أحرزت فرنسا، بطلة العالم، لقب بطولة دوري الأمم الأوروبية لكرة القدم، بعدما هزّ كريم بنزيمة وكيليان مبابي الشباك لتفوز 2-1 على إسبانيا باستاد "سان سيرو"، مساء الأحد 10 أكتوبر/تشرين الأول 2021.
إسبانيا تستحوذ وفرنسا تفوز
تحت عنوان "إسبانيا تستحوذ وفرنسا تفوز"، جاء نهائي النسخة الثانية من بطولة دوري الأمم الأوروبية التي جذبت الأنظار بشدة خلال الأسبوع الماضي مع بداية الدوري نصف النهائي؛ حيث وجد المشاهد نفسه فجأة أمام بطولة قائمة بذاتها بدلاً من أيام التوقف الدولي الكئيبة التي تأتي في هذه الفترة من كل عام والتي كان عنوانها الملل ولا شيء غير الملل.
بالعودة إلى نهائي دوري الأمم الأوروبية نجد أن الطرف الخاسر، منتخب إسبانيا، المعاد تجديده بأفكار وفلسفة مصنوعة في برشلونة، ومعروفة للجميع قدم أداءً كبيراً لكن يجب على المدرب لويس إنريكي إدخال أفكار أخرى، أكثر حسماً، إذا ما أراد الفوز بالبطولات مع هذه التوليفة من اللاعبين الواعدين الذين ينتظرهم مستقبل باهر.
أسلوب وفلسفة المنتخب الإسباني أصبحت واضحة ويمكن إبطالها بقليل من الجهد والتركيز في الشق الدفاعي، وما أكثر المنتخبات الأوروبية التي تتوفر لديها هاتان الميزتان، فإن الاستحواذ على الكرة ليس كل شيء، بل هو جزء من الحل وليس كل الحل.
وهذا ما شاهدناه في نهائي دوري الأمم الأوروبية ولكن ماذا يعني الاستحواذ إذا لم تتمكن من الوصول إلى المرمى أو خلق فرص تهديف خطيرة، وهذا ما فعلته إسبانيا في المباراة النهائية، سيطرت بطول الملعب وعرضه لكن دون خطورة حقيقية طوال شوط المباراة الأول، أمام منتخب فرنسي يعرف من أين تؤكل الكتف ولديه الثقة الكاملة، والخبرة والعناصر اللازمة لاقتناص الفرص وتسجيل الأهداف.
خطأ فادح لكن "الحكومة" ينقذ الموقف
هدف إسبانيا الأول جاء من خطأ فادح لمدافع فرنسا ونادي بايرن ميونيخ أوباميكانو، ولكن كما قلنا عندما يكون لديك الخبرة والعناصر المميزة فلا خوف، ومن غيره كريم بنزيمة، الشهير بـ"الحكومة" -لأنه غير قابل للمساس في ريال مدريد- يُظهر مواهبه ويحل العقدة بهدف رائع أعاد به الديوك لنهائي دوري الأمم الأوروبية مرة أخرى بعد دقيقتين فقط من هدف المهاجم الإسباني أويرازبال، ويتبعه الهدف الثاني بأقدام اللاعب مبابي الذي لم يظهر كثيراً في المباراة إلا عند تضييعه الفرصة تلو الأخرى.
فنياً وكالعادة عندما يتعلق الأمر بالبطولات فلا تهم جمالية الأداء أو فنياته وهذا ما أظهره المنتخب الفرنسي الذي كان نسخة طبق الأصل من المنتخب الذي فاز بكأس العالم 2018 بأسلوب لعب تجاري صارخ وكان له ما أراد؛ فالتاريخ يذكر البطل فقط لا غير.
درسٌ لأشبال إنريكي
أشبال المدرب لويس إنريكي سيتذكرون هذا الدرس القاسي جيداً، فالبطولات وُجدت للفوز بها وليس الاستحواذ أو انتزاع الآهات أو التصفيق، وقد اتضح أن المدرب الفرنسي ديديه ديشامب قد درس جيداً سلبيات الشوط الأول واستطاع سد الثغرة في الجهة اليسرى والتي كانت تسبب له إزعاجاً كبيراً بسحب أسوأ لاعبيه بينجامين بافارد والدفع بليو ديبوا ليضفي طاقة وحيوية أكبر على الجهة اليسرى وكان له ما أراد.
في الوقت الذي ازدادت الوتيرة الفرنسية لإحراز هدف الفوز، بدا لويس إنريكي حريصاً على ذهاب المباراة للأشواط الإضافية بعد أن تمكن من إنهاك لاعبي المنتخب الفرنسي طوال شوطي المباراة، ولكن كما قلنا ونعيد مراراً وتكراراً الخبرة والعناصر صاحبة الجودة العالية، لهما دور كبير في النهائيات.
بطولة ناجحة
بالعودة لبطولة دوري الأمم الأوروبية بحد ذاتها فيجب أن نرفع القبعات للاتحاد الأوروبي لكرة القدم الذي تمكن من إنشاء بطولة من العدم قد تصبح ربما بديلاً للبطولة الأم للمنتخبات في المستقبل البعيد. ومع نظام الصعود والهبوط في هذه البطولة فليس من المستغرب أن نرى منتخبات الصف الثالث أو حتى الصف الرابع في المربع الذهبي أو حتى كبطل في قادم السنوات.
بالإضافة إلى ذلك ستكون بطولة دوري الأمم الأوروبية بنفس أهمية بطولة اليورو لمنتخبات الصف الأول والثاني بعد الزخم المصاحب والذي شاهدناه في هذه النسخة الثانية؛ وهذا كان السبب في رفض الاتحاد الأوروبي القاطع لمقترح إقامة كأس العالم كل عامين حيث ستتعارض مباشرة مع هذه البطولة.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.