إيلون ماسك؛ ثالث أغنى رجل في العالم، وصاحب شركتي تيسلا للسيارات الكهربائية و spaceX، المتخصصة بمجال الفضاء.
مؤخراً؛ بدأ إيلون ماسك الاستثمار في العملات الرقمية المشفرة – خلال الأشهر التي مضت – وتحديداً في عملتين مشفرتين: بيتكوين ودوج كوين، وبفترات زمنية متفاوتة.
إيلون ماسك، باشر الاستثمار في العملات الرقمية المشفرة، تزامناً مع تغريداته الشهيرة على مواقع التواصل الاجتماعي، وتحديداً على صفحته الشخصية، على موقع "تويتر".
تغريداته كانت مؤثرة جداً على سوق العملات الرقمية المشفرة، وما زالت لحد الآن مؤثرة بالسلب وبالإيجاب، حسب نوعية التغريدة وحسب مصالحه الشخصية.
أصبح العالم ينتظر يومياً، من إيلون ماسك عن أي شركة أو مؤسسة؛ أو لأي عملة مشفرة سيُغرِّد. أصبحت تغريدات إيلون ماسك، تنافس أكبر الشركات الدعائية الضخمة، المتخصصة في الإعلانات والتسويق، والتي تُكلِّف ملايين الدولارات، بعكس تغريدة إيلون ماسك التي لا تُكلِّفُ سنتاً واحداً.
إيلون ماسك يعتمد استثماره في العملات الرقمية المشفرة، على عمليات الضخ pump والتفريغ dump. بدأت تتضح لنا مؤخراً؛ استراتيجيته، من خلال تغريداته المتناقضة عن العملات المشفرة، وتحديداً عن عملتي بيتكوين ودوج كوين.
ما استراتيجية الضخ "pump" والتفريغ "dump"؟
استراتيجية الضخ والتفريغ، هي نوع من الحيل التي يتبعها الكثير من المستثمرين، في أغلب البورصات العالمية، منذ العقد الأخير من القرن الماضي، وحتى هذه اللحظة يتم تطبيقها.
زاد الاعتماد على هذه الاستراتيجية، أكثر في سوق العملات الرقمية المشفرة مؤخراً ، وعملية الضخ pump هي عملية يتم من خلالها رفع قيمة سعر السهم أو العملة المشفرة، من قيمتها الدونية بشكلٍ مصطنع. بعد الرواج لها وتضخيمها من قبل المتلاعبين.. أقصد المستثمرين الكبار، وإقناع المستثمرين الصغار بطرقٍ مختلفة، لشراء سهم معين أو عملة مشفرة، موهمين المستثمرين الصغار، بأن سعر هذا السهم أو عملة معينة سترتفع قيمتها في المستقبل، ما يؤدي إلى ارتفاع سعر السهم أو العملة الرقمية المشفرة بشكلٍ حاد، ومن ثم يبيعونها بسعرٍ مرتفع، محققين أرباحاً خيالية قبل تفريغ مراكزهم "dump"، وتوريط المستثمرين الصغار.. ضحية هذه الفقاعة.
طريقة إيلون ماسك كانت أكثر ابتكاراً. مستغلاً شهرته، وشخصيته الاقتصادية المؤثرة على الاقتصاد العالمي.
اعتمد على استراتيجية الضخ والتفريغ، من خلال تغريداته المثيرة للجدل، على موقع "تويتر"؛ التي لا تُكلِّفُه سنتاً واحداً، عكس عملية الضخ والتفريغ التقليدية؛ التي تُكلَّف ميزانية خاصة، من خلال عدّة أساليب. منها التسويق، ونشر أخبار إيجابية كاذبة، وإعلان البيانات الحسابية الخاطئة لشركة معينة، وتضخيم قيمتها الحقيقية.
نلاحظ كيف غدر إيلون ماسك، بمستثمري عملة بيتكوين، عندما غرَّد على صفحته الشخصية، قبل عدة أشهر، بأنه سيتعامل مع عملة بيتكوين، كوسيلة دفع لشراء سيارات شركته؛ تيسلا.
بعد هذه التغريدة، ارتفع سعر عملة بيتكوين بأرقامٍ قياسية، ولكن في الفترة الأخيرة، غيَّر إيلون ماسك رأيه، حول عملة بيتكوين عبر تغريدة على صفحته. أعلن أنهُ سيوقف التعامل مع بيتكوين كوسيلة دفع، بسبب أضرارها على البيئة الناجمة، من خلال عمليات التعدين لعملة البيتكوين، واستهلاك كميات كبيرة من الكهرباء، ولم يكتفِ إيلون ماسك فقط بهذا الهجوم العكسي، على عملة بيتكوين، بل عاد مجدداً ليهاجم عملة بيتكوين عبر تغريدة، زاعماً هذه المرّة، أنه سيبيع عملات بيتكوين التي يحتفظ بها، ولكن سرعان ما قام بحذف تغريدته، ما سبب إرباكاً لسوق العملات المشفرة، وتحديداً بيتكوين. مسبباً خسائر فادحة للمستثمرين في عملة بيتكوين، بعد الهبوط الحاد لأغلب العملات الرقمية المشفرة.
توجد ضبابية أيضاً لدى إيلون ماسك: هل باع عملة بيتكوين؟ التي اشتراها بقيمة مليار ونصف دولار قبل عدة أشهر أم لا؟
لأن عملة بيتكوين عملة مشفرة يتم شراؤها وبيعها بآليّة مشفرة، دون كتابة اسم المشتري والبائع. فقط تكتب على شكل رموز وكود خاص، بحيث لا يعلم أحد من صاحب هذه العملة.
بعد الضربة الموجعة التي طالت أغلب العملات الرقمية المشفرة، من قبل البنك الشعبي الصيني؛ التي فتحت النار على العملات المشفرة مرتين. المرة الأولى بإصدارها قراراً يمنع التعامل مع العملات المشفرة، واستخدامها كوسيلة للدفع. المرّة الثانية؛ بعد اتخاذ إجراءات صارمة ضد تعدين عملة بيتكوين، وبذلك هبطت أغلب العملات الرقمية المشفرة هبوطاً حاداً، وعلى رأسها بيتكوين، ومن ضمنها عملة دوج كوين؛ التي يمتلك إيلون ماسك، جزءاً كبيراً منها.
كانت ضربة موجعة له أيضاً، لأنه يعتبر الراعي الرسمي لهذه العملة، وبفضل تغريداته الداعمة لهذه العملة، أصبحت رابع أكبر عملة رقمية مشفرة في العالم، وفقدت العملات الرقمية المشفرة، حوالي تريليون دولار من قيمتها السوقية، ولذلك نلاحظ خلال الأيام الأخيرة أن إيلون ماسك يحاول لملمة جراحه، من خلال قيامه بعدة تغريدات، على صفحته الشخصية، في موقع تويتر، مروجاً مرّة أخرى لعملة دوج كوين، بهذه التغريدات المثيرة للجدل، طامحاً رفع قيمة عملة دوج كوين ما يقارب من 0.35 سنت إلى دولار واحد، لكي يجني أرباحاً خيالية من خلال عملية الضخ pump لهذه العملة، ولتعويض خسارته من تراجع عملة دوج كوين. كذلك تراجع قيمة أسهم شركته تيسلا، وتراجعه في تصنيف أثرياء العالم: من المركز الأول إلى المركز الثاني، والآن استقر في المركز الثالث.
لا نستطيع في الختام، أن نخفي أو ننكر أن قوة إيلون ماسك تضاهي قوة قادة دول من الناحية الاقتصادية، وأنه قوة مؤثِّرة على اقتصاد العالم.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.