كان غريباً أن يتجاهل شوقي غريب عمر مرموش، لكن الأغرب هي الأسباب التي أبداها المدرب لتجاهله عُمر.
فمثلاً، عن عدم ضمه في إحدى المرات صرّح قائلاً: "سيكلفني تذاكر الطيران وتكلفة إقامته"، وفي أخرى قال: "على عُمر أن يبذل من الجهد ما يجعلني شغوفاً بضمه"، وفي ثالثة صرّح: "قرار عدم ضم عمر مرموش قرار فني بحت".
عمر مرموش لم يكن حاله أفضل مع حسام البدري، الذي لم ينل أية فرصة يستحقها، ولو على سبيل التجربة، لأن المدربين في مصر يتمتعون بنفس الصورة النمطية تقريباً.
عمر مرموش من دوري القاهرة إلى البوندزليغا
من هو عمر مرموش؟ عمر هو خريج أكاديمية وادي دجلة، مكتشفه هو مدرب الزمالك الحالي والأهلي الأسبق، باتريس كارتيرون، وعُمر يدين لباتريس بالكثير من الفضل، إذ إن الفرنسي هو أول من اكتشفه، ودفع به، وآمن بموهبته، ونسجه وسط كوكبة النجوم التي كانت غريبة عليه في ذلك الوقت.
خلال موسم 2016/ 2017 استطاع عمر أن يصول ويجول كما أراد، ففي دوري منطقة القاهرة سجل 44 هدفاً خلال 28 مباراة، منها ثلاثية كاملة في شباك الأهلي.
وحينما خرج عمر مرموش من صفوف وادي دجلة فإن الرحلة حطت به في فولفسبورغ، ومنه خرج عمر معاراً لسان باولي في الدرجة الثانية، وهناك أظهر من الجودة ما دفع فولفسبورغ لإعارته لشتوتغارت هذا العام.
في سان باولي، سجل عمر 7 أهداف وصنع 3 في 21 مباراة خاضها، وفي شتوتغارت سجل هدف التعادل أمام فرانكفورت في اللحظات الأخيرة، كما أنه صنع هدفاً آخر أمام هوفنهايم؛ ليظفر عمر بجائزة أفضل لاعب صاعد في البوندزليغا خلال شهر سبتمبر (أيلول).
فاجأ الجميع
عمر مرموش فاجأ الجميع، من يعرفه ومن لا يعرفه، من يتابعه في مسيرته الاحترافية، ومن ظن أنه لاعب مُجنس لغرابة اسمه.
فليس سهلاً أبداً أن تلعب أول مباراة مع المنتخب الأول وتكون نجم المباراة، وقبلها بساعات تكون أفضل لاعب شاب في شهر سبتمبر (أيلول) في الدوري الألماني.
وليس سهلاً أيضاً أن تفرض شخصيتك بهذا الشكل على منظومة تنسجم فيها للمرة الأولى، وعلى حساب عناصر أساسية فيها، وتسجل أول هدف لك في أول مباراة رسمية.
عمر مرموش هو تكرار لحالة عاشها قدوته محمد صلاح، التي يعيشها أغلب الشعب المصري في مختلف مجالات الحياة اليومية إذا لم نبالغ في وصف المشهد.
مصر التي..
فنجد أن البيئة المصرية -للأسف- لا تدعو لأي نجاح، لا تدعم أي ناجح، ولا تُقدره التقدير الذي يستحقه ويتمناه.
هنا في مصر نحن محشورون يومياً بين من يتبنون مبدأ اسعَ واجتهد، وبين الواقع الذي لا يُخفي حقيقته عنك، ويخبرك بأن ليس كل من يسعى ويجتهد سينال ما يستحقه، فالأمر أكبر وأعقد من ذلك بكثير.
بين من يضعون أياديهم على أماكن لا يستحقونها، ولا يريدون تقاسمها مع غيرهم، وبين من يستحقونها، لكن كل محاولاتهم هنا باءت بالفشل، فيتغربون، ويتركون كل آمالهم الزائفة هنا، ليلامسوا جميل أحلامهم في الخارج.
حتى محمد صلاح، الذي رفضه ممدوح عباس، رئيس الزمالك آنذاك، ولم يكن الاختلاف حينها على سعر أو تفاصيل الصفقة، بل على إمكانيات محمد نفسها، وقال الرجل تصريحه الشهير: "محتاج شغل كبير جداً على نفسه".
هنا، نحن محاطون بالفشل، لا توجد فرص حقيقية هنا، وبعض المسؤولين لا ينظرون نظرة بعيدة، ولا حتى قريبة، دون علم ودراسة، أو حتى تحليل الأمور بمنطقها.
ربما هي متشابهات تدعو للتفاؤل، فمن اتُّهم في إمكانياته ترشح لجائزة أفضل لاعب في العالم، كذلك من استقلوا بشأنه، زاعمين بأنه لا يستحق حتى تذكرة سفره، ربما بعد سنوات يخلف قدوته، ويعلق عليه آمال بلده.
كما قال فارس عوض، رغم كل ما حدث، ورغم حمله الجنسية الكندية لكنه اختار تمثيل مصر: "العُمَر راح…".
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.