مُنيت بفقد أبي بينما هو على قيد الحياة؛ لذا صار كل فقد مشابه بمثابة فقد متجدد لي، أعلم جيداً كيف هو ذلك الألم، أن تعلم أنه موجود لكنه في الواقع ليس كذلك في حياتك، أنت نكرة، لا شيء بالنسبة له، موتك كحياتك، يصير التمسك به أشبه بالتشبث بسلك شائك يجرحك فقط دون نتيجة، لا يعود بإمكانك مع الوقت سوى الاستغناء الكامل والنسيان، صيانة لما تبقى من نفسك ومشاعرك، ستحتاج لسنوات طويلة كي تعالج آثار الغياب، لكنها تبقى كندوب يتجدد نزفها مع كل موقف جديد. النسيان ليس متاحاً، مع الوقت يتحول ذلك النوع من الآباء إلى سلك كهربائي عار، كلما لمسته أصابك في قلبك وحياتك من جديد.
لهذا كله لم تكن متابعتي للأحداث التي مر بها عدد ليس قليلاً من الفنانين أخيراً عابرة، شعرت بمدى فداحة الموقف، أن يخرج والدك ليدمر حياتك على الملأ، الشخص الذي تخلى عنك صغيراً لن يتوانى عن اتهامك بالعقوق والقسوة والجحود مع الوقت وليس عليك سوى أن تبتسم وتعتذر وأن تكون دبلوماسياً حتى لا تتحول حياتك إلى مشاع على يد شخص لم يكن داخلها قط!
ياسمين صبري ووالد بالصدفة!
"يزأر الأسد ولكنه لا يلتهم صغاره" مثل بلغاري، ربما لم يصادف قائله والد الفنانة المصرية ياسمين صبري، الرجل الذي انتقد ابنته بعنف عقب تخلفها عن حضور فرح شقيقها، واصفا إياها بالجاحدة، وتساءل بسخرية: "هى الفلوس وكترها ممكن تغير النفوس للناس للدرجة دي؟"، وقتها علّل الرجل غضبه فقط بأنها لم تحضر فرح شقيقها وقال: "فرح ابني بكرة ربنا رزقه بأجمل عروسة، أما إن أمه وأخواته الأشقاء رفضوا حتى يباركوله، فربنا رزقه بأم تانية عملت كل حاجة، وإخوات تانيين لم تغرهم الأموال ولا طيارات وكدب وخداع، أصبح لابني إخوات جدد وأم جديدة، حفظه الله من الشياطين" ربما تسببت كلماته في غضب شديد تجاه ياسمين، لكنه لم يلبث أن تبدد لاحقاً لتبدأ حالة تعاطف واسعة مع الممثلة الشابة التي خرجت في لقاء لاحق للتحدث في سطرين فقط عن والدها وقالت إنه انفصل عن والدتها عندما كان عمرها عامين، وإنها لم تر غير والدتها وجدها وجدتها من ناحية الأم، لكنها ورغم محاولتها التحلّي بالدبلوماسية فإن غضبها العميق والذي يبدو أنها قد حاولت التعافي منه قدر استطاعتها انكشف رغم ضآلة كلماتها حين أردفت "مفيش علاقة بيني وبين والدي لكن الانفصال مش سبب لأن الناس بتاخد اختيارات في حياتها، وفي ناس بتختار تتحمل مسؤولية وتكمل للآخر وناس تانية بتختار نفسها".
الوالد الذي يبدو أنه كان بعيداً كلياً عن حياة ابنته التي تربت في كنف جدها وجدتها لوالدتها بينما عملت الأم بالخارج لتدبير نفقات الابنة وتخلّى الأب عن مسؤوليته، لم يكن راضياً عن زواج ابنته رجل الأعمال أحمد أبوهشيمة، حيث لم يتم الزواج من خلاله، ما دفعه لاتهامها بعدم تقديرها واحترامها لرأيه، لم يستطع كتم غيظه فخرج لاحقاً ليزيد الطين بلة عبر نشر صور خاصة لابنته من حفل خطوبتها السابقة، في محاولة لإثبات أبوته ووجوده في حياة ابنته، قائلا:ً "قدرت تطعن أبوها في ضهر"، ليس هذا فحسب لكنه راح يتحدث عن زيجتها الأولى ليؤكد أن السبب وراء طلاقها هو والدتها!
توقفت كثيراً عند تلك الصور التي سمح الأب لنفسه بنشرها ويظهر فيها الخطيب السابق واضعاً يده بخصر ياسمين التي تعيش الآن على ذمة رجل آخر، كيف سمح الرجل لنفسه بفعل مماثل، بل وأن ينشر صوراً خاصة لغرفة نوم ادعى أنها لابنته داعياً من يعرفهم أن يدلي بشهادته إذا ما كانت ياسمين قد عاشت معه فعلاً أم لا. المفاجأة أن الشهادة التي طلبها، أتت سريعاً لكنها لم تكن في صالحه أبداً.
"افتكرت إن ليك ولاد لما بقت مشهورة؟" هكذا تساءلت الشابة التي قالت إنها كانت صديقة لياسمين صبري والتي لم يتم تكذيبها أو نفي ما كتبته حتى هذه اللحظة، أكدت أنه لم يكون موجوداً بالفعل، شخص غائب عن حياة ابنته طوال الوقت، وأن صورته بصحبته كانت مصادفة وظهوراً وحيداً تعمّد خلاله خلق ذكرى مع ابنته التي لم تفضل أن يكون اسمها ياسمين أشرف ولكنها استعانت باسم جدها بدلاً من والدها، لتحرمه من ذكر اسمها مع اسمه في كل مرة.
ما جرى كان "فضيحة" بالمعنى الحرفي، لكن المميز بشأنها أن الشخص المستهدف من الفضيحة تحول من جانٍ إلى مجني عليه؛ حيث بدا كل شيء واضحاً أخيراً، خاصة مع تعمّد زوج ياسمين، رجل الأعمال المصري أحمد أبو هشيمة، وضع حد لما يجري عقب ورود أنباء عن مقاضاته الرجل، حيث نفى مصطفى الجمل، المستشار الإعلامي للنائب أحمد أبو هشيمة، رئيس لجنة الشباب والرياضة بمجلس الشيوخ، إصدار أي بيانات أو تصريحات من قبل النائب أو مكتبه الإعلامي، بشأن والد زوجته الفنانة ياسمين صبري، مشيراً إلى أن العلاقات العائلية لا يتم مناقشتها عبر المنصات الإعلامية أو ساحات المحاكم.
حسام حبيب: "والدي آذاني كتير!"
لم تبتعد ذكرى الإيذاء العلني الذي مُني به الفنان المصري حسام حبيب على يد والده، بدأت بتسريب صوتي للرجل فضح نواياه وكاد يتسبب في أزمة كان من شأنها أن تعصف بعلاقة حسام حبيب وزوجته شيرين عبد الوهاب إلى الأبد، لولا خروج حسام الذي اضطر لأن يشرح علانية طبيعة علاقته مع والده، مؤكداً: "والدتي منفصلة عن والدي من 30 سنة، وهي اللي ربتني وعلمتني إني أوده رغم إنه اتسبب لي في إيذاء طول حياتي".
بوسي
برز على السطح مصطلح "عقوق الآباء" بقوة، هكذا تتحول شكوى الآباء من عقوق أبنائهم إلى تعاطف مع الأبناء أنفسهم عقب وضوح الصورة ورواية القصة على الجانب الآخر، حدث هذا حرفياً مع بوسي التي وصفت اتهامات والدها لها بالعقوق والإهمال بـ"الضربة في الظهر" هكذا ظهرت مع منى الشاذلي تحكي بتثاقل أعرفه جيداً، أن تضطر للحديث عن أمر موجع، فقط لأنك المتهم، روت بوسي كيف تم استغلال والدها:
"أنا لو بني آدمة عاقة مكنتش اشتغلت من عمر 15 سنة عشان أشيل عنها الحمل شوية، ولو فعلا الكلام ده جديد، لما بتسأل بقول أنا اتولدت أبويا مش موجود في حياتي مطلق أمي وهي حامل فيا شهرين، وقبل تصريحاته بيومين مكلمني وباعتة فلوس، انت كنت فين طول السنين اللي فاتت، أيام ما كنت في عز المشاكل، مستنية حد من أهلي يقف لحد معين يجيب حقي، أحس إني ليا ضهر وليا سند، هو مفيش علاقة أصلا بيننا، اتولدت طلعت الدنيا أمي كل حاجة في حياتي، مع خلاني، كنت بشوف أبويا بالصدفة مكنتش بعرف أقوله يا بابا، أنا عندي اخوات تانيين من أم تانية، لو سألتي أي واحدة فيهم، مكنش بيصرف على واحدة فيهم، جوزوا وجهزوا نفسهم بنفسهم، عندي أخ لو شوفته في الشارع معرفهوش، اتجوز كتير وخلف كتير".
يسرا.. كاد أن يقتلها!
لا تعتبر الفنانة يسرا علاقتها المضطربة بوالدها سراً، حتى هذه اللحظة ما زال الألم يبدو واضحاً على وجهها حين تأتي سيرته، تدمع عيناها، بعد كل هذه السنوات، رغم انفصالها عنه في عمر الـ21 عاماً، عقب قيامه بضربها في أحد الأماكن العامة: "كان أبي قاسي وعصبي، كنت قاعدة في مينا هاوس في وجود رشدي أباظة، واتنين ألمان، سمعت صرخة الراجل الألماني، وجات كوباية في دماغي عملت عملية كانت ممكن تموتني!".
لا تعتبر يسرا غضب والدها غيرة عليها "كنت قاعدة لوحدي يومها، وكان بييجي معايا الشغل، هو كان متضايق ومتغاظ إن كل اللي عمله معايا منفعش يأثر في حبي لأمي، كنت بسلمه كل فلوسي وانا بشتغل ومكنتش أعرف حاجة عن فلوسي أو حاجتي، مشكلتي معاه مكانتش مادية، لحد دلوقتي عمري ما فهمت هو ضربني بالكوباية ليه؟"
هكذا لجأت إلى زوج خالتها في أحد الأيام، هرباً من بطش والدها الذي اعتاد إيذاءها في والدتها وتهديدها بأنه سيؤذي والدتها كي يؤلمها "زوج والدتي كان أبويا الحقيقي، كان حنين وبيخاف عليا وبيذاكرلي وياخد باله مني، وأنا كنت بايخة معاه جداً".
تتذكر كيف سألت والدتها لماذا لم تحتمليه كبقية السيدات، فأخبرتها "لما تكبري هتعرفي" وهو ما عرفته سريعاً "لما عشت معاه عرفت كويس سابته ليه".
على الرغم من أنه لم يتخلَّ عنها وبالرغم من إصراره على إبقائه معها، لكنها لم تكن أبوة حقيقية بحسبها "مرحلة قاسية في حياتي، من 14 لـ 21 سنة قعدني معاه غصب عني، مع زوجته اللي أكبر مني بـ 3 سنين، اتحرمت من والدتي، مكانش سهل أبداً، ولا كنت بشتغل ولا حاجة، كنت تلميذة، التجربة دي خلتني ألم وجعي ويبقى ليا لوحدي، وجعي ما زال موجود، مش بنساه، بيطلع كل شوية، كل كام سنة، مع مشهد، مع حدث يفكرني، لو كنت استسلمت لوجعي كنت بقيت شخصية متحجمة".
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.