بعدما تأسسَت على التمييز العرقي! هكذا طُورَت تقنية التعرف على الوجوه، وهكذا حمَتني في مطار شيكاغو

عربي بوست
تم النشر: 2021/11/06 الساعة 11:56 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/11/06 الساعة 11:56 بتوقيت غرينتش
مطار في الولايات المتحدة الأمريكية - صورة توضيحية / Istock

عدد من الباحثين في جامعة MIT قاموا بإجراء اختبارات لقياس دقة برامج التعرف على الوجوه (SFR)Facial Recognition Software التي تستخدمها كبريات شركات التكنولوجيا (آبل، فيسبوك، جوجل، أمازون). خلصت الدراسة إلى أن قدرة هذه البرامج على التعرف على الوجوه تعتمد على الجنس واللون. 

فبينما سجلت البرامج دقة عالية في التعرف على صور الرجال من أصول أوروبية Caucasian Men بنسبة بلغت ٩٩%، وجد أن دقتها في التعرف على صور النساء ذوات البشرة الداكنة كانت مخيبة للآمال إذ لم تتجاوز ٦٥%؜.

كما خلصت الدراسة إلى أن دقة البرامج في التعرف على صور الرجال من أصول أوروبية هي أعلى من دقتها في تمييز النساء من أصول أوروبية. على الجانب الآخر؛ سجلت الاختبارات دقة أعلى بكثير في التعرف على الرجال أصحاب البشرة الملونة مقارنةً بالنساء ذوات البشرة الملونة. حتى هنا كان يمكن للأمر أن يمر مرور الكرام، لكن ما أثار ضجة الرأي العام هو فشل تلك الاختبارات في التعرف على شخصيات نسائية تتمتع بشعبية واسعة مثل ميشيل أوباما وأوبرا!

عزا الباحثون هذه الظاهرة إلى أن نسبة كبيرة من المبرمجين في شركات التكنولوجيا الأمريكية (فيسبوك، أبل، أمازون، جوجل) والذين قاموا بتطوير برامج التعرف على الوجه facial recognition soft wares هم من الرجال البيض؛ وهذا ما يعزز فرضية استخدامهم لصورهم (وصور أصدقائهم) في مرحلة تطوير الخوارزميات Logarithms الخاصة بالبرنامج ومرحلة تطوير الـmachine learning process!

وهو الشيء الذي جعل هذه البرامج أكثر قدرة على التعرف على صور الرجال البيض مقارنة بباقي الفئات. شركات التكنولوجيا بدورها رحبت بنتائج الدراسة وتعاملت معها بإيجابية؛ فقامت معظم الشركات آنفة الذكر بتطوير برامجها، وهو ما زاد من فاعليتها وكفاءتها.

تعديل الثغرات

لا يغيب عن فطنة القارئ أن هذه الثغرات تزامنت مع بداية إطلاق البرامج؛ أما اليوم فقد شهدت هذه البرامج تطوراً كبيراً عزز من فاعليتها وقدرتها على التعرف على الوجوه، حتى إن الأجهزة الأمنية في أمريكا وأوروبا والصين أصبحت تربط كاميرات المراقبة المنتشرة في المطارات ومحطات القطار ببرامج الـFR لإجراء الفحص الأمني الأولي للمسافرين.

فعند التقاط صورتك من قبل الكاميرات المنتشرة في مداخل صالات المطار، يتم مقارنتها بصورك الموجودة في قاعدة البيانات، وهكذا يتم التعرف على شخصيتك وسجلاتك وتاريخ سفرياتك الداخلية والخارجية.

فإذا كنت من الأشخاص كثيري السفر، وإذا خلا سجلك من أي ملاحظات أو نقاط تساؤل فإنك ستجد كل التسهيل من موظفي المطار. أما إذا كنت ضمن قوائم المراقبة؛ أو احتوى سجلك على إشارات الاستفهام فإن موظف الأمن يقوم باختيارك بدقة من بين مئات المسافرين لإخضاعك لمزيد من الفحص والتفتيش.

وعن تجربتي، توقفت قبل شهر في مطار شيكاغو في طريقي إلى هيوستن. لاحظت أن عدداً من عناصر الأمن جاؤوا إلى بوابة الدخول إلى الطائرة (وهذا إجراء غير معتاد في المطارات الأمريكية) وأخذوا في استدعاء بعض المسافرين بصورة عشوائية لإخضاعهم لمزيد من التفتيش.

لم يساورني أدنى شك في أن اسمي وسحنتي سيجعلان مني لقمة سائغة وسيقودانني لا محالة إلى التفتيش العشوائي.

لكن صدمتي كانت كبيرة، فقد تبسموا عند مروري وطلبوا مني الصعود إلى الطائرة بلطف ودون تفتيش إضافي قائلين: "نتمنى لك رحلة سعيدة".

بدا لي أن طبيعة عملي التي تحتم عليّ السفر المتكرر عبر مطار شيكاغو (وغيرها من المطارات الأمريكية)، ومروري المتكرر على كاميرات المطارات المرتبطة بتقنية الـFR جعلني شخصاً معروفاً لا يحتاج إلى مزيد فحص وتدقيق؛ حينها شعرت بالامتنان والتقدير لشركات التكنولوجيا.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

عبدالرحمن أحمد
باحث في الاقتصاد السياسي وقضايا الطاقة
سوداني أمريكي مقيم في ولاية تكساس الأمريكية، محلل اقتصادي في قطاع النفط والغاز، وباحث في الاقتصاد السياسي وقضايا الطاقة، حاصل على درجة البكالوريوس من جامعة الخرطوم، وحاصل على الماجستير من جامعة كليرمونت بكاليفورنيا، وكاتب رأي في عدد من الصحف والمواقع الإخبارية
تحميل المزيد