هل أصبحت الانتخابات وسيلةً لإهانة السلطة؟

عربي بوست
تم النشر: 2021/06/30 الساعة 11:43 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/06/30 الساعة 11:47 بتوقيت غرينتش
iStock

تعتبر الانتخابات إحدى الوسائل الديمقراطية التي تساهم في ديمومة نظام أو قطع حبل الود معه.

في فرنسا مؤخراً بلغت نسبة المشاركة الحضيض وشاهدنا عزوفاً للناخبين وهزيمة لحزب الرجل الحاكم إيمانويل ماكرون الذي حصل حزبه على 11% من أصوات المواطنين.

أما في الجزائر والتي ستكون موضوع مقالتنا، شهدت الانتخابات عزوفاً كبيراً للجزائريين عن أداء واجبهم الانتخابي ويمكن أن نلخص هذا كفقدان للثقة بين الشعب والحكومة نتيجة الوعود الكاذبة التي تطلقها هاته الأخيرة، فجميع الالتزامات التي قالوا إنهم سيلتزمون بها كانت مجرد حبر على ورق فبعد سنة ونصف من تولي تبون عبد المجيد رئاسة الجمهورية لم تقم حكومته بتطبيق برنامجه أبداً، بل كل ما فعلوه هو الكلام، وحتى في كلامهم يظهر حجم الرداءة التي تكتسي حكومة اختارها الرئيس ظاناً أنها الأنسب لإخراج الجزائر من الأزمة السياسية والاقتصادية التي تعصف بها، لكن توقعاته خابت، ليفقد الشعب الثقة التامة في وجود أي تغيير يُذكر وقد تجسد مقت الشعب للحكومة ومن فيها في الانتخابات البرلمانية التي بلغت نسبة المشاركة الوطنية فيها 30%، وحسب أخصائيين فالنسبة مضخمة ولا تمت للواقع بصلة أبداً.

تمخض عن هاته الانتخابات عودة الأحزاب التقليدية التي كانت سبباً في ما وصلت إليه الجزائر من عقم سياسي، فحصلت جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي إضافة للحزب الإسلامي حركة مجتمع السلم على أغلبية المقاعد، وكانت تشكل هاته الأحزاب في زمن ليس ببعيد التحالف الرئاسي الذي يدعم برنامج الرئيس المستقيل بعد الحراك الشعبي عبد العزيز بوتفليقة.

فازت هذه الأحزاب التي تسمى "الديناصورات" في الجزائر بسبب كبر الأشخاص الممثلين لها وبياض شعر رؤوسهم كان بسبب أخطاء متعمدة أو غير متعمدة من طرف النظام، حيث قامت القوائم الحرة بتشتيت أصوات الناخبين، كما ساهم النظام الانتخابي الجديد في تأسيس الجهوية والعروشية، ففي ولاية تلمسان مثلاً بلغ عدد القوائم 59 قائمة، 21 منها حزبية، أما البقية فهي حرة، وبوجود القوائم المفتوحة كل فرد داخل القائمة منوط بأداء حملة انتخابية فردية بعيداً عن العمل الجماعي الذي كان موجود سابقاً، فبعملية حسابية بسيطة وبحكم 12 فرداً بكل قائمة في هاته الولاية سنجد 708 مترشحين، ويبلغ عدد سكان الولاية مليون نسمة أي سينتج عن هذا الكم الهائل من المترشحين برلماني لكل 1400 شخص، الخلاصة من هذا النظام أنه نظام انتخابي عبثي ولم يكن مدروساً بل كان ارتجالياً الغرض الأول منه استجداء الناخبين لإعطاء الشرعية لنظام يحكم برأي الأقلية.

هذه الإرهاصات السياسية التي تثقل كاهل النظام والشعب على حد سواء يجب معالجتها وإعطاؤها طابعاً سياسياً جديداً يمكن الجزائريين من بناء دولة يسودها العدل والقانون، ولكن تطبيق الأبجديات السياسية التي تبني النظم الديمقراطية يلزمها إرادة شعبية وإرادة الحاكم في الآن ذاته، غير ذلك فهو عبث.

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

عبد القادر باغلي
كاتب جزائري
تحميل المزيد