المُنطلق الفطريّ الأساسيّ عند جميع الآباء مبنيّ على الحُب وعلى الكثير من العاطفة التي قد تُؤدي بالطفل أحياناً إلى هالات من التساؤلات الوجودية اللامفهومة: لماذا يفعل أبي هذا؟- ولماذا لا تراني أمي بين الجميع؟
يلتقي شخصان، ويُحِبان بعضهما البعض، ويُقرّران الزواج، ثُم الإنجاب دون أن يقوما بأي اختبار فكريّ أو روحي لأنفسهم، دون أن يسألوا أنفسهم إن كانا على استعداد، وهُنا لا نتحدثُ عن الجانب المادي وإن كان ضرورياً ومُلازماً لأي خطوة كهذه، بل الجانب الروحاني الذي يغفل عنه الجميع أو يتغافلون عنه بمفهوم التقدّم في السن المُرافق لمعاني النضج الخفيّة.
وبعدها، تأتي مرحلة تربيّة الطفل، فتبدأ الأم في التخبط لرؤية أطفالِها على حالٍ أفضل منها، والأب قد حُرِمَ من أحلامه التي كان يودّ الوصول إليها من أجل أبنائه.
تبدأ المُقارنة، وتظهر مُعظم المشاكل معها.. من سُلطة قاسيّة وتعامُلٍ كان دافعه الأكبر هو ما تُرِك دون حلٍّ في عقول الآباء.
لطالما كانت الرؤية المُناسبة لموضوع الإنجاب وتحمّل مسؤولية كيان جديد لا دخل له في كلّ ما عيشَ وما سيُعاش وكأنها باب للهجوم على مُبتغيات الفطرة التي أودعها الله فينا، في حين أن الموضوع عكس ذلك تماماً.
صِرنا في عهدٍ يستطيع الأب أو الأم معرفة ما يدور في عقليهما من أمورٍ سلبيّة بسهولة، سواء باستشارة طبيّة صائبة، أو بالتفكير الصحيح في ما يحدُث.. دون إصدار أحكام تتنافى مع الواقع.
وإننا في هاته الآونة نرى أموراً تُحزن القلب من كميّة الألم التي ترتجيه، أطفالاً لا يفهمون ماذا يحدثُ حولهم، أو أبناءً حاقدين على الكون بأكمله لما عاشوه مع والديهم.
الأساس في سيرِ الأمور كلّها هو الحُب والمحبّة الخالصة من جميع الشوائب والمُنعطفات.. وهكذا ما يجب أن تكون عليه الغاية في الحصول على منزِلة الأم والأب.
فلا تُنجب، لأن المجتمع الذي تعيش فيه يُحتّم عليك ذلك.
لا تُنجِب، إن لم تجِد حلاًّ عَمَلِياً لجميع العُقد والاضطرابات النفسية التي تُواجِهك كلّ يوم.
لا تُنجِب، إن كان الهدف من ذلك هو الحِفاظ على أُسرة بدأت بالتلاشي، لن يمحو الطفل آثارها المُؤسفة.
لا تُنجِبي، لأن لكِ عاطفة قويّة وتظنين أنكِ ستنجحين في ذلك بمشاعركِ وأسلوبكِ في تسيير ما يحدُث داخلكِ.
لا تُنجِبي، لأنكِ في عُمر الثلاثينات وخائفة من مرور قطار الإنجاب أمام عينيكِ.
لا تُنجِب، لتفريغ عُقدكَ النفسيّة في روحٍ لا ذنب لها.
لا تنجبوا ان لم تكُن قدراتكم المادية في منحناها الطبيعي واللازم للعيش في ظروف سليمة.
إن لم تكُن سويّاً نفسياً، فلا تُنجِب.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.