أدى اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة والقمع العنيف من قِبَل الجيش وقوات الأمن الإسرائيلية لمظاهرات فلسطينيي الداخل المحتل واندلاع معركة سمّتها حركة حماس "سيف القدس". تسببت الضربات الجوية الإسرائيلية في مقتل ما لا يقل عن 254 فلسطينياً، من بينهم 66 طفلاً، ودمار هائل في فلسطين.
قدَّم رئيس الوزراء ووزير خارجية بنغلاديش دعم بلاده لنضال الفلسطينيين وأدانوا الهجمات الإسرائيلية. منذ تأسيس بنغلاديش في عام 1971 كدولة ذات أغلبية مسلمة، أكد الشيخ "مجيب الرحمن"، مؤسس الدولة، علانية موقفه المؤيد لفلسطين ووقوفه ضد القمع الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
دعمت بنغلاديش الفلسطينيين ضد إسرائيل خلال حرب "6 أكتوبر" عام 1973، بما في ذلك إرسال فريق طبي وإمدادات إغاثة للفلسطينيين.
في عام 1980، تم إنشاء طابع بريدي محلي يصور المناضل الفلسطيني من أجل الحرية، والمسجد الأقصى المحاط بالأسلاك الشائكة في الخلفية، ونص يحتفي بالمقاتلين الفلسطينيين على أنهم "شجعان" باللغتين الإنجليزية والعربية.
بتأييد من الشيخ مجيب الرحمن، احتوت جميع جوازات السفر على بند: "جواز السفر هذا صالح لجميع دول العالم باستثناء إسرائيل".
العلاقات الثنائية بين بنغلاديش وفلسطين وثيقة وودية. كانت بنغلاديش داعماً ثابتاً للحملة الفلسطينية الدبلوماسية من أجل إقامة دولة مستقلة للشعب الفلسطيني وليس لها علاقات مع إسرائيل. علاوة على ذلك، لدى فلسطين بعثة في داكا، وتقدم بنغلاديش منحاً دراسية للشباب الفلسطيني، ويتعاون البلدان في شؤون أخرى أيضاً.
الآن، في خطوة مفاجئة في 23 مايو/أيار 2021، أعلن وزيرا الخارجية والداخلية أن جوازات السفر البنغلاديشية لن تحمل النص "باستثناء إسرائيل". هذه الخطوة، بعد 50 عاماً من الاستقلال، تتناقض مع التزام مؤسس الدولة تجاه فلسطين والتزام المواطنين تجاه الفلسطينيين.
قال وزير خارجية بنغلادش إنه لم يطرأ أي تغيير على موقف بنغلاديش تجاه فلسطين لأنها لا تزال لا تعترف بإسرائيل. لكن من المعقول بالتأكيد أن نشك في أن هذا الحذف يعني أن العلاقات مع إسرائيل قد تتجه نحو التطبيع.
من ناحية أخرى، إذا كانت إزالة عبارة "باستثناء إسرائيل" لم تغير بالفعل موقف بنغلاديش بشأن إسرائيل، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو: لماذا إزالة هذه الكلمات إذا لم تحدث أي فرق إذا كانت هناك؟
بالفعل، قام نائب المدير العام الإسرائيلي لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ في وزارة الخارجية الإسرائيلية بتغريد: "أخبار سارة! رفعت بنغلاديش حظر السفر إلى إسرائيل. هذه خطوة مرحب بها وأدعو الحكومة البنغلاديشية إلى المضي قدماً وإقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل حتى يتسنى لشعبينا الاستفادة والازدهار".
قال السفير الإسرائيلي في الهند: "نتطلع إلى العمل مع حكومة بنغلاديش، هناك الكثير من القيمة المضافة التي يمكننا أن نقدمها لبعضنا البعض".
هذه تحركات مشؤومة من إسرائيل عندما قال وزير الخارجية إننا سنبقي على عدم العلاقات مع إسرائيل. من الواضح أن الحكومة الإسرائيلية تتوقع المزيد من الحركة في اتجاهها. وقال وزير الداخلية مبرراً إن التغييرات تهدف إلى ضمان أن تتوافق جوازات السفر مع "المعايير الدولية". ومع ذلك، كانت عبارة "باستثناء إسرائيل" موجودة عندما قدمت الحكومة جوازات السفر المقروءة آلياً (MRPs) قبل 10 سنوات. ألم تستوفِ المعايير الدولية في ذلك الوقت؟
يجب أن تحافظ جميع جوازات السفر على معايير منظمة الطيران المدني الدولي (ICAO). ومع ذلك، فإن جوازات سفر بنغلاديش تفي بها بالفعل. جوازات السفر من جميع الدول تلبي ذلك، فلماذا التغيير؟ وما هو المعيار العالمي الذي يتحدث عنه؟ منظمة الطيران المدني الدولي هي المعيار العالمي.
وقال وزير الخارجية: "لم تعد هناك دولة تستخدم هذه الكلمات" باستثناء إسرائيل"، ولا حتى الدول العربية".
إنني مندهش من التعليقات المذكورة أعلاه للوزراء، الذين يجب أن يكونوا على دراية بجوازات سفر العديد من البلدان.
على سبيل المثال لا الحصر، في حين أن ماليزيا لديها علاقات تجارية مع إسرائيل، يحمل جواز السفر الماليزي النص، "جواز السفر هذا صالح لجميع البلدان باستثناء إسرائيل". وباكستان من الدول التي ينص جواز سفرها صراحة على "كل الدول… ما عدا إسرائيل".
اثنتا عشرة دولة على الأقل لا تقبل جوازات السفر الإسرائيلية، بما في ذلك الجزائر وبروناي وإيران والعراق والكويت وليبيا وماليزيا وباكستان والمملكة العربية السعودية وسوريا واليمن.
تنص جوازات السفر الليبية على "كل دول العالم ما عدا فلسطين المحتلة". ليبيا لا تعترف حتى بإسرائيل. جوازات سفر جميع البلدان المذكورة أعلاه متوافقة مع منظمة الطيران المدني الدولي.
على المرء أن يتساءل عما يعنيه وزير الخارجية ووزير الداخلية بالادعاء بأن "ما عدا إسرائيل" لا تستخدمه أي دولة أخرى.
وافق مؤسس الدولة الشيخ مجيب الرحمن على جوازات السفر بعبارة "ما عدا إسرائيل". كما التقى الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات في لاهور عام 1973 في اجتماع لمنظمة المؤتمر الإسلامي. تشمل جوازات السفر التي صادق عليها والد الأمة "باستثناء إسرائيل" وجوازات السفر هذه متوافقة أيضاً مع منظمة الطيران المدني الدولي.
من قرر التغاضي عن الموقف الذي اتخذه والد الأمة، وكذلك الإدلاء بتصريحات غير صحيحة؟ لماذا لم تتم مناقشة هذه الخطوة في البرلمان وفي نقاش مفتوح؟ نختار سياسيينا، ونصوت لهم، وهم مسؤولون أمامنا.
موضوع "المشكلة الإدارية" ذكره وزير الداخلية دون تفصيل كبير. ما هي الصعوبة الإدارية في وجود كلمتين -"باستثناء إسرائيل"- ما لم يتم إصدار جوازات سفر بدونهما؟
من المحتمل جداً أن يكون هذا كله بسبب تأثير الأفراد النافذين والأثرياء الذين أقنعوا السياسيين باتخاذ هذه الخطوة.
نحن بحاجة إلى مساعدة فلسطين، خاصة الآن بعد أن جلبت الأحداث الأخيرة وحدة جديدة بين الشباب الفلسطيني، بما في ذلك الكثيرون داخل إسرائيل نفسها. أطلب إعادة الكلمتين "باستثناء إسرائيل"، في جواز السفر مرة أخرى.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.