خلافه مع السيسي شخصياً وعليه التخلي عن إمبراطورية جهينة.. صراع صفوان ثابت مع النظام المصري

عربي بوست
تم النشر: 2021/10/03 الساعة 09:38 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/10/03 الساعة 10:44 بتوقيت غرينتش
رجل الأعمال المصري صفوان ثابت

الخميس الفائت، الأول من أكتوبر/تشرين الأول، أعلنت السلطات المصرية ممثلة في جهاز الأمن الوطني أنها عثرت على "مغارة علي بابا" داخل إحدى الشقق السكنية بحي الهرم بمحافظة الجيزة، حيث أكثر من 8 ملايين دولار أمريكي مسيلة في شنط داخل خزانة مخفية لدى شخص مقرب من رجل الأعمال المصري، مؤسس امبراطورية جهينة للألبان، المعتقل صفوان ثابت.

وفقاً لرواية الأمن المصري، فإن تلك الحقائب الدولاريّة السائلة قد وجدت في هذا السياق، الزمان والمكان، ضمن مخطط إخوانيّ، يندرج تحت لافتة الاقتصاد السياسي غير المشروع للجماعة، من أجل إحياء أنشطتها في الداخل المصري.

التوقيت

لا نحتاج إلى أن نذكر القراء بأنّ هذه العملية الأمنية قد تمت بعد حوالي 72 ساعة فقط، من نشر تقرير حقوقي دولي يعرض الظروف غير الآدمية لاحتجاز صفوان ثابت ونجله داخل السجون المصرية؛ إذ يحاول النظام إجبارهم على التنازل حصتهم، الظاهرة والخفية في مؤسسة جهينة، بينما يرفض الرجلان الخضوع، حتى الآن.

بالرغم من كون النظام المصريُّ بات أكثر قوةً وسطوةً في التعامل مع خصومه في الداخل المصري، وقد نجح في تحجيم كلّ أصوات المعارضة، من الإسلاميين وغير الإسلاميين، بشتى السبل، ضارباً عرض الحائط بكلّ الانتقادات الدولية فإنه لا يزال يتأثر ببعض الانتقادات ذات الوضع المخصوص.

تنبع خصوصية التقرير الدولي الذي أصدرته منظمة العفو الدولية بخصوص ظروف احتجاز صفوان ثابت ونجله، إلى أنه يتحدث، أولاً، عن رجل أعمال، بمعنى أنه ليس سياسياً، كما أن التقرير جاء في وقت يحاول خلاله النظام في مصر تحسين صورته قدر الإمكان، عبر مزيد من التقارب مع الاحتلال لتقليل الضغوط الحقوقية الأمريكية، والإفراج عن بعض الشخصيات المهمة، غير القيادية، من خصومه في السجون، في ظلّ إطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان.

صفوان ثابت مالك شركة جهينة
صفوان ثابت مالك شركة جهينة

ما يكشفه الوضع القائم، بخصوص تعامل النظام المصري مع صفوان ثابت ونجله، هو أن رجل الأعمال العتيق في السوق المصري، قد فشل في استرضاء النظام المصري، وتحييده، بالرغم من محاولاته المضنية من أجل ذلك، سواء بالتبرع لصندوق تحيا مصر، أو بتسليم دفة قيادة المؤسسة إلى رجل أعمال خليجيّ مؤقتاً.

وبذلك يكون ثابت قد خرج من دائرة رجال الأعمال المرضي عنهم حكومياً، والتي تضم أشخاصاً مثل هشام طلعت مصطفى وأبوهشيمة ونجيب ساويرس وأبوالعينين، ممن يتعاونون مع النظام في مجالات عدة، اقتصادية أو ضمن تصنيف "الاقتصاد السياسي"، بتسهيلات عملاقة في طريقة وسعر طرح الأراضي وتخفيض الضرائب، ليسكن في دائرة المغضوب عليهم، كالسويركي مالك سلسلة محلات التوحيد والنور الشهيرة، وغيره من رجال الأعمال الذين طالتهم حملة القمع في الشهور الأخيرة.

ومن المعروف، أنّ القبض والاستيلاء على رجال الأعمال وأموالهم، من خصوم النظام السياسي، بسبب تعاونهم مع النظام القديم، أو تحفظهم الأيديولوچي على النظام الحالي، أو رفض الانخراط في مشاريع النظام، هي ثيمة واستراتيجية تتبعها الأنظمة الحالية في العالم العربي، حصلت في السعودية (وقائع الريتز كارلتون) وتحدث في مصر، تحت ستار قانونيّ من لجنة تعرف باسم لجنة التحفظ على أموال "الكيانات الإرهابية"، تلك الوصمة التي تطلق على خصوم النظام.

كما أن النظام في مصر يسعى إلى تحقيق مزيد من الاستحواذ على قطاع الألبان، من المنبع، ضمن خطة مشتركة بالتعاون بين وزارة الإنتاج الحربي ووزارة الزراعة، مدعومة رأساً من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ويمكن قراءة تفاصيل ذلك المشروع باستخدام الكلمات المفتاحية التي تخصه من خلال بحث سريع عن أخبار: "السيسي/ تطوير قطاع الألبان"، والذي يدخل، أيضاً، ضمن جهود مشاريع حكومية خاصة بأنواع معينة من اللحوم والتقاوي الزراعية.

نفس الأسلوب

من تابع بيان الأمن المصري المرفق ضمن المادة المصورة الخاصة بالعثور على تلك المغانم، سيجد تشابها واضحا بينها وبين قضايا أخرى سابقة ضد خصوم النظام المصري، من أكثر من زاوية، وهو إن دلّ على شيء، فإنه يدلّ على اتباع نفس الأساليب من نفس الأجهزة ضد نفس الخصوم تقريباً.

فقد ورد في البيان الأمني إشارة إلى أن هذه العملية قد ضربت مخططاً لضرب استقرار الوطن سياسياً بالتعاون مع جهات تابعة لجماعة الإخوان المسلمين، وهي نفس الديباجة، تقريباً، التي استخدمت عند القبض على برلمانيين يساريين وليبراليين في مصر منذ مدة، كانوا يخططون فقط لمنافسة مرشحي النظام المصري في الانتخابات البرلمانية، ضمن ما عرف إعلامياً باسم: "خلية الأمل"، والتي شملت أسماء لا شك في نزاهتها واحترامها مثل زياد العليمي وعمر الشنيطي ورامي شعث.

أما ثيمة العثور على كميات ضخمة من الدولارات غير المشروعة لدى رجال أعمال ليسوا على هوى النظام المصري، فقد حصلت من قبل عند القبض على رجل الأعمال المقرب من جماعة الإخوان المسلمين، حسن مالك، والذي نسب إليه النظام تهماً هزلية تتعلق بجمع العملة الصعبة لتعطيش السوق الذي يلهث إلى الدولارات، في الفترة التي قرر خلالها النظام رفع الدعم عن الجنيه أمام الدولار، والتي كثرت فيها السوق السوداء.

وبالنسبة لتلك الشقق الموجودة في وسط أحياء سكنية راقية، إلا أنها تحوي، أو تستخدم للتستر، على أنشطة ضخمة لخصوم النظام المصري من الأسماء البارزة، فقد تكررت من قبل مع القيادي الإخواني محمود عزت، الذي قالت أجهزة الأمن إنه ظل مختبئاً عن عيونها في التجمع الخامس 7 أعوام، يدير من هناك كل أنشطة الجماعة.. لا جديد في الأفق.

مصير صفوان ثابت

يمكن القول إن كل المؤشرات تشي بمصير غير سار لرجل الأعمال المصري ونجله، فالنظام مهتم بهذا المجال، قطاع الألبان، والستارُ القانوني موجود، لجنة التحفظ على الأموال، والنية والرغبة في استمرار السير في مسار تأديبه ماثلة بما وقع من السلطات المصرية خلال الساعات الأخيرة.

ووفقاً لما ذكره عصمت السادات، الوسيط الحالي بين النظام المصري وبين الخارج بخصوص إمكان الإفراج عن بعض الشخصيات المحبوسة احتياطياً على ذمة قضايا غير مؤثرة، في الحوار المحذوف على منصة "مدى مصر"؛ فإن الخلاف بين ثابت وبين النظام أكبر من إمكان التدخل فيه أو حله، لأنه متعلق بالسيسي نفسه، الذي يعتبره خلافاً شخصياً.

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي/رويترز

لا شك في أن أي مصالحة أو مبادرة نوعية تساهم في التخفيف عن المعتقلين سواء كانوا من القيادات الإسلامية واليسارية، أم من الشباب، مسيساً كان أم غير مسيس، هو أمر مطلوب ومحمود، في ظلّ اختناق الوضع السياسي والاجتماعي في مصر، وغياب أي أفق لإخراجهم مما هم فيه منذ حوالي عقد.

ولكنَّ الحقيقة، أنه باستثناء بعض الإفراجات البسيطة هنا وهناك، تحت ضغوط خارجية كبيرة، فإنه لا مؤشرات حقيقية على تلك الانفراجة المزعومة، فقد أعدم النظام رمضان الماضي عدداً من خصومه، وحكم بالإعدام النهائي على عدد آخر من قيادات الإخوان، ويخطط لمزيد من الأعمال الدرامية التي تكرس لنفس السرديات العدائية، وها هو يمارس، ربما، أسوأ أنواع البطش الممكن ضد عائلة ثابت لمجرد خلاف، كان يمكن تسويته أو تلافيه في أي حقبة سابقة.

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

أحمد سلطان
كاتب مصري مقيم بأستراليا
كاتب مصري مقيم بأستراليا
تحميل المزيد