شنق نفسه وامتنع عن الطعام لأيام: تضحية كبير آلهة الفايكنج للبحث عن المعرفة

عربي بوست
تم النشر: 2021/08/23 الساعة 14:16 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/12/29 الساعة 09:54 بتوقيت غرينتش
أودين زعيم الآلهة الأسطوريين لدى الفايكينغ/ Istock

بالنسبة للإله أودين، لا شيء غالياً في سبيل الحكمة، ومن غير الممكن أن يسمح لأي عقبة مهما كانت أن تقف في طريق تحصيل العلم والمعرفة، حتى أنه ضحى بعينه من أجل الحكمة، لا يكفيه أنه كبير الآلهة في ميثولوجي الشمال (الفايكنج)، وأقوى كائن في الوجود، لكنه يعطي درساً في التواضع والمثابرة، فمهما كانت مكانتك أو نسبك، فلا يجوز التوقف عن طلب العلم، حتى لو كلفك الثمين والنفيس.

تُعرف الحروف الأبجدية في اللغة الشمالية القديمة، المستخدمة في بلاد الدنمارك والنرويج والسويد، في عصر الفايكينج قبل دخول الحروف اللاتينية، بـ Runes وتعني "لغز" أو "سر"، لكنها لا تقتصر فقط على كونها حروفاً تستخدم للكتابة، بل رموزاً للتواصل مع القوى التي تحرك العالم، وتسمح بالتواصل مع القوى الخفية للكون، فهي تعد نظاماً جوهرياً للطاقة السحرية التي تسري في كل مكان، لذلك كان سعي أودين حثيثاً للوصول إليها، فكان الفايكينج القدامى يعتقدون أن أودين اكتشف تلك الحروف، ثم علمها لمجموعة مختارة من البشر، الذين بدورهم نشروها بين الآخرين، وبالتبعية وجدت طريقها الى ألسنة الجميع.

في مركز الكون، تقع شجرة الحياة Yggdrasil، والتي تنمو في بئر الحكمة الذي يعيش في مياهه مخلوقات سحرية عديدة، من بينها Norns، تلك المخلوقات العجيبة تتولى تحديد قدر ومصير الكائنات، ويقومون بكتابة القدر على جذوع شجرة الحياة في هيئة رموز الأبجدية، ثم يمتد تأثيرها على كل شيء في العوالم التسعة.

عندما رأى ذلك أودين من فوق عرشه، حيث يمكنه رؤية كل ما يدور في الكون، قرر ملاحقة أصل تلك الرموز، واكتساب المعرفة الناجمة عن تعلمها، فتوجه إلى بئر الحكمة، لكنه فشل في الوصول إلى كاتبي القدر؛ لأنهم ببساطة لا يظهرون لأي أحد إلا بعد أن يثبت نفسه مستحقاً لرؤيتهم، فكان لزاماً عليه تقديم تضحية تليق بالغرض، وطبقاً للعادة وقتها عند تقديم تضحية للآلهة، يتم خنقها وطعنها بنفس الوقت.

لذلك قام أودين بشنق نفسه، وأحدث جرحاً بالغاً في جسده برمحه الخاص، مقدماً أكبر تضحية ممكنة، وهو كبير الآلهة ذاته، ونزل بتلك الحالة إلى البئر مجدداً، محرماً على أيٍّ من الآلهة الآخرين مساعدته، أو إعطاءه طعاماً أو شراباً، وظل كذلك لـ9 أيام و9 ليالٍ، وحيداً بين الحياة والموت ومعلقاً في ظلام البئر، فيما يطلق عليه "ضحى بنفسه لنفسه"، حتى ظهر ما جاء يطلبه.

خرج كاتباً القدر له، وأطلعاه على علمهما، ولأول مرة تظهر هيئتهما لأحد، وما إن نزلت بداخله المعرفة، حتى صرخ ابتهاجاً، ومعها تسلح أودين بمعرفة كيفية استخدام الأحرف الأبجدية، وأصبح أحد أقوى الكائنات وأكثرها تأثيراً في الكون.

تعلم ترنيمات سحرية مكنته من شفاء الجروح النفسية والجسدية، وأعاق حركة أعدائه وجعل أسلحتهم عديمة القيمة من فوق عرشه، ويستطيع بمنتهى البساطة تحرير نفسه من القيود، أياً كان نوعها أو صاحبها، كما يملك إطفاء الحرائق، وفضح أو كشف الممارسين للسحر ونفيهم للتخلص منهم، وحماية أصدقائه وحلفائه في المعارك، وفوق كل شيء إحياء الموتى، والفوز بالحبيب والاحتفاظ به، وتنفيذ العديد من الأعمال الخارقة الأخرى.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

عمرو عدوي
مدون مصري مهتم بالتاريخ
مدون مصري مهتم بالتاريخ الأوروبي والعصور الوسطى، والاساطير القديمة والميثولوجي
تحميل المزيد