في الوقت الذي ينشغل فيه حالياً نجما الكرة العالمية، البرتغالي كريستيانو رونالدو والأرجنتيني ليونيل ميسي، بالعمل على قيادة منتخبي بلديهما نحو تحقيق إنجاز دولي في مسابقتي بطولة أمم أوروبا لكرة القدم "يورو 2020″ و"كوبا أمريكا 2021" على الترتيب. وفي الوقت الذي يتألق فيه كلا اللاعبين المخضرمين، فإنّ الخبر أو الحدث الأبرز الذي يشغل رأي الجماهير الرياضية العالمية هو الإشاعة التي تم تفجيرها، مؤخراً، حول رغبة نادي برشلونة الإسباني في جمع اللاعبين الغريمين في فريق واحد بداية من الموسم الجديد (2021-2022).
فقد زعمت صحيفة "أس" الإسبانية، الإثنين 21 يونيو/حزيران 2021، أنّ رئيس نادي برشلونة الإسباني، خوان لابورتا، يفكر جدياً في التعاقد مع كريستيانو رونالدو (36 عاماً) لتعزيز صفوف "البرسا" بداية من الميركاتو الصيفي الجاري، ليكون بذلك زميلاً لأسطورة النادي، الأرجنتيني ليونيل ميسي (34 عاماً)، الذي قد يُجدد، من جهته، في الأيام القليلة القادمة العقد الذي يربطه بالنادي الكاتالوني، والذي سينتهي في مطلع شهر يوليو/تموز المقبل.
وإلى غاية كتابة هذه الأسطر لم يصدر أي تكذيب من طرف نادي برشلونة أو من وكيل أعمال كريستيانو رونالدو، مواطنه خورخي مينديز، حول القنبلة المدوية التي فجَّرتها الصحيفة الإسبانية، ما عزّز آمال جماهير "البلوغرانا" وعشاق الكرة العالمية في رؤية النجمين البرتغالي والأرجنتيني ينشطان في فريق واحد بداية من الصيف الجاري. حتى إن محبي ليونيل ميسي الأكثر تعصباً، والذين كانوا "يكرهون" كريستيانو بدأوا مناقشة تغيير ميولهم العاطفية والحلم برؤية الثنائي المميز ضمن فريقهم المفضل وهو يقود هجوم "البرسا" ويدك معاقل المنافسين وخاصة الغريم التقليدي نادي ريال مدريد.
أستسمح جماهير برشلونة لأقول لهم، وبحسب رأيي المتواضع، إنّ هذا الحلم ليس سوى سراب.. وإنّ خبر الصحيفة الإسبانية، ذات الميول المدريدية، ليس سوى قنبلة لصنع الإثارة وربما أيضاً لإحداث ضجة داخل بيت نادي ريال مدريد، ودفعه للتحرك نحو رونالدو في الميركاتو الصيفي بعدما اكتفى إلى حد الآن بتعيين المدرب العتيق الإيطالي كارلو أنشيلوتي خلفاً للفرنسي زين الدين زيدان المستقيل، دون ضم أي لاعب كبير جديد حتى اللحظة.
مصير صفقة القرن
"صفقة القرن" -كما سمَّاها البعض- تبدو مستحيلة الحدوث لاعتبارات عدة، أبرزها الندية الرياضية الكبيرة بين النجمين رونالدو وميسي منذ أكثر من 15 سنة، تنافسا خلالها على تحطيم الأرقام القياسية وحصد الألقاب والجوائز الجماعية والفردية، على غرار "الكرة الذهبية" لأفضل لاعب في العالم، التي نالها البرتغالي 5 مرات (سنوات 2008، 2013، 2014، 2016، 2017) والأرجنتيني 6 مرات (2009، 2010، 2011، 2012، 2015، 2019).
وعلى الرغم من الاحترام المتبادل بين اللاعبين الاثنين، فإنه يستحيل، حسب تلك الندية الطويلة، أن يتنازل كريستيانو عن كبريائه وتبلغ درجة تواضعه حد القبول باللعب في فريق يحمل شارة قيادته ليونيل ميسي.
خيانة ريال مدريد
والسبب المهم الآخر الذي يستبعد حدوث الصفقة، هو أنّ رونالدو يريد الإبقاء على سمعته نظيفة مع جماهير ريال مدريد وعدم خيانة الفريق الذي تجمعه عداوة معروفة مع نادي برشلونة، بحيث يخشى أن يوصف بـ"الخائن" مثلما حدث مع لويس أنريكي، المدرب الحالي لمنتخب إسبانيا، الذي غادر ريال مدريد لما كان لاعباً، نحو برشلونة في عام 1996، بعدما نشط في صفوف النادي الملكي لمدة 5 مواسم كاملة، أو مع البرتغالي لويس فيغو، الذي رحل عن برشلونة نحو ريال مدريد في سنة 2000، بعد 5 مواسم مع النادي الكاتالوني.
السبب الثالث متعلق برونالدو نفسه ويتمثل في عدم رغبة "صاروخ ماديرا" في خوض تجربة مريرة جديدة مع مصالح الضرائب الإسبانية، بعدما أدانته محكمة مدريدية مختصة، في عام 2018، بدفع غرامة مالية قدرها 18.8 مليون يورو والسجن بـ23 شهراً مع وقف التنفيذ، بتهمة التهرب الضريبي من 2011 إلى 2015، أي خلال الفترة التي لعب فيها ضمن فريق ريال مدريد من 2009 إلى 2018، وهي الغرامة التي دفعها كريستيانو في يناير/كانون الثاني 2019، بعد نحو 6 أشهر من مغادرته للنادي الملكي نحو يوفنتوس الإيطالي.
الضرائب الإسبانية لا تُغري رونالدو
فإضافة للدوافع الرياضية والبحث عن تحديات جديدة، فإنّ قضية الضرائب كانت أحد الأسباب التي حسمت قرار رونالدو بالرحيل عن ريال مدريد نحو نادي يوفنتوس في صيف 2018، بحيث إنّ قيمة الضرائب على راتب اللاعب بإسبانيا تفوق نظيرتها بإيطاليا بأكثر من الضعفين، مع العلم أنّ الراتب السنوي للنجم البرتغالي مع فريق "السيدة العجوز" يُقدر بنحو 30 مليون يورو.
فضَّلت ألا أتطرق إلى الصعوبات المالية التي يعاني منها نادي برشلونة في ظل جائحة كورونا التي تعرقل حسم صفقة كريستيانو رونالدو الذي لا يزال متعاقداً مع يوفنتوس إلى غاية صيف 2022، وذلك لأنّ هذه الصعوبات ليست مبرراً كافياً بحكم أنّ رئيس نادي برشلونة، خوان لابورتا، قادر بدهائه على توفير السيولة اللازمة لتمويل الصفقة من خلال بيع بعض نجوم الفريق والتخلص من رواتبهم المرتفعة، إضافة لجلب إيرادات جديدة للنادي من خلال تسويق صورة الفريق الذي يضم في صفوفه أفضل لاعبين في العالم للعشرية الأخيرة، ليكون بذلك رونالدو بمثابة استثمار للنادي الكاتالوني وليس عبئاً عليه.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.