بعيداً عن الشماتة أو اليأس أو تنبؤات الفشل.. هذا ما ينتظر مدرب برشلونة الجديد

عربي بوست
تم النشر: 2021/10/30 الساعة 09:28 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/10/30 الساعة 09:29 بتوقيت غرينتش
تشافي مدرب السد مرشح لقيادة برشلونة (رويترز)

بالتأكيد سيكون من السهل هذه الأيام أن تشاهد الفرحة والأمل في عيون البرشلونيين، عاد الشغف للبعض ليتذكر أن ناديه المفضل هو برشلونة الإسباني بعدما كان عداد الشغف يذهب بهم لمرحلة ترك مباريات ناديهم المفضل دون متابعة أو اهتمام.

ربما كانت تلك الفترة هي أسوأ ما عاشه مشجع برشلوني في حياته، فلم يكن يتخيل في سنوات المجد أنه سيتذوق ذلك المرار في يوم من الأيام. بل ربما ظن أن طعم التيكي تاكا والجيل الذهبي هو ما سيعتاد عليه طوال حياته، فذاك السبب الوحيد الذي يبرر طلب قميص رونالدينهو كهدية عيد الميلاد في طفولتك، ثم يأتي البرغوث ليونيل ميسي ليسرق قلبك وبجواره رسامان كإنيستا وتشافي، وبعد كل هذا تمر عليك تلك السنون العجاف ليكون أكبر أحلامك يا من أتعبت أوروبا طولاً وعرضاً الفوز على رايو فاليكانو أو بلد الوليد!

ربما كانت السفينة الكتالونية تغرق في قاع البحر، فمصطلح "توشك على الغرق" يعد متفائلاً في الوضع الحالي للفريق، فبعد سلسلة هزائم وتعادلات وعدة أرقام قياسية سلبية يجمعها برشلونة بشكل متتالٍ فالآن أصبح الفريق بلا مدرب. والمطلوب؟ مدرب براتب ضعيف وبميزانية انتقالات معدومة وقائمة أسماء للاعبين  منطفئة بلا نجوم، وما يطلبه المشجع؟ هو دوري الأبطال ودوري إسباني وكأس، وربما بعدها سينتقدك إذا تعادل الفريق الرديف.

فما أطلبه منك عزيزي القارئ البعد عن الطموحات الوردية والعودة لملعب كرة القدم، فتلك المستديرة قاسية لا تعرف الطموح والأماني، هي تعرف الملعب والأهداف، وفي تلك الظروف الحالية التي يعاني منها برشلونة فلنتفق في البداية أن القادم يشبه الوضع الحالي في أحسن أحواله مع بعض التحسن في بضع نقاط، لكن انتظار الفَرج والتحول في الأداء والبطولات بمجرد تغيير المدرب لن يكون منطقياً البتة، فلن يطلق المدرب العنان للوك دي يونغ ولا ممفيس ديباي سيتحول لدييجو أرماندو مارادونا.

وفي ظل الوقت الذي يتحدث المنافسون عن صفقات بالمليارات، فميزانية صرف برشلونة خلال الموسم الحالي لن تتجاوز الـ98 مليون يورو، فلا توجد توقعات بأي نوع من أنواع الطفرات، لذلك فالسؤال الذي يجب علينا أن نسأله هو ما الحل المناسب الذي يجب على برشلونة اعتماده في جلب مدربٍ يتمكن من تطوير هذا الكم من المواهب الشابة التي يمكن لها بالفعل البدء في تشكيل الفارق في الأداء؟ والتي يحسب لكومان العمل على مشاركتها وإعطائها الدقائق في اللعب، ما مكننا من رؤية العديد من المواهب بشكل أكبر، حتى إن أغلب الخيارات الأولى للجماهير في الوقت الحالي في أغلب المراكز وضع أبناء اللاماسيا كعناصر أساسية يمكن الاعتماد عليها لمستقبل طويل الأمد.

وبكل تلك التحديات فالمدرب القادم ينتظر حرباً خاسرة ولكن الخروج من الهزائم بأقل خسائر ممكنة هو فوز في حد ذاته بالنسبة للقائد العسكري الناجح.

تشافي؟

"جوارديولا: تشافي لديه خبرة الآن أكثر مما كانت لدي عندما توليت برشلونة".

في الأعوام الأخيرة مر على البرسا عدد من المدربين الذين وجدت فيهم الإدارة "الحمض النووي" الخاص ببرشلونة، ولم تكن الخبرة أو التجارب السابقة معياراً قد يكون مؤثراً بشكل كبير في عملية اختيار المدرب، ولكن بالإشارة إلى تلك التجارب فلا يمكن وصفها كلها بالفاشلة أو حتى الناجحة، فبالنظر لمدرب بحجم جوارديولا لم تكن الطموحات عالية في ذلك المدرب الشاب الذي تعلم التدريب في ملاعب المكسيك، ثم عاد ليعين كمدرب مساعد مع تيتو فيلانوفا في فريق برشلونة الرديف (ب).

ولكن قبل انتهاء الموسم يعلن ذلك المدير المجنون لابورتا تعيين جوارديولا كمدرب للفريق الأول خلفاً للهولندي فرانك ريكارد! ومن المفارقات أن جماهير البرسا في الدقائق التي يكتب فيها هذا المقال تنتظر من لابورتا مجدداً تعيين الإسباني تشافي خلفاً للهولندي كومان.

فاز جوارديولا هذا الموسم بالثلاثية وتغلب على مانشستر يونايتد في نهائي دوري الأبطال ليصبح أصغر مدرب في التاريخ يفوز باللقب الأوروبي حتى إنه حقق ذلك الفوز التاريخي على الغريم ريال مدريد ب 6-2 لتبدأ مسيرة يعرفها الجميع حرق فيها بيب الأخضر واليابس مع أبناء كتالونيا ليصبح أنجح مدرب في تاريخ الفريق الإسباني.

قليل من التشاؤم

ولكن المرعب في تجربة المدرب اللاعب صاحب الخبرة القليلة كونها لا تحمل معياراً محدداً للنجاح أو الفشل أن جوارديولا وزيدان يمكن للجميع أن يتحدث عن نجاح تجربتهما بكل المقاييس، ولكن في الوقت القريب شاهدنا كيف فشل لامبارد مع تشيلسي وكيف تحول من البطل واللاعب المقدس إلى اسم اضطرت الجماهير للمطالبة برحيله على الرغم من الحب المتبادل لأعوام طويلة بينهما.

وفي إيطاليا شاهدنا ما حدث مع أندريا بيرلو وفريقه يوفنتوس، حيث جاء بآمال عريضة وبفريق يحمل أسماء مرعبة لأي منافس ولكن لم يكتمل الموسم إلا برحيلٍ مزق طموحات الجميع في اسم كان له من الرهبة ما كان، ويمكن أن نتحدث أيضاً عن سيدورف مع إي سي ميلان وفشله الذي سبب سقوطه في بداية المسيرة التدريبية التي قُضي عليها قبل البدء، فهذا كله ما قد يسبب رعباً لمشجعي الكتلان.

ولكن مع انعدام فرصة جلب مدربين من العيار الثقيل أصحاب النجاح المضمون أمثال تين هاج الهولندي الذي يبدو كحلم للعديد من الفرق الأوروبية بأسلوبه الهولندي البرشلوني في التدريب، ومع خبرات جيدة في أياكس، إلا أن تين على ما يبدو يريد إكمال الرحلة مع الفريق الهولندي إلى نهايتها فلن يقبل بالمغريات الجماهيرية في برشلونة وتوتنهام، ولن يتحرك بسبب المغريات المالية التي يعرضها عليه باريس فلن نراه في مكان آخر إلا بعد نهاية الموسم.

قليل من التفاؤل

وحتى الاسم الذي تكرَّر ربما بشكل أو بآخر في أوساط الصحافة الإسبانية عن لويس إنريكي الذي رد ساخراً بأنه "لا يعرف إذا كان لابورتا يملك رقمه ليتصل به"، فإن نسخة إنريكي المرعبة القوية الحالية مع خبراته التدريبية السابقة في برشلونة قد تؤهله لنجاح في إرجاع هيبة الفريق وبث روح المنافسة مجدداً، لكن يبدو اسم لويس بعيداً، بالمقارنة باسم تشافي الذي أصبح الجميع يتحدث عنه باعتبار وجوده بالفعل.

وبعد كل ذلك الإحباط يمكن أن نضع قليلاً من الأمل في اسم تشافي هيرنانديز، وهو أن المقارنة بينه وبين من فشل في تجاربه الأولى تعد ظلماً مبكراً للإسباني، فما ينتظر منه لا يعد صعباً على شخصٍ تربى في مدرسة اللاماسيا وقضى عمره بين أحضان التيكي تاكا، كما أن الفريق في الوقت الحالي يحمل في أغلبه عناصر اللاماسيا التي ستساعد عجلة التطور بشكل كبير، فلا برشلونة يحمل غرفة ملابس صعبة ولا ينتظره من النجوم الذي سيصعب التحكم فيهم، بل الأمور لن تؤول إلى ما هو أسوأ؛ فلا يوجد أسوأ مما نراه الآن.

لذلك، بحصول أي تطور بسيط سيحسب الفضل وسيظهر ما يقدمه تشافي بسهولة، لذلك لا نتنبأ بفشله أو ننتظر الكوارث، فمن الآن علينا الانتباه إلى أن تجربة تشافي هي تجربة طويلة الأمد تحتاج لصبر مهما كانت الضرائب باهظة. وإن كان على قدر التوقعات، فما ينتظر برشلونة بمدربٍ من طينة اللاماسيا هو مجد وإرث اللاماسيا، في كاتالونيا من جديد.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

معاذ رمزي
كاتب محتوى رياضي
طالب مصري أدرس في كلية إدارة الأعمال - جامعة سلجوق- تركيا. معد برامج رياضية، وأكتب مقالات عن كرة القدم، ومهتم بالكتابة في الشأن الرياضي منذ 2017
تحميل المزيد