الانتخابات الإيرانية.. الاستحقاق في إيران والولادة في الساحات العربية

عربي بوست
تم النشر: 2021/06/04 الساعة 10:54 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/06/04 الساعة 10:55 بتوقيت غرينتش
رويترز

يتوقع المراقبون للشؤون الإيرانية فوز المرشح المحافظ، السيد إبراهيم رئيسي، رئيس السلطة القضائية في إيران، وهو يعتبر من أكثر المرشحين المقربين من مرشد الجمهورية الإسلامية السيد علي خامنئي، وتأتي هذه الانتخابات في مرحلة حساسة لإيران والمنطقة، حيث ينتظر الرئيس المنتخب مجموعة من الملفات الساخنة، فمن اجتماعات فيينا والملف النووي، مروراً بالحوار السعودي-الإيراني الذي تشهده بغداد، والذي سينعكس على مجموعة من ساحات الصراع السابقة بين البلدين، التي تتمدد من بغداد نفسها، مروراً بدمشق وبيروت، وصولاً لصنعاء، فكيف ستبدو الساحات غداة انتخاب الرئيس الإيراني؟

من هو رئيسي؟ وما أبرز محطاته في الدولة العميقة الإيرانية؟

بداية يعتبر حجة الإسلام إبراهيم رئيسي من التيار المحافظ، فهو رجل دين، تتلمذ على يد مرشد الجمهورية آية الله علي خامنئي، يميل إلى الدفاع عن النظام الاقتصادي الموجود في إيران، وهو من أكثر الشخصيات تشدداً في الانفتاح الثقافي على الغرب، وكان المرشد قد وضع  ثقته فيه عدة مرات، عبر تسليمه عدة مراكز حساسة داخل بنية النظام الإيراني، وآخرها في الملف القضائي، حيث كان "مكافحة الفساد" أهم الشعارات التي رفعها. يعتبر شخصية تتمتع بالذكاء، والصلابة التي تصل إلى التشدد والحزم.

مما لا شك فيه أن المفاوضات في فيينا لن تتغير من حيث المضمون، فالنقاش من حيث القرار النهائي في إيران حول الموضوع النووي والصواريخ الدقيقة يعود إلى المرشد، بعيداً عن شخصية الرئيس الإيراني، فالمرشد كما هو معلوم أعلى سلطة في إيران، والقرار الاستراتيجي في الخارجية سيكون من صلاحياته، إلا أنه  من حيث الشكل والأسلوب في المفاوضات قد تتغير، فالسيد إبراهيم المنتمي إلى تيار المحافظين سيحاول رفع سقف التفاوض، وهي نتيجة طبيعية لخسارة التيار الإصلاحي، المضروب بسهام الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.

تبحث إيران عن تحصيل أكثر عدد ممكن  من مصالحها، ويأتي الاقتصاد بمقدمتها، ويعتبر رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على طهران من مكاسب تحصيل الحاصل، وهو ما سينعكس بشكل إيجابي على الداخل الإيراني، الأمر الذي سيعطي الرئيس المنتخب زخماً كبيراً في الداخل والخارج بعد سنوات عجاف مرت بها مرحلة روحاني في عهد ترامب.

العراق ولبنان والنسخة الإيرانية الحديثة

وتتجه الأنظار في العراق إلى موضوعين رئيسيين؛ الموضوع الأول مكافحة الفساد، أما الموضوع الثاني فهو فوضى الميليشيات المسلحة، ويأتي الحوار السعودي الإيراني، لتكون الساحة العراقية المنهكة من الصراع السني الشيعي أبرز الساحات لاختبار جدية هذا الحوار، ويأمل رئيس الحكومة العراقي مصطفى الكاظمي في أن يستفيد من الحوار، لمكافحة الفساد الذي يغرق فيه العراق، وقد تكون الفترة المناسبة لحملة اعتقالات تطال رؤوساً كبيرة، تغرق في مستنقع الفساد، بالمقابل تبدو معركة الميليشيات والقرار السيادي أصعب المعارك، إلا أن هنالك فرصة تلوح بوجود الكاظمي على رأس الهرم السياسي في العراق.

أما في لبنان الذي يشبه حال العراق من حيث الإشكاليات، يبقى وضعه أكثر تعقيداً، فإيران تعتبر حزب الله الورقة الأقوى في المنطقة، وهو الواقع الملموس، وهذا يعني أنه غير خاضع للتسويات على حسابه أقله في الوقت الحاضر، أما من الناحية السنية، فواقعياً يبقى رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، الممثل الأقوى للسنة، ويبدو أنه حتى اليوم ليس هناك بديل حقيقي واقعي يمكن أن يحل محله في الزعامة، ويرى الكثير من المراقبين أنه سيبقى زعيم أكبر كتلة نيابية حتى ولو جرت انتخابات مبكرة، بعيداً عن الجو الذي تركته ثورة 17 تشرين التي لم تستطع حتى اللحظة إفراز بدائل واقعية، ويبقى السؤال الأبرز: هل سيبقى الدور السعودي منكفئاً عن الداخل الحكومي في لبنان، أم أن الرئيس الحريري الذي بادر سابقاً إلى فكرة ربط النزاع مع حزب الله وإقامة جلسات الحوار، سوف يكون رجل المرحلة القادمة، وسينعكس الحوار السعودي-الإيراني في الساحة اللبنانية، بحكومة تأخذ الثقة الإقليمية؟ 

اليمن خاصرة السعودية

يتوقع المراقبون أن تكون ساحة اليمن المتأزمة أبرز الساحات التي ستعكس النية الحقيقية للسعوديين والإيرانيين في الحوار، فالسعوديون يريدون إنهاء الحرب في اليمن وإيجاد استقرار على جبهتهم الجنوبية، بالمقابل يرد الإيرانيون ترجمة سياسية لفائض القوة عند الحوثيين، في النظام اليمني، ويبدو أن الحاجة السعودية لإنهاء الحرب ستكون الدافع الرئيسي للإسراع في التوصل لاتفاق ينهي معاناة اليمنيين.

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

خالد الحج
باحث لبناني ومستشار سياسي
باحث لبناني ومستشار سياسي
تحميل المزيد