هل تعتبر الصين منافساً أشرس من الاتحاد السوفييتي؟

عربي بوست
تم النشر: 2021/06/30 الساعة 10:51 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/06/30 الساعة 10:59 بتوقيت غرينتش
iStock

تشير الإحصائيات الحالية إلى أن الوضع بين واشنطن وبكين يشبه كثيراً المنافسة التي كانت مع الاتحاد السوفييتي في فترة الحرب الباردة، حيث شهد العالم  سباقاً شرساً بين القطبين في شتى المجالات، وخاصة في مجال التسلح، حيث علق الطرفان في معركة مكلفة لتطوير أفضل التكنولوجيات ومحاولة إنتاج الأسلحة الأكثر تقدماً. ومن خلال تخزين هذا العدد الهائل من الأسلحة، فإنها كانت تحاول ضمان سلامتها بموجب نظرية التدمير المتبادل المؤكد أو نظرية الردع، وبهذا لن يكون أي من الجانبين راغباً في إطلاق أسلحته، لأنه يعلم أن الجانب الآخر يمكن أن ينتقم. 

ووضعت الولايات المتحدة مجموعة استراتيجيات وسياسات لمحاصرة الاتحاد السوفييتي وتطويقه، حيث كانت تمثل هذه الدولة الاشتراكية منافساً قوياً. 

ولكن  في الوقت الحالي ومع صعود الصين كقوة إقليمية وعالمية، برزت مجموعة من التحليلات التي تقارن بين الاتحاد السوفييتي سابقاً والصين حالياً، فهل تعلمت الصين من أخطاء وإخفاقات الاتحاد السوفييتي؟

في مقال كتبه وانغ جيسي، رئيس معهد الدراسات الدولية والاستراتيجية بجامعة بيكينغ، يقول: "ليس من الصعب فهم لماذا يرى المسؤولون الأمريكيون الصين كمنافس. ويقدر معظم المحللين بأنه بحلول نهاية عام 2021، سيكون الناتج المحلي الإجمالي الصيني يعادل حوالي 71٪ من الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي. وبالمقارنة، في أوائل الثمانينات، خلال الحرب الباردة، تعادل الناتج المحلي الإجمالي السوفييتي أقل من 50٪ من الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي. وفي الوقت نفسه، حلت الصين محل الولايات المتحدة باعتبارها الوجهة الأكبر للاستثمار الأجنبي. إن الأمريكيين يشعرون على نحو متزايد بأن الزخم في المنافسة مع الصين". 

وتزعم دراسة جديدة أعدها نائب وزير الدفاع الأمريكي السابق روبرت وورك وزميله السابق في وزارة الدفاع جريج غرانت أن بكين لديها الإرادة والقدرة لكي تلعب نفس اللعبة ضد الولايات المتحدة التي استخدمها الزعماء الأمريكيون ذات يوم ضد الاتحاد السوفييتي، وهي اللعبة الاقتصادية والتكنولوجية، وبالتالي سوف تحتاج  الولايات إلى تغيير خطة لعبتها إذا كانت تأمل في البقاء قادرة على المنافسة.

وأوضح التقرير الصادر عن مركز الأمن الأمريكي الجديد أن السوفييت لم يتمكنوا قط من مطابقة التفوق التكنولوجي لأمريكا، ناهيك عن التغلب عليه "نفس الشيء قد لا ينطبق على الصين".

حيث تتفوق الصين حالياً في مجال التكنولوجيا وتبيع الشركات الصينية حالياً البنية التحتية اللاسلكية لشبكات الجيل الخامس في مختلف أنحاء العالم، وتسخر البيولوجيا التركيبية لتعزيز إنتاجها الغذائي، وتسابق الزمن لصنع رقائق إلكترونية أصغر وأسرع.

واستثمرت بشكل كبير في مجالات البحث والتطوير التكنولوجي، حيث زادت حصتها من الإنفاق عام 2000 إلى أكثر من 23% عام 2020. وإذا استمر النسق الحالي، من المتوقع أن تتفوق الصين على الولايات المتحدة في مجال الإنفاق على التكنولوجيا بحلول عام 2025.

وهذا الوضع الجديد يستدعي تغييراً كبيراً في  استراتيجية الولايات المتحدة الأمريكية تجاه الصين،  حيث يبدو أن سياساتها السابقة في فترة المنافسة مع الاتحاد السوفييتي لن تجدي نفعاً. 

فالصين تحاول الخروج من حلبة المنافسة العسكرية التي كانت تدور فيها اللعبة الأمريكية السوفييتية، بالإضافة إلى ابتعادها بشكل لافت عن المجال السياسي وغيابها عن القضايا الدولية، على عكس السوفييت الذين لعبوا على وتر التعبئة الشعبية وتصدير الثورة ودعم الحركات التحررية، ولكن هل هذا كافٍ لتكون الصين منافساً شرساً؟ هل الوسائل الاقتصادية والتكنولوجية قادرة على أن تهز عرش الولايات المتحدة؟

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

شروق مستور
كاتبة وباحثة جزائرية
طالبة جزائرية بكلية العلوم السياسية ومتخصصة في العلاقات الدولية
تحميل المزيد