دعم المتمردين ومنع انتشار الديمقراطية والسيطرة على موانئ القارة.. عن مخططات الإمارات في إفريقيا

عربي بوست
تم النشر: 2021/05/25 الساعة 13:22 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/05/25 الساعة 13:46 بتوقيت غرينتش
الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي مع الرئيس الإريتري أسياس أفورقي ورئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد/رويترز

تمضي دولة الإمارات في محاولات تعزيز حضورها ودورها في القارّة الإفريقية، رافعةً في ذلك مجموعة لافتات بعضها متهافت وبعضها ذو طابع وصائي، مستبطنة قدرة متصوَّرة أكبر مما تمتلك فعلاً.

وفيما تُحاوِل التنظير لخطواتها بوصفها تصبّ في صالح تنمية القارّة السمراء وإرساء الأمن والاستقرار فيها لا تفتأ المشاكل الإفريقية تتزايد، بإسهام من الإمارات، التي تُقدّم مصالحها، ومصالح حلفائها مثل فرنسا، وخصوصاً الجدد منهم، أي الإسرائيليين، على أيّ اعتبار آخر.

وتعول الإمارات على اتفاقية منطقة التجارة الحرة بإفريقيا في كسب مزيد من الفرص، حيث تحاول الشركات الإماراتية تمهيد الطريق لبناء العلاقات في سوق القارة. ولكن في الآونة الأخيرة كشفت التقارير الصحفية حقيقة الشعارات التي تهتف بها الإمارات، وتظهر نوايا أبوظبي الهدامة في القارة السمراء، الأمر الذي دعا حكومات هذه البلدان لتوجيه الاتهامات لها.

وجهت حكومة الصومال انتقادات شديدة اللهجة إلى الإمارات، على خلفية موقف الأخيرة إزاء الاضطرابات الأمنية التي شهدتها العاصمة مقديشو مؤخراً. كما انتقد وزير الإعلام الصومالي عثمان أبوبكر التصريحات الصادرة من حكومة الإمارات، واعتبر أن أبوظبي تتدخل في الشأن الداخلي للصومال وتسعى لعرقلة الانتخابات، وأضاف أن الإمارات تنتهك القانون الدولي والأعراف الدبلوماسية بين البلدين.

أما في إثيوبيا، فإن الحكومة راضية تماماً عن الدعم الذي تقدمه الإمارات لها من مساعدات إنسانية وعتاد لتسليح جيشها، لكن خفايا هذا الدعم أبعد من ذلك. حيث تقوم الإمارات بدعم الحكومة الإثيوبية لزعزعة أمن واستقرار المنطقة، عن طريق دعمها مشروع بناء سد النهضة والبدء في تعبئته، الأمر الذي يتعارض مع المصالح المصرية، وقد يقود إلى قيام حرب بين البلدين، ما سيصب في مصلحة أبوظبي، فكلما ساء حال العلاقات بين دول إفريقيا، زادت سلطة ونفوذ الإمارات في القارة.

وتشق الإمارات طريقها من إثيوبيا إلى السودان، حيث تطمح إلى المزيد من التوسع في نفوذها عبر السيطرة على الموانئ، وتركز في ذلك على موانئ السودان، مستغلةً ما تعانيه البلاد من اضطرابات وأزمة اقتصادية شديدة. فبعد أن تم عزل الرئيس السابق عمر حسن أحمد البشير، أسرعت أبوظبي للإعراب عن دعمها الحكومة السودانية المؤقتة ودعم العسكر لاستخدامهم لاحقاً. وقد حذر كثيرون في السودان من نوايا الإمارات في احتكار موانئ البلاد المُطلة على البحر الأحمر.

وبالحديث عن الموانئ، يُذكر أن الإمارات استأجرت ميناء عصب لشن هجماتها العسكرية على اليمن بالتحالف مع السعودية وبدعم خفي من فرنسا. كما سعت لاحتكار موانئ جيبوتي من خلال هيئة موانئ دبي، التي أرادت أن تصبح لاعباً أساسياً في أنشطة الموانئ في البلاد، لكن رئيس جيبوتي إسماعيل عمر غليه قام بإلغاء الصفقة.

وتعتبر محاولة الإمارات في جيبوتي بطلب من فرنسا، حيث إن باريس كانت الداعم الأساسي والتاريخي لسيادة جيبوتي، إلا أن الحماية الفرنسية لم تعد كافية في ظل وجود العديد من القوى العالمية المُتنازعة، ما دفعها إلى طلب الدعم من أبوظبي.

وبالانتقال من غرب إفريقيا إلى شرقها، يمكننا أن نرى بوضوح مدى التعاون بين الإمارات وفرنسا في زعزعة استقرار دول الشرق مثل تشاد وليبيا. ففي ليبيا كانت الإمارات الداعم الأول لخليفة حفتر، الذي شن هجوماً عُرف بعمليات الكرامة على العاصمة الليبية طرابلس للقضاء على حكومة الوفاق المعترف بها دولياً.
والإمارات حصدت العديد من الخسائر في ليبيا بعد فشل عمليات الكرامة. كما يُعتبر مقتل الرئيس التشادي إدريس ديبي على يد متمردي جبهة التغيير والوفاق مسألة مثيرة للشك والريبة. فمن المعروف أن فرنسا لطالما كانت موجودة لحماية وجود الرئيس التشادي في منصبه، وأحبطت العديد من محاولات المتمردين الرامية للانقلاب عليه. ويُذكر أن فرنسا شنت هجوماً على متمردي التغيير والوفاق في تشاد في عام 2019 لحماية الرئيس التشادي الراحل، حيث دام القصف بالطائرات الحربية مدة ثلاثة أيام.

وتؤكد بعض المصادر أن هناك دعماً خفياً يتلقاه المتمردون من قبل دولة الإمارات العربية المتحدة، التي تلعب دوراً هداماً في عدة دول إفريقية، أبرزها ليبيا وتشاد المتجاورتان.

الرئيس الشادي الراحل إدريس ديبي مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون/رويترز

ويرى متابعون للشأن الإفريقي أن الإمارات قامت بالاتفاق مع فرنسا على تغيير مسار القوى والاستراتيجيات الموضوعة، بهدف خلق مزيد من البلبلة والعنف في مناطق النزاع الإفريقية من أجل السيطرة على الموارد العديدة الموجودة هناك، وممارسة التجارة غير القانونية من تهريب البشر والأسلحة والمخدرات من وإلى القارة السمراء.

فالدعم اللوجستي والعسكري الذي تلقته قوات جبهة التغيير والوفاق في تشاد، تؤكده الأنباء العديدة حول انسحاب مجموعات تشادية مقاتلة من مقرها جنوب ليبيا في منطقة أم الأرانب والجفرة، والتوجه إلى تشاد للمشاركة في الأعمال العدائية ضد القوات الحكومية.

وشرّع عملية انسحاب المرتزقة التشاديين باتجاه جنوب البلاد قرار مجلس النواب الليبي الأخير بحجة حماية الحدود الجنوبية. ومن المعلوم أن الإمارات تملك قواعد عسكرية في العمق الليبي -مصر على الحدود الليبية- تؤمن الأسلحة والذخيرة لحلفائها وتدعم المرتزقة والمتمردين، وتفرض على اللاعبين السياسيين شروطها.

للتعاون الإماراتي الفرنسي في القارة السمراء أهداف عديدة، منها السيطرة على الموانئ البحرية والاستفادة من ثروات البلدان عن طريق استغلال حاجتها، مثل السودان، أو عن طريق تأجيج الصراعات وافتعال الحروب الأهلية بدعمها لجميع أطراف النزاع الداخلي في البلدان التي تستهدفها مثل تشاد وليبيا.

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

محمد المختار
معد برامج وكاتب صحفي
محمد المختار، محرر أخبار ومُعِد برامج وكاتب صحفي، تخرج في معهد الصحافة بتونس، وحاصل على ليسانس الآداب من جامعة نواكشوط