إلى صديقتي المقبلة على الزواج

عربي بوست
تم النشر: 2021/08/24 الساعة 12:42 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/08/24 الساعة 12:42 بتوقيت غرينتش
عروسان في حفل زفافهما / Istock

كلما وُلدت بنت، تمنى الجميع أن تكون بارةً بأهلها، وأن يبلغوا يوم عرسها، بل إن من الأشخاص من يبدأ في تكوين جهاز ابنته منذ لحظة ولادتها، ففي يوم ما، قد يأتي شخص ما ليطلب يدها، ويأخذ ثمرة تعب أم وأب سهرا ليالي، وذاقا الشقاء من أجلها، وحملا هم سنواتها الماضية، لكنها سنة الله في أرضه، والحمد لله الذي جعلنا شعوباً وقبائل لنتعارف، ونتزاوج، فسيدنا نوح حينما جهز سفينته، أمر بأخذ زوجين من كل نوع، ولم يحمل في سفينته كائناً فردياً بدون زوجه، فأتخيل الحيوانات، على اختلاف أنواعها؛ كل برفقة شبيهه، لا تذهب الدجاجة نحو القط وتسكن إليه، لكنها قد تقف بقرب الديك وبفطرتها تميل إليه، مثلما يتجه القط، بحركاته المائلة نحو قطة لا دجاجة. فما أن تميل نفس إلى نفس وتستكين لها، حتى تتحقق الغاية، ويلتقي آدم بحوائه بعد طول بعد، فتطوى المسافة، ويتقدم معلناً عن رغبته في الظفر بها، متمسكاً بكل سبل اللقيا، والعيش تحت سقف واحد ﴿ولا جناح عليكم فيما عرَّضتم به من خِطبة النساء…﴾ بداية الآية 235، سورة البقرة.

بعد أن تيسر أمور الخطبة كلها، والتي تمضي غالباً في رمشة عين يظن كل حاضر فيها، وشاهد عليها أن الأمر مضى بسرعة، تماماً، كما يحدث في الأحلام، وهنا لن أنوه بأي شيء يتعلق بالاختيار الصحيح، فلكل منا ما يصلح له، ولا معيار محدد في هذا، فلكل أنثى معايير تطلبها، أي إن كل واحدة تملك نموذجاً خاصاً للرجل الذي ترغب فيه، ولهذا، فأمر الاختيار نسبي، ولا تحديد له، لهذا سأتجاوز الاختيار، إلى ما بعده، أي: ما بعد سكرة الغرام، والطفو في بحر الأحلام، والاستيقاظ، على حياة، لا تشبه جمال الأيام الأولى، ولست أريد إخافتك بهذا، فالحياة اختبار دائم، ولعلك ستواجهين مشاكل من درجة أخرى؛ مشاكل لا أريدها أبداً أن تخيفك، مهما كان.

بدايةً، من الجيد أن تتخلصي من ثوب المقارنة من الآن، وعليه، من الأفضل أن تمسحي كل النماذج الفاشلة من رأسك، فأنتما، لستما هما، ولا زوج قد يشبه زوجاً آخر في ظروفه، مهما تزوج إخوة، بأخوات، فعلى قدر تقاربهما، وتشابه ظروفهما، إلا أن لكل زوج خصوصيته، وعقباته الخاصة، وحياته الخاصة التي قد ترين جزءاً منها، وتغفلين عن أجزاء أخرى، خصوصاً في ما يتعلق بما يظهرونه، ومثالية العلاقة التي ترينها بينهما، فكم صدمنا حين رأينا أو قرأنا أخباراً عن انفصال زوجين كانا نموذجاً على القمة، ومثلما لا أريدك أن تقارني حياتكما مع حياة الأفضل، فلا أريد منك أيضاً أن تقارنيها بحياة الأسوأ، فتسقطي ما ترينه منهما عليكما، فترين في زوج صديقتك طباقاً عن زوجك، فإن كان فيه عيب أسقطته على زوجك، وإن كان فيه خلل، قلت: "ربما في زوجي أيضاً، الرجال كلهم بجوهر واحد"! فتحكمين عليه بما ليس فيه، فلا تخلطي بينهما بارك الله فيك.

وعدت صديقتي بأن أكتب لها حول هذا الموضوع، انطلاقاً مما أرى، وأثناء بحثي عن مقالات حول الموضوع، وجدت الجميع يتحدث بطريقة مفارقة، لما يوجد ولما يكتبه، هناك فجوة، وأغلب النصائح للمقبلات على الزواج كانت تتحدث عن ليلتها الأولى، بسطحية مطلقة، فهذه أشياء لا تخفى عن صغير حتى يجهلها كبير، وليست الموضوع الأهم بالدرجة الأولى، فبكل تأكيد، لن يهمل هذا الجانب، لكن؛ لماذا نغفل عن الجوانب الأخرى؟ لماذا لا يعلموننا كيف نعيش فترة الانتقال هذه من العيش تحت كنف أسرة؛ لقيادة أسرة؟ لماذا لا أحد يخبرنا بأن علينا أن نكون أكثر مسؤولية ونضجاً حينما نقرر أن ننجب؟ لماذا يقولون فقط عدل سريرك تعدل حياتك ويهملون الجوانب الأخرى؟ فحينما رأيت نتائج البحث هذه، أبصرت السبب الذي يجعل المرأة مرغوبةً في موضع، ومتخلى عنها في مواضيع أخرى، وهذا ما لا أرجوه، لا لصديقتي، ولا لأي فتاة، وإليكن بعض مما أنصح به صديقتي التي ستزف عما قريب إلى بيتها.

أسرار بيتك

لكل ما يحدث في بيتك حرمة خاصة، لا يجدر بك أبداً أن تلقيها على مسامع هذا وذاك، ويجب ألا يتم التساهل مع كشف هذه الأمور، مهما بدت بسيطة، خصوصاً فيما يتعلق بالخصام الصغير أو الكبير الذي قد يندلع بينك وبين زوجك أو أسرته؛ فلا تطلعي أهلك عليها، فإن المشاكل ستحل وستنسينها لكن أسرتك لن تنساها أبداً، وإذا ما وجدت الخلاف قد تجاوزكما ولم تقدرا عليه، فأدخلا بينكما شخصاً حكيماً، يحكم بالعدل بينكما. وحاولا تبين الأمور، وعدم جعلها تتفاقم، اليوم أتنازل أنا، وغداً أنت، كي لا نجعل من النملة فيلاً! و"نديروا للما منين يدوز".

القوامة

للرجال قوامة على النساء، وهذا تكليف لا تشريف، واعلمي عزيزتي، أن حقيقة هذا الرجل الذي يقف بهيبة أمام الناس لا تغنيه أو تخفي حقيقة كونه طفلاً. فحاولي أن تعتمدي عليه حتى في الأشياء التي تجيدين القيام بها؛ خصوصاً داخل البيت، فحتى إن تأفف من حمل قنينة الغاز كل مرة وتعديلها، فإنه ليس صادقاً في تأففه، وأكثري من الثناء على ما يفعله، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة؛ باعتدال.

حفظ التواصل

تفقد أغلب الزيجات وهجها، وخيطها الناظم كلما فك خيط التواصل بينهما، إن الرجل لن يعرف احتياجاتك إن لم تخبريه بها، ولا تخجلي قط من هذا، فطبيعة تربيته ليست كطبيعة تربيتك قد يكون ابن وسط رأى الرجال لا يعبرون عن مشاعرهم لزوجاتهم، مثلما قد تكونين على النقيض تماماً، ترين والدك يقبل جبين والدتك كل صباح؛ فتدرجي معه، ولا تصدميه بما تريدينه فيه دفعةً واحدة، وتحدثا، وليخبرك عن يومه، ولتخبريه عن أهم ما في يومك، وبين جملة وأخرى كلمات لا أحتاج لأن أعلمك إياها، ولا تقولي له: مشاكل العمل، اتركها في العمل.. فهذا خاطئ، فإنه يحتاج أحياناً أن يخفف عن نفسه، فهل سيخبر صاحباً قد يغدر به، أو رفيقة عمل على أتم الاستعداد لأن تستمع له؟ وإن رأيته على غير مزاجه، وأردت شد حبل الوصل، فاحفظي حدود المسافة، واعرفي متى قد تقتربين، ومتى قد تبتعدين حتى يهدأ، ويصبح أجهز للتحدث، والتواصل لا يكون بالضرورة كلاماً، فهناك لغات أخرى، تستطيعين أن تقولي بها: أنا أفهمك، وأشعر بك.

وأيضاً: اختاري الوقت المناسب للطلب، والشكوى.

غرفة النوم للراحة وليست للمشاكل

ينصح بعض الأخصائيين بعدم وضع صور العائلة أو صور قد توقد الحنين أو الحزن في غرفة النوم، ويفضل الاكتفاء فيها بأخف الأشياء وأبسطها وأريحها للنظر. لكن أغلب الزوجات لا تجد مكاناً لتخبر زوجها بمشاكلها سوى في غرفة النوم، لهذا، اتركي غرفة النوم بعيداً، ومستقلة عن مشاكلكما، كي لا تغضبي حينما يدخل إلى الغرفة، ليأخذ وسادته وغطاءً ليبحث عن مكان آخر ينام فيه؛ ومهما وصلت حدود مشاحناتكم، لا تسمحي بهذا الأمر، ولا تتساهلي معه أبداً.

فقه المشاعر

مثلما يقال بأن أقرب طريق لقلب الرجل معدته، فإن إنفاق المشاعر على المواضع الصحيحة يقوي الود، فلا تضغطي عليه، وحاولي أن تتفهمي زاوية نظره، ودائماً، خذي زاوية نظره كمقدمة حينما يتكهرب الأمر، ويقال، في مثل مغربي: "المرا لحلاحة، غلبات المرا السحارة".

طلب الطلاق

لا تكثري من جعل الطلاق حلاً، وقولها في وجهه، فتكرر الأمر يخمد الرغبة، واجعلي هذه الكلمة للمشاكل الكبيرة التي قد تقال فيها فيخيفه فعلاً أنك قد تفعلينها، صغرا المشكل، كيفما كان، فلكل شيء حل، وما دمتما قد تزوجتما في المرة الأولى، فلا أرى سبباً لأن تفسدا ما بينكما بسهولة، فلا تجعلا الصعاب تتقوى عليكما، وتساهم في فرقتكما.

أسرته

أغلب النساء يدخلن الزواج وهن خائفات من أم الزوج، أو أخواته، أي من أسرته بصفة عامة، فحاولي تجنب المشاكل معهم، ولا تحاسبيه على ما يفعله أشخاص مستقلون عنه، ولا تكسري صورة أمه أو أسرته أمام عينه مهما كان، فهو منهم، ويعرفهم، ويرى. تعاملي معهم بإحسان، واحفظي حدوداً في التعامل معهم، حدوداً قائمة على الاحترام المتبادل، فأنت زوجة ابنهم، وأخرى، ستكون زوجة أخيك؛ والأيام دول.

كرامتك

يقولون: "لا حب بدون كرامة"، فلا تسمحي بالتقليل منك، ولا تعوديه على تجاوز كل هفواته دون نقاش أو كلام أو أحياناً صراخ لأنك قد انتبهت لها، أو أنها أذتك، وإن كنت متعبةً، فقوليها بصراحة ولا تمنعي نفسك من أخذ إجازة من مهامك اليومية.

تنفذ الكلمات، والقائمة تطول، ولم يتبق مكان آخر للنصح، خلاصة القول: هذا ميثاق غليظ، أساسه السكن، وعملته الصبر، والتصرف بذكاء.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

حفصاء عمراوي
طالبة وكاتبة مغربية
طالبة فلسفة ومهتمة بمجالات الأمومة والطفل والمجتمع
تحميل المزيد