36 مليون “جيمر” معاقَبون دولياً.. ما قصة “دبي الإيرانية” التي يتنافس فيها مدمنو ألعاب الفيديو؟

عربي بوست
تم النشر: 2021/10/26 الساعة 13:20 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/10/26 الساعة 14:26 بتوقيت غرينتش
iStock

أرادتها إيران أن تكون دبي الثانية في الجهة الشرقية من الخليج، جزيرة "كيش" أو "قيس" كما ينطقها سكانها العرب. لكن رغم اتفاقية التوأمة بینها وبين دبي فإن الأولى لم ترتقِ إلی مرتبة المركز السياحي في الشرق الأوسط لكنها ما زالت جذابة للكثير من الإيرانيين، إذ تقوم إدارة الجزيرة بتنظيم المهرجانات والمسابقات والأنشطة الترفيهية لاستقطاب السياح والزوار.

وسط الصالة الأولمبية بالجزيرة، يتوزع 120 "جيمر" إيرانياً للمباشرة بلعبتي FIFA وPES ضمن منافسات الرياضات الإلكترونية، سباق وتحمس في لعب يمتد لثماني ساعات بلا تكاسل وتوانٍ. إنهم عشاق ألعاب الفيديو ومُدمنوها وإنها أول جائزة في الجزيرة تجمع اللَّاعبين الإيرانيين المحترفين وجهاً لوجه تحت سقف واحد.

36 مليون جيمر إيراني

سكون وصمت وهدوء وثقة بنفس تراها في هيكل جلوسه أثناء الجيم. هذه مواصفات الجيمر المحترف الإيراني "محمد حسين" الملقب بـEchi في سباق لعبة PES، صاحب الـ22 عاماً الذي خط بنفسه مسيرة في عالم الرياضات الإلكترونية. 

لم يبق "جيمر" في الصالة إلا وانتهی منهزماً، معركة النهائيات الآن بين محمد ومهدي، يعد محمد رقماً صعباً لمنافسيه وحضوره هاجساً لدی من يقبل التحدي ويلعب معه. فهو بطل ألعاب الفيديو بإيران عام 2018 والثاني في 2019 و2020، فهل يعود إلی البطولة أم سينتهي المطاف به كما كان ثانياً في العامين الماضيين؟ هذا ما يدور في بال رفاقه وزملائه علی مدرجات الصالة التي باتت تتهيَّأ لتوزيع الجوائز.

دقائق حاسمة لمصير محمد الذي تعوَّد أن يلتصق بشاشة الجيم بمعدل 12 ساعة يومياً في منزله، لم يرضَها لنفسه هذا العربي أن يرجع للأهواز جنوب غربي إيران دون البطولة في لعبة PES. فتسلّمها محمد ونال عنوان بطل اللعبة لعام 2021 ولربما كان آخر جيمر إيراني يحصل علی هذا اللقب، إذ تنوي شركة Konami التخلي عن اسم Pro Evolution Soccer أو PES للعبة كرة القدم الشهيرة، لتعرف بعد ذلك باسم eFootball.

طاقة وحيوية شعور اكتسبه اللاعبون محمد من ممارسة ألعاب الفيديو وهو يطبخ ويهوی قراءة كتب علم النفس وملتزم بتواصله الاجتماعي ویكثر من مشاهدة المسلسلات، لكنه لا يهوی السفر ولا الدراسة الأكاديمية، هي معايير أبرز جيمر إيراني رافضاً قبول الآثار السلبية للألعاب على الصحة النفسية، وأنها إهدار الوقت وتحول الإنسان إلى فرد متكاسل وسلبي في العديد من أمور حياته.

متفائلاً يتطلع محمد إلی مستقبل الجيم في إيران ويوعز الإحصائيات الرسمية التي تكشف عدد اللاعبين بأنهم 36 مليون فرد يعادل قرابة 50% من سكان البلاد، إلى انعدام المجال الرفاهي الجيد إضافة إلى عامل تفشي جائحة كورونا الذي صرح به مركز إيران للألعاب الإلكترونية.   

معدل ممارسة ألعاب الفيديو لكل فرد إيراني نحو 35 دقيقة يومياً التي تشرح مدی إقبالهم عليها وانتشارها بينهم وتناقلها عبر الهواتف والألواح الإلكترونية حيث تصل تكلفة الألعاب الإلكترونية قرابة 4300 مليار تومان سنوياً، يعادل اليوم (153 مليون دولار).

السياسة تحولُ دون دخول البلاد سوق الألعاب

إيران إلی جانب السعودية وتركيا ضمن أكبر أسواق الألعاب الإلكترونية بمنطقة إفريقيا والشرق الأوسط، فقد دونت ألعاباً تملك عناصر الإثارة والتشويق ونالت جوائز دولية في هذه الصنعة ولكن العقوبات الأمريكية علی القطاع المصرفي حالت دون دخولها السوق العالمية وبيع منتجاتها بسهولة.

إيران جيمر خامنئي
المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي – رويترز

لا تملك إيران دوري محترف للعبتي "FIFA" و"PES" ولا حتی أندية في هذا المجال مما يقلق أمر المستقبل لدی هواتها الذين يتطلعون مواكبة الحداثة في كل لحظة والارتقاء بقدراتهم في اللعب، فبات يبحث المحترف منهم عن الالتحاق بأندية خارج البلاد. هذا الهاجس إلى جانب صعوبات الأسر وتضييقها علی الشباب وقلة سرعة الإنترنت في إيران تكوّن أهم الهواجس التي تحدث عنها محمد.

يتقاضى محمد عوائد من تعليم الآخرين والمشاركة في البطولات المحلية جعلته مستقلاً مالياً عن أسرته ويؤكد أن احترافه في ألعاب الفيديو هو مصدر دخله الأساسي ولا يريد امتهان شيء آخر. أما لقب "الجيمر" فيكفيه فخراً بين رفاقه وأهله ليخطط حتی يخطف لقب "ستريمر" في العام القادم. 

الـ"ستريمر" شخص يمارس ألعاب الفيديو بشكل مباشر أو مسجل ويبث نفسه عبر الإنترنت ومنذ تفشي جائحة كورونا بدء التزاید علی دخول منصات البث المباشر من إيران أبرزها "Twitch" و"Youtube" والمنصة الإيرانية "Aparat" وباشروا بحصد العوائد والمتابعين.

ولو ببطء يفرض الواقع الجديد في العالم قواعده علی الجيل الجديد داخل الجمهورية المحافظة فيقابله تناغم من الشباب الإيراني مع الحداثة والتكنولوجيا بعيداً عن سياسة الدولة وزحمتها.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

أمير جابر
كاتب وصحفي من طهران
كاتب وصحفي من طهران
تحميل المزيد