيانات السياسية لإجراء العملية السياسية والوصول لأفضل أداء بما يحقق المصلحة الوطنية العليا أسوة بكل النظم الديمقراطية في العالم.

الخاتمة

المتابع للمشهد الليبي عن قرب يدرك التحدي الذي كان فيه منسق الملتقى الوطني لدعم الانتخابات، الذي استطاع فيه جمع أغلب الأطياف السياسية والأيديولوجية على طاولة واحدة وفي العاصمة طرابلس، واستطاعوا فيه الاستماع لبعضهم البعض دون قيود أو شروط، في حين رآه البعض أنه قام بعمل لم تستطِع حتى لجنة الحوار السياسي فعله بالرغم من جلساتها المتكررة، وربما هو كان الضاغط الأساسي لإعلان المفوضية العليا للانتخابات (وهي الجهة المخولة بإتمام العملية الانتخابية في ليبيا) عن فتح باب الترشح للانتخابات الرئاسية والبرلمانية اليوم في مؤتمرها الصحفي 7 نوفمبر 2021 .

فمع إعلان المفوضية فتح باب الترشح أمام كل المترشحين ينطلق سباق الحملات الانتخابية بينهم ونتمنى أن نرى الأيام القادمة تنافساً شريفاً يليق بصفة "المترشح الرئاسي" بعيداً عن خطابات الكراهية والفتنة التي لا تزيد النسيج الاجتماعي الليبي إلا تفككاً.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

محمد مادي
صحفي ومدوّن ليبي
المدير التنفيذي لمنظمة مسار للتحول الديمقراطي، وطالب دراسات عليا في مجال العلاقات الدولية والدبلوماسية
تحميل المزيد