“صيف بلا رياح” وعودة لاستخدام الفحم.. إلى أين تقودنا أزمة الطاقة العالمية؟

عربي بوست
تم النشر: 2021/10/28 الساعة 14:42 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/10/28 الساعة 14:44 بتوقيت غرينتش
شخص يمر بجوار محطة طاقة تعمل بالفحم في جيايوجوان، مقاطعة قانسو، الصين 2021/ رويترز

يواجه العالم أزمة طاقة، بسبب فشل إمدادات الغاز الطبيعي والفحم ومصادر الطاقة الأخرى في تلبية طلب السوق بالشكل الكافي. ونظراً إلى أن أسعار الطاقة تؤثر في القرارات الاقتصادية عبر سلسلة التوريد، فقد كان لارتفاع الأسعار تأثير كبير في الاقتصادات العالمية، حيث أغلقت العديد من الشركات في أوروبا، وآسيا غير قادرة على تحمُّل تكاليف الطاقة المرتفعة.

صيف بلا رياح

وصلت أسعار الغاز الأوروبية والآسيوية إلى مستويات غير مسبوقة، وسجَّل سعر النفط أعلى مستوى له منذ ثلاث سنوات، وارتفع سعر الفحم إلى عنان السماء على خلفية نقص الطاقة في مختلف أنحاء الصين والهند وألمانيا. ويعزى الارتفاع في الطلب بالغالب إلى تعافي الاقتصادات والطقس القاسي المتوقع في جميع أنحاء أوروبا وشمال شرقي آسيا. وتقوم الصين بتخزين احتياطيات الفحم والغاز المحلية، وروسيا مترددة في تزويد أوروبا الغربية بالغاز. كما أن أسعار الغاز بأستراليا آخذة في الارتفاع، ولكنها قد تنخفض قريباً.

وفي بريطانيا، أدى النقص في سائقي الشاحنات الذين ينقلون الوقود، إلى نشر الذعر وسط مخاوف من حدوث نقص. وبعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، رجع العديد من سائقي الشاحنات الأوروبيين إلى بلدانهم الأصلية ولم يعودوا قط.

ومما زاد من تفاقم مشكلة بريطانيا ما يسمى "الصيف بلا رياح"، حيث كان إنتاج الطاقة المتجددة أقل بكثير من المعتاد. وهذا يشكل ضغطاً كبيراً على توليد الكهرباء، حيث إن نحو 24% من طاقتها تنتجها الرياح.

لقد تحولت بريطانيا بعيداً عن الفحم مصدراً للكهرباء، ومع انخفاض الإمدادات الطارئة ستجد صعوبة في العودة فجأة إلى الفحم. ولا يزال رئيس الوزراء، بوريس جونسون، ملتزماً بتوليد طاقة الرياح ويقول إنه يريد أن تصبح المملكة المتحدة "السعودية لطاقة الرياح"، حيث تولد مزارع الرياح البحرية ما يكفي من الكهرباء لتشغيل كل منزل بالمملكة المتحدة في غضون عقد من الزمن.

ارتفعت أسعار النفط استجابة لفصل الصيف الخالي من الرياح والصعوبات البريطانية والألمانية في الحصول على الغاز الروسي. وستضرب هذه الزيادات قريباً أستراليا التي تستورد 80% من البنزين والديزل ووقود الطائرات.

اتفاق بترولي والعودة إلى استخدام الفحم 

اتفقت أوبك ومجموعة منتجي النفط بقيادة روسيا على زيادة الإنتاج، ولكن فقط في خطوات محسوبة. وإذا حلَّت بريطانيا وألمانيا مشاكل إمدادات الغاز مع روسيا، فربما بحلول منتصف عام 2022، ستنخفض أسعار الغاز والنفط. وسيضع ذلك ضغوطاً شديدة على عقود التوريد طويلة الأجل المربحة في أستراليا والتي تتراوح بين 20 و30 عقداً مع اليابان وكوريا الجنوبية وتايوان والتي تنتهي صلاحيتها في غضون بضع سنوات.

وتجبر الأزمة في سوق الغاز البلدان على العودة إلى الفحم لتوليد الكهرباء وللصناعة. وتستمر أسعار الفحم الحراري بآسيا في الوصول إلى مستويات قياسية.

وفي آسيا، لا يوجد ما يكفي من الفحم لتلبية الطلب المتوقع. وقد أدى الشتاء البارد الذي أعقبه صيف حار ونمو اقتصادي أقوى إلى زيادة الطلب الصيني. وإنه السبب الرئيسي لأزمة الكهرباء الناشئة في الصين.

والصين، التي خففت من استهلاك الفحم قبل بضعة أشهر لتحقيق أهداف تقليل الانبعاثات الكربونية، عادت إلى السوق مع انخفاض المخزونات. وتواجه الهند مأزقاً مشابهاً، حيث تنفد مخزونات الفحم.

وهناك تكهنات بأن الصين قد تقوم بانعطافة على حظرها غير الرسمي على الفحم الأسترالي وتحتضن مرة أخرى الواردات الأسترالية.

وفي أوروبا، من المقرر أن يؤدي الإغلاق المبكر للمحطات النووية وأسعار الغاز القياسية إلى تعزيز استخدام الفحم. ووصل سعر الفحم الحراري إلى مستويات قياسية بأوروبا، وفي أستراليا ارتفع سعر فحم نيوكاسل بنسبة 250% وقريباً من أعلى مستوى له في عام 2008. وتشير الأزمة إلى أن الانتقال إلى مصادر الطاقة المتجددة سيستغرق وقتاً أطول من المتوقع، وسيكون أكثر تعقيداً مما كان متوقعاً، وسوف يلقي بظلاله على محادثات الأمم المتحدة حول تغير المناخ COP26 المقرر أن تبدأ في غلاسكو في 31 أكتوبر/تشرين الأول.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

ألطاف موتي
باحث اقتصادي باكستاني
عضو اللجنة الدائمة للمسؤولية الاجتماعية للشركات، واتحاد غرف التجارة والصناعة الباكستانية كراتشي، باكستان. باحث سياسي واقتصادي، ومستشار الهيئات التجارية الحكومية وغير الحكومية، ورئيس شبكة التعليم في باكستان.
تحميل المزيد