من أناشيد الحجارة والسكاكين إلى قصف تل أبيب.. قصة نجاح المقاومة الفلسطينية

عربي بوست
تم النشر: 2021/05/21 الساعة 10:03 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/05/21 الساعة 10:05 بتوقيت غرينتش
عناصر من عز الدين القسام/ الأناضول

مرت القضية الفلسطينية بمراحل عديدة عبر تاريخها الطويل مع الاحتلال الصهيوني. فمن الاستيطان للقتل للاعتقالات وعمليات التهجير القسري.  حتى بات أصحاب الأرض والحق بين مطرقة الكيان المغتصب وسندان تخاذل الحكام العرب، وعلى الرغم من ذلك كانت وما زالت القضية حية في قلوب ملايين الأحرار حول العالم، وليس المسلمين والعرب فقط.

وفي ظل حالة الركود التي عاشتها الأمة الإسلامية عامة والقضية الفلسطينية خاصة مع توالي النكبات، كانت الأغاني والأناشيد الحماسية إحدى وسائل دعم فلسطين والمقاومة وتجذير حضورها في نفس الأطفال والشباب العربي. وربما أيضاً التنفيس عن غضب وضيق يجثم على الصدور. تنوعت الأعمال الفنية الداعمة لفلسطين والمقاومة، خلال أكثر من 20 عاماً مضت، وتربت عليها الأجيال الشابة، من أوبريت "الحلم العربي" إلى أنشودة "حماس يا نور العين".

أجيال ورا أجيال.. الحلم العربي ودعم فلسطين بالصدفة 

في عام 1998 شارك عدد كبير من فناني الوطن العربي في ظهور أوبريت "الحلم العربي" للنور، أغلب الدول العربية كان لها ممثل عنها في الأوبريت. من مصر تواجد كل من أنوشكا ومحمد الحلو، ونبيل شعيل من الكويت، وأصالة من سوريا، ومن لبنان وليد توفيق، وغيرهم الكثير، شاركوا جميعاً من أجل توصيل رسالة الأوبريت وهي توحيد الأمة العربية من أي مكان في الأرض ينطق أهله بلسان الضاد وبأعلى الصوت والنبض بنقول الوحدة ميلاد. 

أراد صناع الأوبريت أن يساهموا في تقليل الفجوة الكبيرة بين الدول العربية، ثم الوصول لمرحلة الاتحاد الكامل، لكن في سبتمبر/أيلول 2000، ذاع صيت الأوبريت بشكل مختلف، عقب انتفاضة الأقصى الثانية، التي اندلعت بعد تدنيس وزير الدفاع الصهيوني الأسبق شارون لساحة المسجد الأقصى.

انتشر الأوبريت وأذاعته القنوات التلفزيونية العربية بصورة مكثفة، ليشارك في دعم القضية الفلسطينية بالصدفة، ويساهم في إبقاء القضية في عقول وقلوب كل طفل عربي، صار اليوم رجلاً، قبل أن يفعل ذلك مع الكبار، وتبقى الحقيقة الثابتة "أجيال ورا أجيال هتعيش على حلمنا واللي نقوله اليوم محسوب على عمرنا". 

كتائب القسام.. لم يعد بعد الحجر سكين وفقط

كبرنا على كلمات المنشدين أشرف زهران ومحمد نجيب، وهما ينشدان للمقاومة. ففي أنشودة"حماس يا نور العين" التي تبدأ بتحية ومدح حركة المقاومة الإسلامية حماس لما كانت تقوم به حينها، من عمليات الطعن بالسكاكين والعمليات الفدائية ضد المحتلين، في ظل ضعف قدراتها العسكرية حينذاك. فتتمحور أسمى الأماني حول استبدال رشق العدو الغاصب بالحجارة إلى الطعن بالسكين، وبعدها الاستشهاد والفوز بالجنة، "حماس […] يا درة الجهاد، بعد الحجر سكين، وبعدها استشهاد".

تجاوزت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" التي تأسست في ١٩٨٧، مرحلة  تلك الأنشودة بكثير، وأصبحت تستهدف كل الأراضي المحتلة، لا بالحجارة بل بالصواريخ! 

"سكينك صارت صاروخ" كلمات مقتضبة دونتها حماس على أحد صواريخها المتجه إلى الأراضي المحتلة، إهداءً إلى روح الشهيد محمد علي.. "كوماندوز السكاكين"، لتهبط بلا سلام على رؤوس المحتلين.

في الحرب الأخيرة، أعلن الجناح العسكري لحماس، "كتائب القسام" عن دخول صاروخ (عياش- 250) للخدمة، حيث يصل مداه إلى أكثر من 250 كيلو متراً، وبقوة تدميرية تفوق كل ما تملكه المقاومة من صواريخ، وأهدته إلى أحد أبرز قادتها الراحلين، الشهيد يحيى عياش، الذي اغتاله الاحتلال عام 1996. ولم تكتف المقاومة بالإعلان فقط عن دخول الصاروخ للخدمة، بل استهدفت به مطار رامون، الواقع على بعد 220 كيلومتراً من قطاع غزة.

ضرب تل أبيب في الحقيقة.. وليس في كلمات الأغاني 

"سكينك صارت صاروخ" كلمات مقتضبة دونتها حماس على أحد صواريخها المتجه إلى الأراضي المحتلة، إهداءً إلى روح الشهيد محمد علي.. "كوماندوز السكاكين"، لتهبط بلا سلام على رؤوس المحتلين.

تلك الكلمات المعدودة تختصر رحلة كبيرة من الإعداد والتطوير خاضتها المقاومة الفلسطينية، في تطبيق عملي لقوله سبحانه وتعالى "وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ". 

بينما كان العرب ونحن منهم ومعهم، نزعق بالأناشيد الحماسية، ونرفع أصوات الكاسيت إلى حدها الأقصى، وندك عاصمة الاحتلال تل أبيب، ونضرب منهم كل بنان، في خيالنا فقط، كانت المقاومة بفصائلها المتنوعة، تعمل بكل جهد لتطوير قدرتها العسكرية، وعلى رأسها حركة المقاومة الإسلامية حماس.

يحكي أسير فلسطيني محرر عن  التجارب الأولية لتصنيع الصواريخ، التي نفذتها حماس من أجل صناعة سلاحها الصاروخي، فيكشف أن أول تجربة إطلاق صاروخ كانت بمدى 500 متر، وخرج الصاروخ يسير مثل الثعبان، فأخبروا الشهيد أحمد ياسين، فطلب منهم الاستمرار في التجارب للتطوير، وخلال سنوات قليلة من تلك الواقعة، شهدت القدرة العسكرية للمقاومة قفزات نوعية هائلة.

ونكمل نحن الغناء: 

أُضرب والريح تصيح.. تسلم يا حامي الدار.. 

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

بلال فتيان
مدون مصري
مدون مصري
تحميل المزيد