مع بداية عام دراسي جديد يفتح أبوابه للطلاب، يتسارع الكثير من الأهالي نحو الاستعداد للعام الجديد، فيبدأ البحث لاختيار أفضل الأساتذة لتلقي الدروس الخاصة، وأخذ التوصيات حول أجود أنواع الكتب والملخصات للتدرب والتمارين، ولا ننسى جولة التسوق لشراء ملابس وأدوات المدرسة التي اشتاق إليها الكثيرون بعد عامين تقريباً من الحظر بسبب وباء كورونا والتعليم عن بُعد.
انتبه.. أنت وطفلك في خطر!
كتربوية متخصصة لاحظت انتشار ظاهرة ليست بالجديدة وإنما تظل مستمرة بين الأمهات والأسر عاماً بعد عام، ألا وهي "أرضِ ضميرك وكن ATM لأولادك"، حيث يسعى الأهل لتوفير كل شيء وإلحاق الطفل بمدارس جيدة ودروس تقوية، ويسعى الطفل داخل طاحونة تدور رحاها في دائرة مفرغة ولا يكاد يستوعب ما يتلقاه حتى ينتهي به اليوم ملقى على السرير من الإجهاد لينام ويكمل يومه التالي في استمرارية لهذه الدوامة.
المهم أن يشعر الأهل بالرضا أن أولادهم قد التحقوا بتلك الدائرة المفرغة دون النظر لمخرجات التعلم، وهل يستفيد الطفل شيئاً، وهل يهتم الأهل بمساعدته في التعلم بالبيت وتنظيم وقته وتوفير بيئة مناسبة له؟ أم تتعذر الأسرة بأنها تفعل واجباتها كونها قد ألحقته بمدرسة ودروس خصوصية؟
هيِّئ نفسك قبل طفلك لاستقبال العام الدراسي الجديد
في البداية يحتاج المربّي إلى تهيئة نفسه قبل أطفاله لاستقبال العام الدراسي الجديد، وذلك على نواحٍ متعددة يمكنني مساعدتك فيها بالمقترحات التالية:
– اخلُ بنفسك مع شريك حياتك وضعا معاً أهدافاً تربوية تريدان الوصول إليها خلال هذا العام.
– حددا معاً الوسائل التي ستساعدكما في تلك الرحلة.
– وزعا المهام بينكما بما يتناسب مع مهاراتكما.
– اكتبا خطتكما، اجعلاها محددة بوقت، قابلة للقياس، قابلة للتحقيق، واضحة، مرنة قابلة للتعديل والإضافة عند الحاجة لذلك.
– ثبّتا يوماً في الأسبوع، ويوماً في الشهر ويوماً كل ثلاثة أشهر (ربع سنوي) للمتابعة والقياس لتلك الأهداف والتعديل أو الإضافة عليها على مدار العام.
– كافئ نفسك وشريك حياتك عندما تقومان بإنجاز هدف قصير المدى، ثم مكافأة أكبر عند تحقيق هدف طويل المدى.
– لا تنسَ نفسك وشريك حياتك وأن تكون تلك الخطة تسير بالتوازي مع أهدافكما الشخصية الشاملة لكل جوانب حياتكم لتسير بتوازن وتناغم مستمر.
– يمكنك طلب الدعم من المختصين التربويين عند الحاجة ولا حرج في ذلك، المهم أن تصل لهدفك بسلام.
كيف تهيِّئ طفلك لاستقبال العام الجديد؟
– اجلس مع طفلك وتحدث معه بلغة تناسب عقله وتلائم احتياجاته، واحرص على اختيار الوقت الملائم للقيام بهذا الحديث حول العام الدراسي الجديد.
– في البداية استمع لطفلك وافهم ما هي دوافعه وأفكاره ومشاعره التي يستقبل بها العام الجديد.
– ابنِ على تلك الأفكار بشكل إيجابي واخلق منها حديثاً بناءً تصل به لتحديد هدف إلى ثلاثة أهداف تريدون الوصول إليها معا خلال هذا العام.
– أخبر طفلك بتوقعاتك منه، واستمع لتوقعاته منك.
– قم بالتأكيد لطفلك أنك بجانبه تدعمه وتساعده للوصول إلى تلك الأهداف بالحب والعمل الجاد.
– أخبره بالتعزيز والمكافآت التي سيحصل عليها على مدار العام حال تحقيقه للأهداف القصيرة والطويلة المدى.
– بث الثقة والأمان بنفس طفلك وأجعله يشعر بمدى فخرك وثقتك به وأنه قادر على النجاح.
– اجعل كلامك واتفاقك بلغه واضحة سهلة، شاركه خطتك المكتوبة والمكافآت الأسبوعية والشهرية والعطلات والمرح الذي سيحصل عليه في أوقات الراحة الأسبوعية والشهرية نتاج التزامه وعمله.
– هيِّئا معاً غرفته، أعيدا تنظيمها واكتبا معاً شعار العام وضعاه بمكان واضح، وخصصا ركناً لجدول المتابعة اليومي.
– شارك طفلك مشاعره وحل معه مشكلاته متبعاً بذلك الطرق التربوية.
– لا تتركه يلعب طوال الوقت، وكذلك لا ينبغي أن يدرس طوال الوقت، خصص لكل شيء وقته حتى يشعر بأهمية الدراسة، ويستمتع بوقت المرح.
– لا تصرخ بوجه طفلك، اللين والرفق والرحمة أقرب وأقصر الطرق لقلبه وعقله.
– خصص وقتاً يومياً لمتابعة دروسه ومساعدته، ولا تكتفِ بالمدرسة والمدرسين، يجب أن تشاركه طريقه ويشعر بدعمك وحبك له.
طوارئ العام!
قبيل اقتراب موعد الامتحانات يشعر الأهل بالتوتر وينعكس ذلك إلى أولادهم ويبدأون بالصراخ عليهم، مما يجعل ذلك الوقت هو الأشد تعاسةً في ذاكرة الطفل، والأكثر رهبة على الإطلاق.
ولأسرةٍ أكثر اتزاناً علينا أن نفعل التالي:
– أخبر طفلك بأهمية الدراسة والتلخيص أولاً بأول مع الحفاظ على أوقات راحة مناسبة، وساعده في تنظيم ذلك.
– اجعل فترة ما قبل الامتحانات فقط لمذاكرة ما تم تلخيصه طوال العام وحل الامتحانات والتدرب عليها.
– أخبر طفلك أنه اجتهد طوال العام وأن سعيه لن يضيع سدى وأنك فخور به وتحبه مهما كانت النتيجة.
– ادعمه نفسياً بالحفاظ على الهدوء في البيت وبضمه وتقبيله ولو مرتين باليوم والربت على كتفه، وتخصيص وقت للاستماع إلى مشاعره وهمومه ومشاركته وجدانياً.
– ساعده في الحفاظ على التمرينات الرياضية والغذاء الصحي والمشروبات الهادئة.
– خصصا وقتاً للسير معاً يومياً أو أسبوعياً وبث بنفسه الطمأنينة أن هذا الوقت مثل غيره وسيمر بأفضل ما يمكن.
وقت الوفاء
في نهاية العام واقتراب الحصاد وقطف الثمار لا تنسَ الوفاء بما قطعته من عهد لأبنائك، إن وعدته بشراء دراجة، أو وعدتها برحلة إلى الأهرامات، فعليك الوفاء بما قطعته لهم من وعود أياً كانت النتيجة التي حصلوا عليها، لقد اجتهدوا وبذلوا قصارى جهدهم وأنت معهم، هذه نتيجة غرسكم وسعيكم جميعاً وليس أطفالك وحدهم، وعليك التأكيد لهم أنك تحبهم بغض النظر عن علاماتهم، مع دراسة أسباب التقصير إن وُجد، فليست النتيجة هي من تحدد قيمتهم لديك، وإنما هم بالفعل قيمون جداً في كل وقت وحين ودون أي قيد أو شرط.
في النهاية.. هذه قد تبدو نصائح بسيطة للغاية، ولكن الالتزام بها وتطبيقها بأفضل وسيلة يؤثر بشكل فعال للغاية في نفسية أطفالك واتزانهم العقلي، فالحياة أبسط من أن تعقدها بمجموع طفلك، وأن تحدد نظرتك وحبك لهم على أساس مستواهم الدراسي وذكائهم العقلي، فقط أحبب طفلك دون شرط وقيد في الصغر ليرد لك الجميل في الكبر.
ودمتم بِوُدّ.
يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.